دراسة تؤكد إنستجرام ينشر الإيذاء النفسي بين المراهقين: مخاطر جديدة على الصحة النفسية
في دراسة حديثة نشرها موقع The Guardian البريطاني، تم الكشف عن نتائج صادمة تؤكد أن منصة إنستجرام تساهم بشكل كبير في نشر الإيذاء النفسي بين المراهقين. هذه الدراسة سلطت الضوء على كيفية تأثير إنستجرام، المنصة التي تملكها شركة ميتا، على الصحة النفسية لمستخدميها من فئة الشباب، خاصة في ظل نمو التفاعل والتواصل الاجتماعي على الإنترنت. من خلال دراسة مفصلة، تم التأكيد على أن المنصة تتيح فرصًا كبيرة لنشر المحتوى الضار الذي يعزز السلوكيات المدمرة، مثل إيذاء النفس والاكتئاب.
وفي هذا المقال، سنتناول نتائج هذه الدراسة بشكل موسع، ونناقش المخاطر المحتملة التي قد يواجهها المراهقون في ظل تزايد الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي. كما سنتعرف على دور الشركات الكبرى مثل ميتا في إدارة المحتوى المؤذي، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على صحتهم النفسية بشكل عام.
منصة إنستجرام: موقع التفاعل الاجتماعي الذي يفتح الأبواب للمحتوى الضار
إنستجرام، الذي يعد واحدًا من أشهر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، أصبح خلال السنوات الأخيرة جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب والمراهقين. ووفقًا لآخر الإحصائيات، يبلغ عدد مستخدمي إنستجرام أكثر من مليار شخص حول العالم، منهم نسبة كبيرة من الفئة العمرية الشابة، خاصة المراهقين.
مع الاستخدام الواسع لإنستجرام، أصبح من الطبيعي أن يتفاعل المستخدمون مع الصور والفيديوهات اليومية، بما في ذلك تلك التي تتعلق بالحياة الشخصية للأفراد. ولكن في السنوات الأخيرة، أثبتت العديد من الدراسات أن هذا التفاعل يمكن أن يكون له آثار سلبية على الصحة النفسية، حيث يمكن أن يعزز المراهقين الشعور بالقلق والاكتئاب.
نتائج الدراسة: إنستجرام يساهم في نشر الإيذاء النفسي
الدراسة التي أجرتها مجموعة من الباحثين من الدنمارك أكدت أن إنستجرام لم يقم فقط بتسهيل الوصول إلى المحتوى الضار، بل فشل في اتخاذ خطوات حاسمة لحجب هذا المحتوى. حيث أن منصة إنستجرام تحتفظ بآليات تحقق مرنة للغاية ولا تتابع بشكل كافٍ الحسابات التي تشارك أو تشجع على إيذاء النفس.
كما أظهرت الدراسة أن المراهقين الذين يتفاعلون مع محتوى يتعلق بالإيذاء النفسي على إنستجرام يصبحون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات سلبية مثل الانتحار أو الانخراط في أنشطة ضارة مثل التدخين أو تعاطي المخدرات. هذه النتائج تثير العديد من التساؤلات حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين، وكيف يمكن حماية هذه الفئة الحساسة من الانزلاق إلى دوامات نفسية قد تكون مدمرة.
ميتا: المسؤولية تجاه المحتوى الضار على إنستجرام
شركة ميتا، المالكة لمنصات إنستجرام وفيسبوك، قد تعرضت لانتقادات حادة بسبب فشلها في معالجة محتوى الإيذاء النفسي على منصاتها. وعلى الرغم من أنها اتخذت بعض الخطوات لتحسين سياساتها في هذا المجال، إلا أن العديد من الخبراء يرون أن هذه الإجراءات لم تكن كافية للحد من تأثير هذه المحتويات الضارة على المراهقين.
الدراسة تشير إلى أن ميتا لم تقم بما يكفي من جهود لضمان حماية المراهقين من المحتوى الذي يشجع على إيذاء النفس أو الانتحار. حيث أن المحتوى الضار لا يزال ينتشر بشكل متسارع بين المراهقين، ويشارك فيه الكثيرون دون أي رقابة حقيقية أو تدابير لحظر الحسابات المسيئة.
كيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى إيذاء النفس؟
الإيذاء النفسي عبر الإنترنت ليس مجرد هجوم لفظي على الأشخاص، بل يشمل أيضًا الانخراط في محتوى يعزز أو يشجع على إيذاء النفس. في حالة المراهقين، يمكن أن يتأثروا بشكل كبير عند مشاهدة صور أو مقاطع فيديو تظهر أشخاصًا آخرين يعانون من مشاكل نفسية، مما يدفعهم إلى تقليد هذه السلوكيات المدمرة.
علاوة على ذلك، فإن التفاعلات التي تتضمن تشجيعًا على السلوكيات السلبية مثل الأذى الذاتي قد تؤدي إلى شعور المراهقين بالعزلة. كما يمكن أن يعزز محتوى إنستجرام الموجه نحو الجسم المثالي والصورة الجمالية المبالغ فيها مشاعر القلق والتوتر، مما يجعل المراهقين يتبنون معايير جمالية غير صحية قد تؤدي إلى مشاكل أكبر مثل اضطرابات الأكل.
ما هو الإيذاء النفسي؟ وكيف يمكن أن يؤثر على المراهقين؟
الإيذاء النفسي يمكن أن يشمل مجموعة واسعة من السلوكيات السلبية مثل التنمر، التلاعب العاطفي، والتحقير، وغيرها من الأفعال التي تستهدف تحطيم المعنويات والشعور بالثقة بالنفس. على الرغم من أن هذا النوع من الإيذاء لا يتم عادة باللمس أو العنف الجسدي، إلا أن تأثيراته النفسية يمكن أن تكون شديدة ودائمة.
عندما يتعرض المراهقون لمحتوى ضار أو يتعرضون للتنمر الإلكتروني على منصات مثل إنستجرام، يمكن أن يعانوا من اضطرابات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب، القلق، وفقدان الثقة بالنفس. كما أن التعرض المستمر لهذا النوع من المحتوى قد يزيد من خطر الانتحار، وهو ما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة هذا المحتوى الضار.
كيف يمكن للآباء والمراهقين حماية أنفسهم من هذه المخاطر؟
لحماية المراهقين من تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي السلبية، من الضروري أن يتعاون الآباء مع أبنائهم في تطوير عادات صحية أثناء استخدام هذه المنصات. إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تقليل مخاطر الإيذاء النفسي:
- تفعيل إعدادات الخصوصية: يجب على المراهقين ضبط إعدادات الخصوصية في حساباتهم لضمان عدم وصول أي شخص غريب إلى محتوياتهم.
- التواصل مع الآباء: يجب أن يكون هناك تواصل مفتوح بين الآباء والأبناء حول التفاعلات التي تتم على الإنترنت، وأهمية معرفة تأثير هذه التفاعلات.
- مراقبة الأنشطة الرقمية: يمكن للآباء مراقبة الأنشطة الرقمية لأبنائهم دون التدخل المفرط في خصوصيتهم، وذلك من خلال استخدام برامج المراقبة التي توفر معلومات عن المحتوى الذي يتعرض له المراهق.
- التقليل من وقت الشاشة: يُنصح بتقليل الوقت الذي يقضيه المراهقون على منصات التواصل الاجتماعي، مع توفير الأنشطة البديلة مثل الرياضة أو الأنشطة الفنية التي تحفز الإبداع.
- التدريب على التصدي للإيذاء النفسي: يجب توعية المراهقين بأساليب التعامل مع المحتوى الضار، وتعليمهم كيفية التصدي للتنمر أو التعامل مع الأشخاص المسيئين.
دور الحكومات في التصدي لهذه الظاهرة
من الضروري أن تتخذ الحكومات في جميع أنحاء العالم إجراءات قانونية لحماية المراهقين من الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي. بعض البلدان قد بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات من خلال إصدار قوانين تحد من المحتوى الضار على الإنترنت. وتؤكد الدراسة على ضرورة تكثيف الجهود لضمان أن منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستجرام تتخذ تدابير فعالة لمعالجة الإيذاء النفسي وحماية المستخدمين.
الخاتمة: ضرورة الإصلاح السريع للحد من المخاطرفي النهاية، تبين هذه الدراسة بشكل قاطع أن إنستجرام، ومع كل الإمكانيات التي توفرها منصاته، يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على صحة المراهقين النفسية. ومن الضروري أن تتحمل الشركات المسؤولة عن هذه المنصات، مثل ميتا، المسؤولية عن المحتوى الذي يتم نشره وتداوله على منصاتها. يجب أن نعمل جميعًا، بما في ذلك الحكومات، الشركات، والمجتمع المدني، من أجل إيجاد حلول فعالة لمكافحة الإيذاء النفسي على الإنترنت وحماية صحة المراهقين في العصر الرقمي.