سبب وفاة الإعلامي محمد الشنيفي.. الصحافة الرياضية تودّع أحد أعمدتها

في لحظة امتزج فيها الحزن بالفخر، وغيّب الموت اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025، قامة إعلامية كبيرة من قامات الصحافة السعودية، الإعلامي البارز محمد بن عبدالرحمن الشنيفي، الذي وافته المنية بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا مهنيًا وثقافيًا لا يُنسى، وذكرى خالدة في ذاكرة كل من واكب مسيرته أو قرأ كلماته.

الراحل الذي عرفه الجمهور بلقب “أبو طلال” لم يكن مجرد كاتب رياضي، بل كان أحد المؤسسين الحقيقيين للصحافة الرياضية المعاصرة في المملكة، وصوتًا وطنيًا صادقًا في ميدان الإعلام، سواء من خلال مقالاته النقدية الصريحة أو مساهماته المهنية والتنموية.

من هو محمد الشنيفي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ الاسم الذي سكن ذاكرة جيل كامل

ولد الإعلامي محمد بن عبدالرحمن الشنيفي في المملكة العربية السعودية، وعُرف بشغفه بالصحافة منذ سن مبكرة. وقد جمع بين العمل الحكومي والإعلام، حيث عمل موظفًا سابقًا في صندوق التنمية العقاري، وكان أول رئيس تحرير لمجلة التنمية العقارية، إلى جانب كونه كاتبًا وناقدًا رياضيًا لامعًا في أشهر الصحف والمجلات السعودية مثل:

  • جريدة الرياض
  • مجلة اليمامة
  • صحيفة الجزيرة

وكان له دور كبير في إثراء المحتوى الرياضي السعودي خلال فترة الثمانينات التي تُعتبر العصر الذهبي للصحافة الورقية والتحليل الرياضي العميق في المملكة.

مسيرة حافلة في الصحافة الرياضية

شكلت الثمانينات والتسعينات ذروة تألق الشنيفي، حيث كان أحد الأصوات النقدية المهمة في الإعلام الرياضي، المعروفين بمصداقيتهم وجرأتهم في تناول القضايا الرياضية بكل وضوح وحيادية.

في وقت لم تكن فيه وسائل التواصل الاجتماعي قد وُجدت، كان القارئ الرياضي ينتظر مقالات الشنيفي الأسبوعية بشغف، إذ كانت تحمل تحليلات فنية دقيقة، ومواقف موضوعية، ونقدًا بناءً ساعد في تطوير الفكر الرياضي السعودي، خصوصًا في أوساط المهتمين بكرة القدم والبطولات المحلية.

رئيس تحرير مجلة التنمية العقارية.. تنوّع وتأثير

ولم تكن الصحافة الرياضية وحدها موطئ إبداع الشنيفي، بل امتد تأثيره إلى القطاع التنموي، حيث تولى رئاسة تحرير مجلة التنمية العقارية، التابعة لصندوق التنمية العقاري، وكان له عبرها مقالات مهمة تلامس الواقع السكني والاقتصادي في المملكة.

وفي تلك المقالات، لم يكتفِ بالتقارير أو البيانات، بل حرص على تقديم رؤية تنموية واقعية، تعتمد على مزيج من التحليل المهني والخبرة الميدانية، ما جعله محل احترام وتقدير من صناع القرار والقراء على حد سواء.

التزام مهني وإنساني رفيع

تميّز الإعلامي الراحل بأسلوبه المتّزن والمبني على احترام المهنة، فكان من أوائل الكتّاب الذين رفضوا الإثارة الإعلامية من أجل العناوين، مفضّلًا العمق في الطرح والابتعاد عن الشخصنة والمهاترات الصحفية التي أضرت بسمعة الإعلام في بعض الفترات.

وكانت مواقفه دائمًا معروفة بالنزاهة والشفافية، وهذا ما جعله مرجعًا موثوقًا ليس فقط في القضايا الرياضية، بل في العمل الإعلامي ككل، حيث احتُرم قلمه حتى من أولئك الذين اختلفوا معه في الرأي.

