حقيقة تأسيس تيك توك أمريكا – هل يكتب ترمب فصلاً جديدًا في مستقبل التطبيق؟
بينما يعيش العالم على وقع التحوّلات الرقمية الكبرى، يعود تطبيق تيك توك إلى واجهة المشهد السياسي الأميركي، ولكن هذه المرة ليس كمجرد منصة ترفيهية أو أداة تواصل، بل كـ”قضية سيادية” تمسّ الأمن القومي، وتثير جدلًا واسعًا بين مؤسسات الدولة الأميركية وشركات التكنولوجيا الكبرى.
- هل تؤسس الولايات المتحدة نسختها الخاصة من تيك توك؟
- هل فعلاً سيولد كيان جديد يُدعى TikTok America؟
- ما مدى جدية مشاركة دونالد ترمب في هذه الخطوة؟
- ومن هي الجهات التي تسعى للاستحواذ؟ وهل ستتنازل الصين عن خوارزمية التطبيق؟
في هذا المقال الشامل، نستعرض تفاصيل الاقتراح الجديد الذي يُحركه ترمب، حقيقة ما يحدث في كواليس الإدارة الأميركية، أبعاد الصفقة المقترحة، دور الشركات المتنافسة، والسيناريوهات المحتملة لمستقبل “تيك توك” في الولايات المتحدة.
ما هي قصة تيك توك أمريكا؟ ومن يقف خلف المقترح؟
وفقًا لتقارير مسربة نُشرت عبر موقع The Information ومصادر أخرى موثوقة مثل “نيويورك تايمز” و”الشرق”، فإن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يستعد للكشف عن خطة مفصلّة لتأسيس كيان جديد باسم “TikTok America”، يكون بمثابة شركة أميركية مستقلة تملك حقوق تشغيل تيك توك داخل الولايات المتحدة.
الفكرة الجوهرية للمقترح تقوم على:
- فصل عمليات تيك توك الأميركية بالكامل عن الشركة الأم الصينية “بايت دانس”
- تأسيس شركة أميركية جديدة تكون ملكيتها موزعة بين مستثمرين أميركيين و”بايت دانس”
- منح الكيان الجديد ترخيصًا محدودًا لاستخدام الخوارزمية الصينية التي تشغل تيك توك
تفاصيل توزيع الملكية في الكيان الجديد
وفقًا للمصادر:
- المستثمرون الأميركيون سيملكون نحو 50% من “تيك توك أمريكا”
- الشركة الأم “بايت دانس” ستحتفظ بنسبة 19.9% بشكل مباشر
- النسبة المتبقية (30.1%) ستبقى بأيدي مستثمرين حاليين في “بايت دانس”
ما يثير الجدل هنا هو أن الصين لا تتخلى فعليًا عن كل شيء، بل تبقى طرفًا في المعادلة من خلال الحصة المتبقية والتحكم بالخوارزمية – وهي جوهرة تيك توك الرقمية!
لماذا كل هذا الجدل حول تيك توك؟
منذ عام 2020، دخل تطبيق تيك توك في دائرة الاتهام داخل واشنطن بسبب مخاوف تتعلق بـ:
- الخصوصية: تخوّف من إمكانية تسريب بيانات المستخدمين الأميركيين للحكومة الصينية
- الدعاية والتأثير: اتهامات باستغلال الخوارزمية للتلاعب بالمحتوى وتوجيه الرأي العام
- الأمن القومي: احتمال استخدام التطبيق كأداة تجسّس رقمية
وقد تبنّت هذه المخاوف إدارات متعاقبة، من ترمب إلى بايدن، ما جعل تيك توك دائمًا في مرمى التنظيمات والتشريعات المتشددة.
ما هو الموعد الحاسم؟ وهل يواجه تيك توك خطر الحظر الفعلي؟
- على شركة “بايت دانس” أن تجد حلًا لملف تيك توك في أميركا قبل 5 أبريل 2025
- في حال عدم التوصل لاتفاق، قد يتم حظر تيك توك نهائيًا في الولايات المتحدة
- ترمب قد يمنح تمديدًا إضافيًا إذا شعر أن المقترح يسير نحو النجاح
يُذكر أن الرئيس بايدن قد وقع في 2024 قانونًا ينص على أن “أي شركة تقنية أجنبية يجب أن تلتزم بتحديد واضح لمصدر البيانات وحمايتها، مع إمكانية إنشاء كيانات أميركية بديلة.”
من هم المستثمرون المحتملون في “تيك توك أمريكا”؟
🔹 “أوراكل” (Oracle)
- سبق أن دخلت في مفاوضات شبيهة في 2020
- يُتوقع أن تشارك كطرف تقني وأمني في المشروع
- تقدم ضمانات لتخزين بيانات المستخدمين الأميركيين داخل الولايات المتحدة
🔹 “بلاكستون” (Blackstone Group)
- شركة استثمار عملاقة يمكن أن تضخ تمويلًا لإنشاء الكيان الجديد
- تبحث عن استثمار طويل الأجل في قطاع الإعلام الرقمي
🔹 “أمازون” (Amazon)
- بحسب “نيويورك تايمز”، قدمت عرضًا أوليًا لشراء تيك توك أو الدخول كمستثمر رئيسي
- حتى الآن، لم يُؤخذ عرضها على محمل الجد من قِبل الأطراف المعنية
ما موقف “بايت دانس” من المقترح؟
رغم الضغوط، فإن “بايت دانس” الصينية ليست في موقف ضعيف، وهي ترفض:
- التنازل الكامل عن الملكية أو الخوارزمية
- التخلي عن نفوذها الرقمي داخل أكبر سوق عالمي بعد الصين
حتى إن وافقت مبدئيًا على المقترح، فإن الأمر لا يتم دون موافقة رسمية من الحكومة الصينية، والتي سبق أن رفضت تصدير بعض التقنيات الحساسة من ضمنها الخوارزميات الذكية.
هل ستتأثر خوارزمية تيك توك إذا تأسست “تيك توك أمريكا”؟
الخوارزمية هي قلب تيك توك… هي السرّ خلف ما يظهر لك في الصفحة الرئيسية، وكيف يُغذى التطبيق ببياناتك، وكيف تُصمم تجربة الاستخدام.
إذا احتفظت “بايت دانس” بحق ترخيص الخوارزمية فقط، فإن ذلك قد يعني:
- تحكّم جزئي في المحتوى داخل تيك توك أميركا
- احتمال فرض شروط على تحديث الخوارزمية
- قدرة الشركة الصينية على سحب الترخيص في أي وقت
- ولهذا فإن المخاوف الأميركية تبقى قائمة، حتى لو تأسس الكيان الجديد.
هل يتكرر سيناريو “هواوي” مع “تيك توك”؟
يعتقد خبراء التقنية أن ما يحدث الآن مع تيك توك يُشبه كثيرًا ما حدث مع شركة هواوي الصينية، والتي تم عزلها عن النظام التكنولوجي الأميركي بسبب مخاوف أمنية.
لكن تيك توك يختلف من حيث:
- الانتشار الواسع بين المستخدمين الشباب
- قدرته على تشكيل الرأي العام عبر مقاطع الفيديو القصيرة
- رمزيته كأداة ثقافية وتكنولوجية عالمية
ردود أفعال المستخدمين والنشطاء داخل أميركا
مع انتشار خبر تأسيس “تيك توك أمريكا”، انقسمت الآراء:
- “أفضل نسخة محلية مع حماية لبياناتنا من أن يتم الحظر بالكامل.”
- “ترمب يُعيد اللعب بورقة تيك توك لكسب الأصوات الانتخابية!”
- “ما يهمني هو المحتوى. إذا تغيرت الخوارزمية، فربما أترك تيك توك للأبد.”
سيناريوهات مستقبل تيك توك في أميركا
تأسيس تيك توك أميركا بنجاح
→ يحتفظ التطبيق بقاعدته، مع إشراف أميركي رسمي
عدم التوصل لاتفاق قبل 5 أبريل
→ حظر التطبيق من متاجر أبل وجوجل داخل أميركا
تمديد المهلة وتوسيع التفاوض
→ يظل الوضع معلقًا، وسط قلق من تغيّرات مفاجئة
ماذا يعني ذلك لبقية العالم؟
لو نجحت أميركا في فرض نموذج “تيك توك المحلي”، فقد تتبعها:
- أوروبا: بدأت بدورها بمراجعة سياسات الخصوصية الخاصة بتيك توك
- كندا وأستراليا: ناقشتا سابقًا حظر التطبيق لأسباب أمنية
- الهند: حظرته بالفعل في 2020 وتبحث عن بدائل محلية
- هذا النموذج قد يُعيد تشكيل مستقبل التطبيقات العابرة للحدود.
الفقرة الختامية: من منصة فيديوهات إلى مسرح جيوسياسي
ما يحدث الآن لتطبيق تيك توك يثبت أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أدوات، بل أصبحت ساحة صراع دولي.
بين الرغبة في حماية البيانات، والسيطرة على الرأي العام، وامتلاك أسرار الخوارزميات، تقف الحكومات لتقول:
“لن نسمح لتطبيق أن يكون أقوى من الدولة.”
- فهل نعيش قريبًا زمن “الإنترنت المقسّم”؟
- أم يكون “تيك توك أمريكا” أول تجربة ناجحة لموازنة التقنية مع السيادة؟
- الأيام القادمة تحمل الإجابة.