قصة حقيقية أبكت الجميع: حنان المقوب تلتقي بأمها بعد 44 عامًا

في زمنٍ باتت فيه القصص الحقيقية تفوق الخيال، خرجت علينا الإعلامية الليبية حنان المقوب بقصة إنسانية تكاد تُقتبس من أعماق أفلام الدراما. إنها القصة التي أثارت العاطفة والتساؤل في آنٍ واحد، حين أعلنت حنان، وعلى الهواء مباشرة عبر منصة “تيك توك”، أنها عثرت على عائلتها البيولوجية بعد 44 عامًا من الفقد والبحث والأسى.

ملايين المتابعين شاهدوا لحظة اللقاء العاطفي التي جمعت الفتاة التي كانت تظن نفسها “مجهولة النسب”، بعائلتها التي ظنتها فقدتها للأبد، وراح الجميع يتداول مشاعر الفرحة والدموع والذهول التي رافقت هذا الحدث.

من هي حنان المقوب ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ الإعلامية والناشطة الليبية

حنان المقوب، اسم بات معروفًا بين الليبيين على وسائل التواصل الاجتماعي. لم تكن مجرد إعلامية، بل ناشطة سياسية وحقوقية تركت بصمتها في مناقشة قضايا الحريات والهوية والحقوق المدنية. عرفها الجمهور بشجاعتها وحدّة آرائها، ولكن لم يعلم الكثيرون أنها كانت تخوض معركة داخلية أشد مرارة: معركة البحث عن الجذور.

بداية القصة: الطفلة التي خُطفت بعد الولادة

قبل أكثر من أربعة عقود، وتحديدًا في مدينة بنغازي، وُلدت حنان لعائلة ليبية شابة، لكن الوالدة عانت من مضاعفات صحية أثناء الولادة، وأُبلغت لاحقًا بأن طفلتها توفيت. ما لم تعلمه حينها، هو أن تلك الرضيعة خُطفت من المشفى ورُميت قرب أحد المساجد، حيث عُثر عليها ونُقلت إلى دار للأيتام.

وهكذا، بدأت فصول قصة من الوجع والبحث عن الحقيقة، لا يعلم أحدٌ وقتها أنها ستُروى بعد 44 عامًا عبر بث مباشر يشاهده الآلاف.

الطفولة في دار الأيتام والتبني المبكر

قضت حنان أول سنتين من حياتها داخل دار الرعاية الاجتماعية، قبل أن تتبناها عائلة ليبية من خارج المدينة. كبرت الطفلة وسط محبة واضحة، لكنها لم تكن تعلم شيئًا عن تفاصيل بداياتها أو أسباب وجودها في الدار.

هذه الطفولة لم تكن عادية، بل شكّلت مرحلة من التيه العاطفي والبحث عن الذات، حيث لم يكن في متناول حنان أي خيط يوصلها إلى الحقيقة.

فقدان العائلة المتبنية والعودة للتيه

في سن السادسة والعشرين، توفي والداها بالتبني، لتجد نفسها وحيدة مجددًا، وهذه المرة ليس كطفلة، بل كشابّة في مواجهة مجتمع صعب وقوانين أكثر تعقيدًا. أعاد هذا الحدث جراح الماضي إلى السطح، وزاد من شعورها بأنها “بلا أصل”.

وهنا بدأت حنان تتلمّس ملامح الغربة الداخلية التي رافقتها لسنوات طويلة.

الصدمة القانونية: طلب دار الرعاية بعودتها

لم تنتهِ الأمور هنا. بعد وفاة العائلة المتبنية، طلبت دار الرعاية الاجتماعية من حنان العودة للدار، استنادًا إلى قوانين تنظم وضع المتبنين في ليبيا. لكن حنان رفضت بشدة، واعتبرت أن هذا الطلب إهانة لإنسانيتها واستقلالها.

اختارت مغادرة المدينة، بل مغادرة البلاد بأكملها، بحثًا عن بداية جديدة وهوية تستطيع بناءها بنفسها.

التحول إلى ناشطة سياسية وحقوقية

مع الوقت، تحولت حنان إلى صوتٍ نسائي قوي داخل وخارج ليبيا. أصبحت معروفة بمداخلاتها الحادة وبرامجها التي تناقش الحقوق، وشهدت صفحاتها على “تيك توك” و”فيسبوك” متابعة واسعة، لدرجة أن البعض بات يعتبرها “المرأة التي تواجه السلطات بالكلمة”.

لكن وسط كل هذا، كانت تخوض صراعًا خفيًا لا يعرفه المتابعون: رحلة طويلة من الألم والفراغ، بحثًا عن العائلة المفقودة.

الاستقرار في مصر ومشوارها الإعلامي

بعد سلسلة من المضايقات السياسية، اختارت حنان الاستقرار في مصر، وهناك بدأت العمل في مجال الإعلام الرقمي، وأطلقت برنامجًا تفاعليًا على “تيك توك” بعنوان “تعال نحكيلك”، حيث كانت تستقبل قصص الناس وتشاركهم رأيها وتجاربها.

لم تكن تدري أن إحدى هذه الحلقات ستكون نقطة التحوّل في حياتها كلها.

البرنامج المباشر على تيك توك: لحظة الحقيقة

في إحدى حلقات “تعال نحكيلك”، تلقّت حنان مكالمة غريبة من شاب يُدعى عمر موسى، بدأ حديثه بسرد قصة عائلته التي فقدت رضيعة قبل 44 عامًا، بعد أن قيل لأمه أنها توفيت في المشفى. وما إن سمع المتابعون التفاصيل حتى بدأ التفاعل يتصاعد، وظهرت ملامح القلق على وجه حنان.