معاناة مع المرض.. ورحيل بهدوء الكبار

رغم تراجع ظهوره الإعلامي في السنوات الأخيرة بسبب ظروفه الصحية، إلا أن اسمه ظل حاضرًا في الذاكرة الجماعية للوسط الإعلامي والجمهور الرياضي، خاصة مع تزايد الاحترام الذي حظي به جيل الروّاد من الإعلاميين.

وقد توفي الشنيفي بعد صراع طويل مع المرض، بحسب ما أفادت به مصادر مقربة من عائلته، التي أوضحت أن الصلاة عليه ستُقام غدًا الخميس بعد صلاة العصر في جامع الراجحي بالرياض، وسيوارى جثمانه الثرى في مقبرة النسيم.

الحزن يخيّم على الوسط الإعلامي

ما إن انتشر خبر وفاة محمد الشنيفي، حتى عمّت موجة حزن عارمة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر عدد كبير من الإعلاميين والكتاب والمحللين عن حزنهم لرحيله، مشيرين إلى أن فقده لا يعوّض، وأنه كان نموذجًا للإعلامي الحقيقي الذي يُقدّر الكلمة ويصون الأمانة المهنية.

وكتب أحد زملائه السابقين في جريدة الرياض:

“رحل من علمنا كيف نحترم الكلمة قبل أن نكتبها، رحمك الله يا أبا طلال”.

بينما غرّد إعلامي آخر:

“أبو طلال كان مدرسة أخلاقية قبل أن يكون مدرسة صحفية.. غيابه خسارة للكل”.

إرث لا يُنسى.. ومسيرة تكتبها ذاكرة الأجيال

لا يمكن الحديث عن تطور الصحافة الرياضية السعودية دون التوقف عند محطة محمد الشنيفي، الرجل الذي عاش في زمن الورق ولكنه كتب للمستقبل، وأسس لمدرسة إعلامية مبنية على:

  • التحليل العميق لا السطحية
  • الاحتراف المهني لا الإثارة المفتعلة
  • الاحترام المتبادل لا المهاترات

وكان من الإعلاميين القلائل الذين جمعوا بين الجانب الصحفي والإداري والتنظيمي، وهو ما منح مسيرته ثراءً وتنوعًا جعلها نموذجًا يُحتذى به للأجيال القادمة.

دروس من سيرة أبو طلال

من بين أبرز الدروس التي يمكن أن نستخلصها من حياة الراحل:

  • التمسك بالمهنية مهما كانت الضغوط
  • الفصل بين الرأي والمعلومة
  • الابتعاد عن العداء الشخصي في العمل الإعلامي
  • الاعتراف بالفضل للجيل السابق واحترامه

خاتمة: وداعًا محمد الشنيفي.. قامة لا تغيب
برحيل محمد بن عبدالرحمن الشنيفي، تطوي الصحافة السعودية واحدة من أبرز صفحاتها الذهبية، لكنه لم يرحل من قلوبنا. ستظل كلماته تُقرأ، ومواقفه تُروى، وأثره حيًا في صفحات الصحف القديمة وفي ذاكرة من تعلموا منه.

هو لم يكن فقط ناقدًا أو كاتبًا، بل كان أبًا مهنيًا لكثير من الإعلاميين، وصوتًا عاقلًا في زحام الأصوات. رحم الله أبا طلال، وغفر له، وجعل ما قدّمه من خدمة للإعلام والوطن في ميزان حسناته.

رقية أحمد

كاتبة شابة واعدة، تتميز بنظرتها الثاقبة وحسها الفني المرهف. تمتلك قدرة فائقة على صياغة الكلمات وتحويلها إلى لوحات فنية تعكس الواقع وتلامس وجدان القارئ. تتناول رقية في كتاباتها قضايا متنوعة، من الحياة اليومية والتجارب الشخصية إلى القضايا الاجتماعية والثقافية الملحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !