هل يتجسس فيسبوك علينا؟ خطوات حماية خصوصيتك الآن

هل سبق لك أن تحدثت عن شيء ما مع صديق، ثم بعد دقائق وجدت إعلانًا عنه يظهر أمامك في تطبيق فيسبوك؟ قد تكون لم تكتبه، لم تبحث عنه، وربما لم تشاركه من قبل، لكنه ظهر هناك كأنه اقتحم عقلك! هذا الموقف المتكرر أصبح أكثر من مجرد صدفة، بل تحوّل إلى ظاهرة عالمية دفعت الكثيرين للتساؤل: هل يقرأ فيسبوك أفكارنا؟

في هذا المقال، نكشف الغطاء عن حقيقة هذا الجدل، ونخوض رحلة لفهم آلية عمل فيسبوك في جمع البيانات، مع تقديم دليل عملي لحماية خصوصيتك من التتبع الخفي والخوارزميات الذكية التي تراقب كل نقرة وكل نفس.

هل فعلاً يقرأ فيسبوك أفكارنا؟ بين الخيال والواقع

رغم أن الفكرة تبدو وكأنها خرجت من فيلم خيال علمي، إلا أن كثيرًا من المستخدمين يجزمون بأن فيسبوك “يستمع لهم” أو “يقرأ أفكارهم”، خاصة عندما تظهر إعلانات أو توصيات لمجرد أنهم تحدّثوا عنها شفهيًا.

لكن الحقيقة حسب تصريحات شركة ميتا (المالكة لفيسبوك)، هي أن التطبيق لا يستخدم الميكروفون لتسجيل المحادثات أو الاستماع إلى ما يدور في الخلفية. ومع ذلك، يبقى هناك تفسير منطقي آخر أكثر واقعية: فيسبوك لا يحتاج إلى قراءة أفكارك، لأنه يعرفك جيدًا!

فالتطبيق يجمع كمًا هائلًا من البيانات حولك:

• الأماكن التي تزورها
• التطبيقات التي تستخدمها
• الصفحات التي تتفاعل معها
• المنتجات التي تنظر إليها دون أن تضغط عليها
• المدة الزمنية التي تمكثها عند كل منشور

ومن خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل السلوك، يستطيع فيسبوك التنبؤ بما يشغلك، بل وما ستفكر فيه لاحقًا!

كيف يتجسس فيسبوك دون أن تدري؟ أدوات التتبع الصامت

إليك كيف يعرف فيسبوك عنك أكثر مما تتوقع:

1. نشاطك خارج فيسبوك
يسجل فيسبوك تفاصيل المواقع والتطبيقات التي تزورها، حتى لو لم تكن داخل التطبيق نفسه، وذلك من خلال ما يُعرف بـ”النشاط خارج فيسبوك”، والذي توفره الشركات المتعاملة مع فيسبوك لمشاركة بيانات الزبائن.

2. الأذونات الخفية
بمجرد تحميل التطبيق، يمنحه كثير من المستخدمين صلاحيات مثل الوصول إلى الميكروفون، الكاميرا، جهات الاتصال، والموقع الجغرافي، دون مراجعة.

3. الذكاء الاصطناعي وتحليل الأنماط
حتى دون تسجيل مباشر، يستطيع فيسبوك الربط بين عدة متغيرات وتقديم توصيات دقيقة، عبر خوارزميات معقدة تعتمد على تحليل العادات الرقمية للمستخدم.

خطوات عملية لحماية خصوصيتك من تتبع فيسبوك

1. احذف النشاط خارج فيسبوك

فيسبوك يجمع بياناتك من كل موقع أو تطبيق آخر تزوره. لحذف هذا النشاط:

• ادخل إلى الإعدادات
• اختر “نشاطك خارج فيسبوك”
• اضغط على “مسح السجل”
• أوقف “إدارة النشاط المستقبلي”

2. تحكم في الأذونات

امنح فيسبوك فقط ما يحتاجه من صلاحيات، وراجع إعدادات الخصوصية دورياً.

على أندرويد:

• الإعدادات > التطبيقات > فيسبوك > الأذونات
• أوقف صلاحيات مثل الكاميرا، الميكروفون، الموقع

على آيفون:

• الإعدادات > فيسبوك > أزل الوصول للكاميرا والميكروفون

3. قلل تخصيص الإعلانات

• من الإعدادات > الإعلانات
• أوقف خيار “بيانات من الشركاء”
• احذف الاهتمامات والإعلانات السابقة

4. استخدم متصفحات آمنة

عند استخدام فيسبوك على المتصفح:

• اختر متصفحات تحترم الخصوصية مثل Brave أو Firefox
• ثبت إضافات مثل uBlock Origin أو Privacy Badger

5. لا تستخدم “تسجيل الدخول عبر فيسبوك”

قد يبدو الأمر سهلاً، لكنه يفتح أبوابًا ضخمة أمام مشاركة بياناتك مع تطبيقات وجهات متعددة.

6 خطوات إضافية لحماية أعمق:

• امسح سجل الموقع الجغرافي بانتظام
• لا تشارك تفاصيل حساسة عبر ماسنجر
• حدّد من يمكنه رؤية نشاطك ومشاركاتك
• فعّل المصادقة الثنائية لحماية حسابك
• تابع تحديثات الخصوصية من “سياسات فيسبوك”
• لا تفتح روابط مشبوهة حتى لو كانت من أصدقاء

هل حماية الخصوصية ممكنة في عصر فيسبوك؟

نعم، بشرط أن تتعامل بوعي. يجب أن تدرك أنك منتج رقمي مجاني، وأن بياناتك هي البضاعة الأكثر قيمة على الإطلاق. حين تستخدم تطبيقًا مثل فيسبوك، فإنك تدخل في صفقة غير مكتوبة: “نمنحك المنصة، مقابل بياناتك”.

لكن حين تبدأ بحماية نفسك، فإنك تستعيد السيطرة، وتُقيّد قدرة الشركات على التجسس عليك.

مستقبل الخصوصية في منصات التواصل الاجتماعي

يتزايد الوعي اليوم بضرورة حماية الخصوصية، وهو ما دفع دولًا مثل الاتحاد الأوروبي إلى فرض قوانين صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).

في العالم العربي، لا تزال الحاجة كبيرة لمزيد من التشريعات والرقابة، وكذلك التوعية المجتمعية، خاصة بين الشباب والمراهقين، الذين يُعدّون الفئة الأكثر استخدامًا وتعرضًا للمخاطر.

خلاصة المقال: استرد بياناتك قبل أن تُباع
لنكن واقعيين، لن يتوقف فيسبوك عن تحليل سلوكك، لكنك تستطيع تقليل كمية المعلومات التي يجمعها عنك. باتباع الخطوات التي أوردناها، يمكنك أن تبدأ معركة استرداد خصوصيتك الرقمية.

ليس المطلوب أن تتخلى عن التكنولوجيا، بل أن تتعامل معها بذكاء.