كانت تشعر بشيء داخلي يتحرك بقوة، كأن هذه القصة تلمس شيئًا مخفيًا في قلبها.

مكالمة غيّرت المصير: صوت من الماضي

فجأة، قال عمر: “أمي شاهدتك في فيديو، وانهارت من البكاء، قالت إنك تشبهينها وتشبهين إخوتك”. وأكد أن والدته، التي كانت بعمر 14 عامًا وقت الولادة، لم تصدّق أبدًا أن طفلتها توفيت، واحتفظت دائمًا بشك داخلها.

حينها، أدركت حنان أن هذه المكالمة ليست عادية، وأن الحقيقة تقترب منها للمرة الأولى في حياتها.

الشك يتحول إلى يقين: العائلة الحقيقية تظهر

بعد التواصل بين الطرفين، أُجري اختبار الحمض النووي، وجاءت النتيجة: حنان المقوب هي بالفعل الابنة المفقودة لتلك العائلة في مدينة سبها.

كانت الصدمة كبيرة، والفرحة لا تُوصف، فقد ظلت العائلة تبحث عنها لأكثر من أربعة عقود، وها هي اليوم تعود إليهم عن طريق الصدفة التي رتبتها الأقدار، عبر شاشة بث مباشر.

مشاعر حنان بعد اللقاء: صدمة وفرحة واعتراف

ظهرت حنان في مقطع فيديو مؤثر عقب تأكيد النتيجة، وقالت:

“كنت أظنّ أنني مجهولة النسب، ومقطوعة من شجرة، فاكتشفت أنّ لي عائلة تشبهني، أمّي نسخة منّي”.

وأضافت، والدموع تملأ عينيها:

“تعبت من نظرة الناس لي بالشفقة، حرمت نفسي من الزواج حتى لا أُشتم، لأنني بلا أصل ولا أهل. اليوم، أنا فخورة بأنني أنتمي لعائلة لها تاريخ وأصل وكرامة”.

ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي

تصدّر وسم #حنان_المقوب منصات التواصل في ليبيا ومصر وعدة دول عربية. وعبر آلاف المستخدمين عن دهشتهم من سيناريو اللقاء العاطفي وصدق القصة، وشارك العديد قصصًا مشابهة عن الفقد والبحث عن الجذور.

تدخّلت منظمات حقوقية مطالبة بفتح ملفات خطف الأطفال من المشافي في ليبيا خلال العقود الماضية، بينما أبدى الإعلام الليبي اهتمامًا غير مسبوق بالقضية.

ماذا قالت العائلة؟ دموع الفقد ولمّة اللقاء

قالت والدة حنان، بعد لقائها بها، إنها لم تتوقف يومًا عن الدعاء وقراءة الفاتحة لابنتها المفقودة، وأن رؤية حنان أعادت الحياة إلى قلبها بعد سنوات من الحزن.

وأكدت أنها كانت تُصر دائمًا على أن طفلتها لم تمت، رغم تأكيد الأطباء، واحتفظت بصورة وهمية لها في عقلها، حتى جاء اليوم الذي رأت فيه وجهًا يشبهها كثيرًا على شاشة “تيك توك”.

حنان: من الشك في الأصل إلى الفخر بالانتماء

حنان اليوم، وبعد اللقاء بعائلتها، تعيش مرحلة جديدة من التعافي النفسي والروحي. تقول إنها تشعر للمرة الأولى بالأمان والانتماء الحقيقي، وإنها بدأت رحلة جديدة لتعويض ما فاتها.

قررت زيارة مدينتها الأم سبها، والتعرف على قبيلتها وعلاقاتها العائلية، في خطوة رمزية لإعادة ربط خيوط الهوية التي ظلت مقطوعة طوال حياتها.

انعكاسات القصة على قضايا التبني والهوية في ليبيا

فتحت هذه القصة الباب واسعًا للنقاش حول:

  • غياب قوانين واضحة لحماية الأطفال من الاختطاف
  • ضعف آليات متابعة قضايا التبني وضمان حقوق الأطفال
  • أهمية التوثيق المدني الدقيق
  • ودعت منظمات ليبية إلى إعادة النظر في ملفات الرضع مجهولي النسب، ومراجعة إجراءات التبني لضمان أن لا يُظلم أحد كما ظُلمت حنان.

كيف غيّرت هذه القصة حياة حنان للأبد؟

بعد أربعة وأربعين عامًا من الحزن، وجدت حنان القطعة المفقودة من قلبها. تغيرت رؤيتها للحياة، وتحوّلت قصتها من قصة ألم إلى أيقونة أمل لكل من فقد عائلته أو شك في هويته.

تقول حنان:

“الآن أستطيع أن أبدأ من جديد. لم أعد وحدي”.

خاتمة: حين ينتصر الحب والدم على الفقدان
قصة حنان المقوب ليست مجرد خبر عابر، بل هي درس في أن الدم لا يُنسى، والحب لا يموت، والأمل لا يخيب. أربع وأربعون سنة من الفقد، انتهت بلحظة واحدة من اللقاء، وكأن القدر كان ينتظر اللحظة المثالية ليُعيد الأشياء إلى مكانها الصحيح.

وفي النهاية، يُثبت الحب والعائلة أنهما أقوى من أي قوة على الأرض.

أحمد شلبي

محرر مُحنك مع خبرة واسعة في تحرير ومراجعه المحتوى الإخباري بأنواعه المختلفة، يمتلك مهارات ممتازة في القواعد والنحو والهجاء والتدقيق اللغوي، يتمتع بقدرة عالية على التحقق من صحة المعلومات والبيانات، لديه إلمام واسع بالأحداث الجارية والقضايا الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !