من هما راغب غرغوط وضياء برجاس؟ وتفاصيل اقتحام محافظة السويداء
في تطور أمني وصفه مراقبون بأنه “الأخطر في تاريخ محافظة السويداء منذ سنوات”، اقتحمت مجموعة مسلحة يوم 22 مايو 2025 مبنى المحافظة، واحتجزت المحافظ الدكتور مصطفى البكور داخل مكتبه تحت تهديد السلاح، في مشهد أعاد إلى الأذهان الانفلات الأمني المتكرر الذي تعاني منه مناطق الجنوب السوري.
العملية التي لم تستغرق ساعات طويلة، انتهت دون سفك دماء، لكنها فرضت شروطها بالقوة، ودفعت النيابة العامة لإصدار قرار عاجل بالإفراج عن اثنين من المحتجزين لدى السلطات الأمنية، وهما: راغب غرغوط وضياء برجاس، الشابين المنحدرين من السويداء، واللذين وُجهت إليهما اتهامات بسرقة سيارات والانتماء إلى ميليشيات مسلحة.
هذا الحادث أعاد إلى الواجهة الانقسامات الخطيرة داخل مجتمع السويداء، وعمّق الجدل بين الفصائل المسلحة، وشيوخ الطائفة الدرزية، والجهات الحكومية، ما أثار تساؤلات كثيرة حول من يقف وراء ما جرى، وما هي خلفية الشخصيتين اللتين تم الإفراج عنهما، وكيف تحول اسماهما من معتقلين إلى مركز أزمة سياسية وأمنية.
في هذا المقال، نكشف من هما راغب غرغوط وضياء برجاس، ونسرد الخلفيات الكاملة للعملية المسلحة، وردود الفعل، والانقسامات التي تُرخي بظلالها على المشهد في محافظة السويداء، التي أصبحت تمثل واحدة من أكثر النقاط سخونةً في الجغرافيا السورية.
من هما راغب غرغوط وضياء برجاس؟
راغب غرغوط:
- شاب سوري الجنسية من أبناء محافظة السويداء.
- ينتمي إلى الطائفة الدرزية.
- معروف بارتباطه بفصائل مسلحة محلية تنشط في الريف الجنوبي من المحافظة.
- وُجهت إليه اتهامات مباشرة بالمشاركة في سرقة سيارات وتهريبها نحو ريف درعا مقابل مبالغ مالية.
- تم اعتقاله قبل أسابيع من قبل جهاز الأمن الجنائي في السويداء.
ضياء برجاس:
- شاب في العقد الثالث من عمره.
- ينحدر من عائلة درزية معروفة في المنطقة الغربية من السويداء.
- ارتبط اسمه بفصيل شبه عسكري يقوده أحد أبناء مشايخ الطائفة.
- اعتُقل برفقة راغب غرغوط إثر حملة أمنية مشتركة استهدفت مواقع انتشار المجموعات المسلحة داخل الأحياء المدنية.
ما يجمعهما:
- ينتميان إلى نفس التيار المسلح الذي يُعتقد بأنه يمتد تنظيمياً إلى جهات أمنية سابقة لها نفوذ داخل السويداء.
- كلاهما أداة بيد تحالف يقوده الشيخ حكمت الهجري وابنه سلمان، بحسب تقارير ميدانية.
ماذا حدث داخل مبنى محافظة السويداء؟
وفقًا لمصادر ميدانية، فقد اقتحمت مجموعة مسلحة قوامها 10 عناصر مبنى محافظة السويداء صباح يوم 22 مايو 2025، حاملين أسلحة خفيفة ومتوسطة، وتمركزوا داخل الطابق الأرضي، ثم توجهت مجموعة منهم إلى الطابق الإداري حيث مكتب المحافظ الدكتور مصطفى البكور، وتم احتجازه دون تعرضه للضرب أو الإهانة.
المجموعة التي اقتحمت المبنى تضم كلاً من:
- رامي اشتي: عنصر سابق في إحدى ميليشيات الدفاع الوطني.
- سليم حميد: معروف بولائه للشيخ حكمت الهجري.
- رامي مزهر: قائد مجموعة محلية تنشط في بلدة عرى.
- أحد أبناء عم راجي فلحوط: وهو زعيم ميليشيا قُتل سابقًا في اشتباكات داخلية.
الهدف المعلن:
الضغط على السلطات للإفراج الفوري عن راغب غرغوط وضياء برجاس، وذلك بعد رفض الأجهزة الأمنية طلبات متكررة لإطلاق سراحهما.
كيف تم الإفراج عنهما؟
بعد ساعات من التوتر، تدخل وجهاء من الطائفة، بالإضافة إلى قيادات من “حركة رجال الكرامة” التي رفضت الحادثة، ومارست ضغوطًا على النائب العام من أجل إنهاء الأزمة دون وقوع مواجهات.
مساء 22 مايو:
- صدر أمر رسمي من النيابة العامة بالإفراج عن راغب وضياء.
- تم تسليمهما لوسطاء محليين في حي الكسيبة قبل أن يتم نقلهما إلى موقع آمن.
- نقل المحافظ إلى دمشق برفقة حماية خاصة، بعد وساطة من مجموعة الشيخ يحيى جربوع.
هل تم الاعتداء على المحافظ مصطفى البكور؟
وردت أنباء عديدة في البداية تُشير إلى تعرض المحافظ للضرب والإهانة داخل مكتبه، إلا أن مصادر خاصة لموقع أحداث العرب أكدت عدم صحة هذه الأنباء، وأن المحافظ بقي داخل مكتبه تحت الحراسة حتى تم إخراجه بسلام.
كما أكد أحد الوجهاء الذين حضروا العملية أن “المسلحين تعمدوا عدم المساس به شخصيًا، حفاظًا على ماء الوجه أمام المجتمع، وأن رسالتهم كانت سياسية بالدرجة الأولى”.
تدخل وجهاء السويداء وفصائل الكرامة
تدخل حاسم:
- تدخلت مجموعة تابعة للشيخ يحيى جربوع و”رجال الكرامة”، ونجحوا في إخلاء مبنى المحافظة بدون اشتباك دموي.
- أُمنت حماية خاصة للمحافظ حتى خروجه من المدينة إلى دمشق.
دور بلدة سهوة بلاطة:
تم عقد اجتماع طارئ في البلدة، بدعوة من الشيخ الحناوي، وحضره المشايخ الثلاثة الكبار في السويداء:
- الشيخ يحيى جربوع
- الشيخ ليث البلعوس
- الشيخ الحناوي
- إلى جانب مجموعة من الوجهاء والأمراء المحليين.
خلاصة الاجتماع:
- إدانة لما جرى داخل مبنى المحافظة.
- دعوة لعدم تسييس الملف الجنائي لغرغوط وبرجاس.
- التأكيد على وحدة الموقف الدرزي في مواجهة التوترات الداخلية.
المشهد السياسي في السويداء.. صراع تيارين
تشير التحليلات السياسية والميدانية إلى أن ما جرى في محافظة السويداء ليس مجرد حادث جنائي بل هو جزء من صراع داخلي بين تيارين متنافسين داخل الطائفة الدرزية.
التحالف الأول:
- يقوده الشيخ حكمت الهجري وابنه سلمان.
- يحظى بدعم مجموعات مسلحة مرتبطة بتجارات وسوق سلاح.
- يوصف بأنه امتداد لمرحلة سابقة من التحالف مع الأجهزة الأمنية.
التحالف الثاني:
- يقوده الشيخ يحيى جربوع، الشيخ ليث البلعوس، والشيخ الحناوي.
- يُشكّل ما يُعرف بـ”القيادة الروحية للكرامة”.
- يرفض الفوضى والسلاح المنفلت.
الوضع الأمني في السويداء.. إلى أين؟
بات واضحًا أن السويداء تعيش حالة من التمزق الاجتماعي والسياسي، ما يجعل أي حادث فردي، كقضية اعتقال راغب غرغوط وضياء برجاس، يتحول إلى أزمة تهدد بنشوب صدامات داخلية، وهو ما يُنذر بتكرار سيناريوهات الاغتيالات، والخطف، وفرض الإتاوات التي شهدتها المحافظة في السنوات الماضية.
وتبقى المخاوف من أن يتحول الاحتقان الحالي إلى مواجهة شاملة بين فصائل محسوبة على النظام وأخرى معارضة، مما يُدخل السويداء في دوامة نزاع شبيه بما شهدته درعا سابقًا.
خاتمة: ما بين العصا والرمز.. الدروز أمام امتحان جديد
بين سطور قصة راغب غرغوط وضياء برجاس، لا تكمن فقط ملامح قضية جنائية، بل مرآة صادقة لما يعيشه جبل العرب من انقسامات داخلية وانفلات مؤسساتي. فالقضية كشفت مجددًا أن هناك من يملك القدرة على فرض قراره بالقوة، متجاوزًا كل الضوابط، ومهددًا كيان الدولة في واحدة من أكثر المناطق السورية تعقيدًا.
السويداء بحاجة اليوم إلى موقف موحد من قياداتها الروحية، يعيد ضبط إيقاع الشارع، ويضع حدًا لتصاعد النفوذ المسلح غير المنضبط. فالأزمة لم تعد تحتمل تسويات ظرفية، بل تحتاج إلى خارطة طريق جادة تضمن الأمن، وتحفظ كرامة المواطنين، وتحول دون تفكك النسيج المجتمعي.