سبب وفاة مطلق بن مشرف القحطاني الحقيقي .. تفاصيل الوداع الحزين للفارس الشهم
في زمنٍ قلّ فيه الرجال من طرازٍ نادر، ترجّل اليوم أحد رموز الفروسية في الخليج، الشيخ مطلق بن مشرف بن شنان القحطاني، تاركًا خلفه سيرةً تتردّد في ميادين السباق ومجالس الخيالة ومحافل العز.
لم يكن مجرد اسم لامع في ساحات الفروسية، بل كان قلبًا نابضًا بكل ما تمثله هذه الرياضة العريقة من أصالة وعراقة وهوية وطنية.
ومع إعلان خبر وفاته، توشّح المشهد الفروسي بالحزن، إذ خسر الخليج فارسًا لم يتكرر، ورائدًا صاغ لنفسه طريقًا متفردًا نحو القمة، سلكه بالشغف، والإصرار، وحب الخيل المتجذّر في كيانه.
لقد كان خبر وفاة الشيخ مطلق صادمًا لكل من عرفه أو تابع إنجازاته، لا سيما في أوساط الفروسية والهجن، حيث لم يكن مجرد إداري أو راعٍ، بل كان صانعًا حقيقيًا للفوارق، ومهندسًا للرؤى البعيدة.
وفي هذا المقال، نستعرض سيرة الراحل الكبير، ونتناول سبب وفاة مطلق بن مشرف القحطاني الحقيقي، كما نُسلّط الضوء على إرثه ومكانته في الفروسية الخليجية، ومراسم وداعه التي خيّمت بالحزن على محبيه.
من هو مطلق بن مشرف بن شنان القحطاني ويكيبيديا؟
هو الشيخ مطلق بن مشرف القحطاني، أحد أبرز رجالات الفروسية السعودية والخليجية، وابن واحد من أوائل مؤسسي عالم الخيل والهجن في المملكة.
نشأ في بيئة تتنفس الفروسية، وترعرع بين الإسطبلات، حتى صارت الخيل جزءًا من كيانه، وشغفًا لا يغادر وجدانه.
امتد عطاؤه لعقود، جمع فيها بين عدة أدوار: فارس، ومدرب، وإداري، وراعٍ للمواهب، وصوت وازن في مجالس الفروسية. لم يكن حضوره شكليًا في أي من تلك الأدوار، بل دائمًا ما كان محوريًا في قراراتها وتأثيرها.
إرث عائلي ضارب في الجذور
لم يكن الشيخ مطلق بن مشرف من أولئك الذين اقتحموا ميدان الفروسية متأخرين، بل وُلد في قلبها.
والده، الشيخ مشرف بن مطلق بن شنان، من أبرز رواد الخيل والهجن في المملكة، ورافق الملوك والأمراء في تأسيس السباقات وتنظيمها، كما تولّى إدارة الإسطبل الأحمر للملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله، وهي من أعرق الإسطبلات في تاريخ الفروسية السعودية.
هذا الامتداد العائلي لم يكن مجرد تراث محفوظ، بل كان نبراسًا استكمل من خلاله الشيخ مطلق المسير، فأسهم في تطوير مزرعة البويبية، التي خرجت منها فيما بعد مرابط الخالدية الشهيرة عالميًا.
مطلق القحطاني وإسطبل الخالدية.. صعود نحو المجد
إسطبل الخالدية لم يكن مجرد اسم ضمن قائمة مرابط الخيول، بل تحوّل، بإشراف الشيخ مطلق، إلى رمز للتميز والاحتراف، وواجهة مشرفة للفروسية السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كان الراحل يؤمن بأن السباق الحقيقي ليس في الميدان فقط، بل في التخطيط والإعداد وتبني الفكر المتجدد. ولذلك، أدار الإسطبل بمنظور متكامل، اهتم بالتدريب، والرعاية، والتسويق، والمشاركة في أبرز المحافل العالمية.
وكان دائمًا حريصًا على المزج بين الأصالة والمعاصرة، فحافظ على نقاء الدم العربي الأصيل، وفي الوقت ذاته استثمر في تجهيز الخيل وفق أحدث معايير الرعاية والعناية.
شخصية ميدانية بكل ما تعنيه الكلمة
- رغم كونه من كبار ملاك الإسطبلات، إلا أن الشيخ مطلق لم يكن يومًا بعيدًا عن التفاصيل.
- كان متواجدًا في ساحات التدريب، وفي الجولات الصباحية للخيل، وفي اجتماعات اللجان الفنية، وحتى في منصات التتويج والجوائز.
- وقد عُرف ببساطته وتواضعه، وقربه من الفرسان والخيالة، حتى صار أبًا روحيًا للعديد من الشباب الذين وجدوا فيه سندًا ومعلمًا.
- من أبرز محطاته، إشرافه ودعمه لبرامج تأهيل الخيالة المتمرنين، حيث آمن بأن مستقبل الفروسية السعودية يبدأ من تمكين الأجيال الشابة.
بصمة عالمية.. وتأثير عابر للحدود
لم تقتصر إنجازات الشيخ مطلق بن مشرف على الداخل السعودي فقط، بل امتد حضوره ليتألق في الجنادرية، وفي بطولات الخليج، وفي المحافل الأوروبية والعربية الكبرى.
كان دائمًا ممثلًا للفروسية السعودية بشكل يليق بتاريخها، وحرص على الترويج لعراقة الخيل العربية في وجه التحديات الحديثة.
كما سعى لتكريس العلاقة الفريدة بين الخيل والهجن، باعتبارها تعبيرًا عن هوية الجزيرة العربية وثقافتها.
لحظة الفقد.. وخبر الوفاة الصادم
في صباح الثلاثاء 21 أبريل 2025، استيقظ مجتمع الفروسية على خبر محزن: وفاة الشيخ مطلق بن مشرف القحطاني، بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
وقد أُعلن أن الصلاة على جثمانه ستُقام في جامع الملك خالد بمدينة الرياض، على أن يُوارى الثرى في مقبرة عرقة، وسط حضور كبير من مشايخ القبائل، ورجال الفروسية، ومحبيه من أنحاء المملكة والخليج.
ورغم أن الجهات الرسمية لم تُصدر بيانًا يحدد سبب الوفاة بشكل دقيق، إلا أن مصادر قريبة من عائلته أشارت إلى أن الشيخ الراحل عانى في الأشهر الأخيرة من وعكة صحية مفاجئة أثّرت على قلبه، وأسفرت عن مضاعفات أودت بحياته.
ماذا قال عنه محبو الفروسية؟
تدفقت التعازي والرسائل من كل حدبٍ وصوب، وتحوّلت حسابات الفروسية على منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة رثاء وحزن.
- كتب أحد كبار الملاك: “بفقدك يا مطلق، فقدت الخيل صوتًا عاقلًا، وركنًا ثابتًا في زمن التحوّلات.”
- أما أحد المدربين، فغرّد قائلًا: “منّا من أحب الخيل، ومنّا من عَشقها، لكن مطلق كان جزءًا منها.”
إرث لا يُنسى.. وقصة تروى للأجيال
سيظل مطلق بن مشرف القحطاني رمزًا خالدًا في ذاكرة الفروسية، ليس فقط لأجل جوائز أو ألقاب، بل لما زرعه من قيم، وما بناه من مبادرات، وما أثمره من أجيال جديدة تحب الخيل وتكرّمها.
وسيبقى اسمه مرتبطًا بإسطبلات الخالدية، وبرامج تدريب الخيالة، وبروح الميدان التي لا تُنسى.
فقرة ختامية: بين وداع الفارس وبزوغ إرثه
في وداع الشيخ مطلق بن مشرف القحطاني، نطوي صفحة من أنبل صفحات الفروسية السعودية، لكننا لا نطوي أثره، ولا ننسى نُبله.
فمن كان له هذا الأثر الكبير، يظل حاضرًا في الميادين التي أحبها، وفي القلوب التي ارتبطت به، وفي كل مهرجان تزينه الخيول العربية الأصيلة التي طالما خدمها ورفع رايتها.
رحم الله الشيخ مطلق، وجعل إرثه منارةً لكل من يسير على درب الأصالة والمروءة والشغف.