سبب وفاة الشاعر سعد البواردي الحقيقي.. من هو سعد عبدالرحمن البواردي ويكيبيديا؟ مسيرة من الفكر والكلمة
في يومٍ حزين للأدب العربي، ودّعت الساحة الثقافية في المملكة العربية السعودية الأديب والشاعر سعد عبدالرحمن البواردي، أحد أعمدة الفكر والأدب في الخليج، الذي ترجل عن عالمنا في صباح الأحد الموافق 22 شوال 1446 هـ (20 أبريل 2025)، عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد مسيرة حافلة تجاوزت ستة عقود من العطاء الأدبي والثقافي.
فقد كان البواردي أكثر من شاعر، كان ضميرًا ثقافيًا معبرًا عن الإنسان والمجتمع والوطن، وقد استطاع خلال مسيرته أن يترك بصمة خالدة في الشعر والنثر والمقالة الفكرية والقصة والصحافة، ليصبح رمزًا أدبيًا خالدًا في ذاكرة المملكة الثقافية.
فمن هو سعد البواردي؟ وما تفاصيل رحيله؟ وما هي أبرز محطاته الفكرية والأدبية؟ وماذا قال عنه الكُتاب والمثقفون بعد وفاته؟ هذا ما نستعرضه في هذا المقال الموسع الذي يكرم سيرة رجل لم يكن مجرد أديب، بل كان مدرسة قائمة بذاتها.
من هو سعد عبدالرحمن البواردي؟ النشأة والبدايات الأولى
وُلد سعد بن عبدالرحمن البواردي في عام 1930 في محافظة شقراء، وسط نجد، في بيئة زاخرة بالتراث والأصالة. والده كان أميرًا للمنطقة وشاعرًا شعبيًا مؤثرًا، مما ساعد على صقل ميوله الشعرية في سن مبكرة.
رحل والده عنه وهو لم يبلغ الثالثة عشرة، فاضطر للتنقل بين عنيزة والطائف لمتابعة تعليمه، وهناك التحق بـمدرسة دار التوحيد، التي كانت إحدى أرقى المؤسسات التعليمية آنذاك، وساهمت في تشكيل وعيه الثقافي.
لاحقًا، انتقل إلى المنطقة الشرقية طلبًا للرزق، حيث عمل في البداية ببيع قطع غيار السيارات، قبل أن يتجه نحو الكتابة والصحافة، وبدأت رحلته الحقيقية في طريق الكلمة.
منابر الدولة.. مسيرة وظيفية حافلة بالحضور
لم يقتصر عطاء البواردي على الشعر، بل انخرط في العمل الإداري والثقافي الرسمي:
- تولّى إدارة العلاقات العامة في وزارة المعارف.
- عمل سكرتيرًا لـ المجلس الأعلى للتعليم.
- تولى إدارة مجلة المعرفة التابعة للوزارة.
- عمل ملحقًا ثقافيًا للسعودية في بيروت والقاهرة.
- استمر في عمله الرسمي حتى تقاعده في عام 1989.
- تميز بقدرته على الجمع بين الدور الثقافي والدبلوماسي، فكان وجهًا مشرفًا للمملكة في المحافل الثقافية العربية.
مجلة “الإشعاع”.. صوت الصحافة الأدبية المبكرة
في عام 1955، أسس سعد البواردي مجلة “الإشعاع” في مدينة الخبر، وكانت من أوائل المجلات الأدبية في المملكة.
ورغم التحديات المالية، فقد:
- موّلها من راتبه الشخصي.
- كتب محتواها بالكامل تقريبًا بأسماء مستعارة.
- قدّم فيها نقدًا اجتماعيًا وأدبيًا جريئًا.
استمرت المجلة لسنوات محدودة لكنها تركت أثرًا واضحًا في الصحافة الأدبية بالمملكة، وألهمت جيلًا كاملًا من الأدباء السعوديين.
شاعر وقلم إنساني.. بصمة لا تمحى
تميز أسلوب البواردي الشعري بالعمق والواقعية، وكان مزيجًا من:
- القصيدة الحرة والنص النثري.
- الوجدانيات والقضايا الاجتماعية.
- الشعر الوطني والدفاع عن الإنسان البسيط.
من أشهر دواوينه:
- أغنية العودة
- صفارة الإنذار
- إبحار ولا بحر
- قصائد تتوكأ على عكاز
- رباعياتي
- قصائد تخاطب الإنسان – ديوان استثنائي ناقش فيه هموم الإنسان العربي بعين مثقف ملتزم.
إنتاجه النثري.. موسوعة فكرية في قالب أدبي
لم يكن الشعر وحده ساحة إبداعه، بل كتب النثر بذكاء وشاعرية:
- ثرثرة الصباح
- استراحة في صومعة الفكر – زاوية ثابتة في الصحف كانت بمثابة مرآة للعقل الاجتماعي
- كلمات للحياة
- أفكار مضغوطة
- شبح من فلسطين – مجموعة قصصية
- شريط الذكريات – سيرته الذاتية، التي قدم فيها شهادات فكرية من الداخل الثقافي السعودي
تكريم في حياته.. ووسام ملكي من الدرجة الأولى
في عام 2014، حاز وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – تكريمًا لمساهماته الفكرية والثقافية الممتدة لأكثر من 60 عامًا.
كما تم تكريمه في:
- مهرجان الجنادرية الثقافي في دورته 29
- ندوات وملتقيات أدبية داخل المملكة وخارجها
- احتُفي به كأحد رواد التنوير الأدبي في الجزيرة العربية
سبب وفاة سعد البواردي.. نهاية جسد، وبقاء فكر
توفي سعد البواردي صباح الأحد 20 أبريل/ نيسان 2025، بعد معاناة صحية قصيرة، وقد كان في السنوات الأخيرة يُعاني من أمراض الشيخوخة المزمنة، وابتعد تدريجيًا عن الظهور الإعلامي، لكنه ظل متواصلًا مع الأدب من خلال مقالاته المتفرقة.
أُعلن عن وفاته وسط تفاعل ثقافي واسع، نعاه فيه كتّاب وصحفيون ومثقفون:
كتب الأديب حمد القاضي:
“غيّب الموت اليوم الرائد الأديب الشاعر سعد البواردي رحمه الله… أحد رواد الصحافة والثقافة في بلادنا”.
تفاعل النخب الثقافية.. حزن وسرد للذكريات
امتلأت منصات التواصل الاجتماعي برسائل الوداع والدعاء، وتحدث كثيرون عن:
- أولى لحظات لقاءهم بالبواردي
- تأثيره في حياتهم الأدبية
- نصائحه التي شكّلت منعطفًا في مسيرتهم
- وقد أطلقت بعض المؤسسات الثقافية مقترحات لتسمية مراكز أدبية أو مكتبات باسمه، تكريمًا لإرثه الطويل.
إرث لم يُغلق.. مؤلفات تنتظر النشر
قبل وفاته، كشف البواردي عن امتلاكه أعمالًا غير منشورة، منها:
- “من يشتري التاريخ مني؟”
- “عفوًا بغداد”
- “عازف على قيثارة الزمن”
- “الموجة قادمة من القاع”
ويجري حاليًا التواصل مع أسرته من قِبل بعض دور النشر المحلية لطباعة هذه الأعمال وإتاحتها للقراء، باعتبارها وصية أدبية لأجيال قادمة.
البواردي في عيون الأدباء الجدد
يُعد سعد البواردي نموذجًا نادرًا للمثقف الحقيقي، فهو:
- لم يسعَ للشهرة، بل صنعها عبر الاستمرارية
- لم يركض خلف الأضواء، بل اختار أضواء الكلمة
- لم يتوقف عن الكتابة حتى وهو في تسعينيات عمره
- ولهذا، فإن اسمه سيبقى في ذاكرة كل من عشق الأدب، وتربى على شعره الإنساني الصادق.
أسئلة شائعة
من هو سعد عبدالرحمن البواردي؟
شاعر وأديب سعودي من مواليد 1930 في شقراء، يعتبر من أبرز رموز الأدب السعودي المعاصر.
ما سبب وفاة سعد البواردي؟
توفي بعد معاناة صحية نتيجة أمراض الشيخوخة، عن عمر 95 عامًا.
هل له مؤلفات لم تنشر بعد؟
نعم، لديه عدد من الدواوين والمؤلفات غير المنشورة، أعلن عنها قبل وفاته.
ما أبرز أعماله الشعرية؟
من أشهرها “أغنية العودة”، “صفارة الإنذار”، “قصائد تتوكأ على عكاز”، و”قصائد تخاطب الإنسان”.
خاتمة: حين يغيب الجسد ويبقى الأثر
رحل سعد البواردي، لكن صوته سيظل يتردد في كل قصيدة نبضت بالوطن، وكل نص احتفى بالإنسان، وكل كلمة وعت الحقيقة.
لقد عاش شاعرًا لا يهادن، ومثقفًا لا يساوم، وإنسانًا لا يتبدد، وترك لنا إرثًا من المعاني، والدروس، والعبر.