المحكمة تخفض عقوبة محمد زيان إلى ثلاث سنوات.. التفاصيل الكاملة
في واحدة من أبرز القضايا التي أثارت الجدل في المغرب خلال السنوات الأخيرة، عاد اسم المحامي والوزير السابق محمد زيان إلى الواجهة مجددًا، بعد أن أصدرت محكمة الاستئناف في الرباط حكمًا جديدًا يقضي بتخفيض العقوبة الصادرة في حقه إلى ثلاث سنوات سجنًا نافذًا بدلًا من خمس. وجاء القرار ليعيد النقاش حول محاكمة شخصية سياسية معروفة، طالما عُرفت بمواقفها المعارضة وانتقاداتها الحادة للسلطة.
الملف، الذي أثار اهتمام الرأي العام المحلي والدولي، يطرح تساؤلات كثيرة: هل تخفيف الحكم يعكس مراجعة قضائية متوازنة؟ أم أنه يأتي في إطار ضغوط حقوقية ودولية متزايدة؟ هذا ما نحاول تفكيكه في هذا المقال الحصري.
تفاصيل جلسة محكمة الاستئناف بالرباط
عقدت محكمة الاستئناف في الرباط جلستها الأخيرة يوم 7 مايو/ أيار 2025، للنظر في الطعن الذي تقدم به دفاع محمد زيان ضد الحكم الابتدائي الصادر في نوفمبر 2022، والذي قضى حينها بسجنه خمس سنوات نافذة.
شهدت الجلسة حضورًا مكثفًا من هيئات دفاعية وحقوقية، بالإضافة إلى تغطية إعلامية بارزة نظرًا لحساسية الملف، وصدرت المداولات في وقت متأخر، حيث أعلن القاضي عن تخفيض العقوبة إلى ثلاث سنوات دون إلغاء التهم الموجهة.
من هو محمد زيان ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ سيرة مختصرة عن المحامي والوزير السابق
محمد زيان، من مواليد 1943، يُعد من أبرز المحامين في المغرب، وشغل مناصب سياسية مهمة أبرزها وزير حقوق الإنسان في تسعينيات القرن الماضي. عُرف بمواقفه النقدية الصريحة، حيث أسس حزب الحريات والعدالة الاجتماعية، وبرز كصوت معارض داخل المشهد السياسي المغربي.
ورغم تقدمه في السن، ظل زيان نشطًا في الإعلام ومنصات التواصل، معارضًا لعدد من السياسات الرسمية، ورافضًا للصمت حيال ما يعتبره “اختلالات حقوقية”.
القضية التي أطاحت بزيان: اختلاس وتبديد أموال الأحزاب
وجهت النيابة العامة لزيان عدة تهم خطيرة، أبرزها:
- اختلاس وتبديد أموال عمومية مخصصة لحزبه السياسي.
- الإساءة إلى مؤسسات الدولة.
- نشر أخبار زائفة.
- التحرش الجنسي وخيانة الأمانة (وفق ما ورد في صك الاتهام).
وكانت هذه التهم قد نُظرت فيها أمام المحكمة الابتدائية التي حكمت عليه في نهاية 2022 بالسجن خمس سنوات نافذة، وهو الحكم الذي استأنفه دفاعه لاحقًا.
مسار المحاكمة من المحكمة الابتدائية إلى الاستئناف
مرت القضية بعدة مراحل:
- التحقيق الأولي في سنة 2021 عقب تقارير مالية عن تدبير الحزب.
- إحالة الملف على النيابة العامة بتهم متعددة.
- المحكمة الابتدائية بالرباط تصدر حكمها بالسجن 5 سنوات.
- دفاع زيان يطعن في الحكم، مطالبًا بإلغائه أو تخفيفه.
- محكمة الاستئناف تخفف الحكم إلى 3 سنوات دون إسقاط التهم.
وخلال هذه المحطات، تمسك زيان ببراءته، واعتبر التهم “ملفقة”، في حين رأت النيابة العامة أن الملف مبني على “أدلة مادية وشهادات موثقة”.
أجواء الجلسة الأخيرة: حضور حقوقي مكثف وترقب إعلامي
عكست الجلسة الأخيرة حجم الاهتمام بالقضية، حيث حضر ممثلون عن:
- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
- هيئة الدفاع عن الصحفيين المعتقلين
- مراقبون دوليون غير رسميين من منظمات أوروبية
وعلى الرغم من الطابع القانوني للجلسة، إلا أن البعد السياسي والحقوقي ظل حاضرًا بقوة، إذ اعتبر كثيرون أن هذه المحاكمة تتجاوز مجرد محاكمة جنائية، وتمس حرية التعبير في البلاد.
تفاصيل الحكم الجديد: ثلاث سنوات بدلاً من خمس
في نهاية الجلسة، نطقت المحكمة بقرارها:
- تأييد الإدانة في مجمل التهم
- تخفيض العقوبة السجنية من 5 إلى 3 سنوات نافذة
- غرامة مالية لا تتجاوز 50 ألف درهم
- رفض طلب الإفراج المؤقت
- ورغم التخفيض، لم يُلغ الحكم أو تُبرأ ذمة زيان، ما أثار تباينًا في التقييمات القانونية والسياسية.
ردود الفعل الحقوقية والقانونية على الحكم
المنظمات الحقوقية أبدت مواقف متباينة:
- بعضها رأت أن الحكم الجديد “خطوة إيجابية لكنها غير كافية”.
- آخرون أكدوا أن القضية “سياسية بامتياز”، مطالبين بإلغاء التهم برمتها.
- أما نقابة المحامين في الرباط فقد أصدرت بيانًا مختصرًا قالت فيه:
“نحترم أحكام القضاء، ونؤكد أهمية ضمان المحاكمة العادلة لجميع المواطنين، بمن فيهم المحامون”.
تصريحات أسرة محمد زيان بعد صدور الحكم
عقب صدور الحكم، تحدثت أسرته لوسائل الإعلام، حيث قالت ابنته:
“نحن نرى أن القضاء لم يُنصف الوالد بالكامل، لكنه خطوة نحو تخفيف العبء، وسنواصل المسار القانوني حتى النهاية”.
كما أبدت الأسرة قلقها من الوضع الصحي لزيان في السجن، خاصة مع تقدمه في السن، ودعت إلى تمتيعه بالرعاية الطبية اللازمة.
الوضع الصحي لمحمد زيان وتأثيره على الرأي العام
بحسب مقربين من الأسرة، فإن محمد زيان يعاني من مشاكل صحية مزمنة، أبرزها ارتفاع ضغط الدم ومضاعفات في الكلى. وقد أثار هذا الملف تعاطفًا واسعًا، وفتح نقاشًا حول:
- مدى مواءمة العقوبة مع حالته الصحية.
- إمكانية الإفراج المشروط لأسباب إنسانية.
الجدل القانوني: هل العقوبة عادلة أم سياسية؟
ما تزال هناك خلافات قانونية بين مؤيدي الحكم ومعارضيه. الطرف الأول يرى أن:
- الحكم مبني على “أدلة جنائية قوية”
- لا أحد فوق القانون، بمن فيهم السياسيون
أما الطرف الآخر فيؤكد أن:
- التهم “مبهمة وبعضها فضفاض”
- زيان عُوقب بسبب مواقفه المعارضة
مواقف المنظمات الدولية حول محاكمة زيان
عدة تقارير غير رسمية نُشرت في منصات دولية، منها:
- هيومن رايتس ووتش التي اعتبرت أن “القضية تستدعي الشفافية الكاملة”.
- أمنيستي قالت إنها “تتابع تطورات المحاكمة بقلق”.
- لكن لم يصدر حتى الآن موقف رسمي من جهات حكومية للرد على هذه المنظمات.
السيناريوهات المحتملة بعد الحكم الجديد
- قضاء العقوبة كاملة حتى عام 2028 (مع خصم المدة المحتجزة).
- طلب العفو الملكي، كما حدث في قضايا مماثلة سابقًا.
- الإفراج الصحي إذا تأكد تدهور وضعه الطبي.
- الطعن أمام محكمة النقض، كملاذ أخير.
احتمال الإفراج في نوفمبر.. شروطه وتوقعاته
مصادر قانونية رجّحت إمكانية الإفراج عن زيان في نوفمبر المقبل ضمن:
- عفو شامل
- إفراج صحي
- أو تسوية سياسية “هادئة”
- لكن كل ذلك رهين بالتطورات القضائية والسياسية في الأشهر المقبلة.
خاتمة: هل تكون هذه نهاية المسار القضائي لمحمد زيان؟
قد تكون العقوبة المخففة ختامًا لمسار قضائي معقد، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة من السجال القانوني والسياسي حول شخصية أثارت الجدل لأكثر من عقد.
ويبقى السؤال الأهم: هل تنتهي القضية داخل قاعة المحكمة، أم أنها ستظل حية في الذاكرة السياسية المغربية؟