مشاهدة فيديوهات رورو البلد على تيك توك: بين الإبداع والإثارة القانونية
في مشهد يختلط فيه الصعود السريع بالتراجع المفاجئ، دخلت صانعة المحتوى المصرية رؤى الغيطاني، المعروفة بلقب رورو البلد، دائرة الضوء والاهتمام العام بشكل مثير وغير مسبوق. خلال فترة قصيرة، تحولت من فتاة غير معروفة تنشر مقاطع عفوية على تيك توك، إلى إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل على السوشيال ميديا، وصولًا إلى التورط في قضية قانونية ضخمة انتهت بإلقاء القبض عليها.
فماذا حدث لرورو البلد؟ ولماذا ضجت مواقع التواصل بخبر القبض عليها؟ وهل كانت مجرد مؤثرة تبحث عن التفاعل أم أنها تجاوزت الخطوط الحمراء؟
في هذا المقال من عرب ميرور، نغوص في تفاصيل القصة الكاملة، من لحظة الانطلاقة، إلى لحظة الضبط، مرورا بجدل الفيديوهات، وشهادات المتابعين، وتحليلات الخبراء، والتداعيات القانونية.
من هي رورو البلد؟ الاسم الحقيقي والخلفية
رورو البلد هو اسم الشهرة للمدونة المصرية الشابة رؤى الغيطاني، البالغة من العمر 20 عامًا، وتقيم في دائرة قسم شرطة ثاني أكتوبر بمحافظة الجيزة. ورغم حداثة سنها، استطاعت أن تخلق اسمًا رقميًا كبيرًا، حتى تجاوز عدد متابعيها 2 مليون متابع على تيك توك وحده، بالإضافة إلى عشرات الآلاف على إنستغرام وفيسبوك.
شهرتها جاءت من قدرتها على تقديم محتوى سريع الانتشار، يجمع بين الطابع الشعبي، والحركات الراقصة، ومواكبة الترندات، ما جعلها تحجز مكانًا ثابتًا على صفحات الترند في مصر.
كيف بدأت شهرة رورو البلد؟
كانت البداية بسيطة، عبارة عن مقاطع قصيرة تصور فيها حياتها اليومية، وتشارك بعض الحركات الراقصة أو التحديات الرائجة على تيك توك. لكن نقطة التحول الكبرى كانت حين بدأت باستخدام “الترندات المثيرة”، مثل ترند “أنا الحكومة” الذي قدّمت فيه عرضًا اعتبره البعض استعراضًا جريئًا، فيما وصفه آخرون بالإبداع الفني.
ومع تزايد المشاهدات والتفاعل، زادت حدة المحتوى الذي تقدمه، حيث أصبحت الفيديوهات تتضمن إيحاءات جسدية، ملابس وُصفت بأنها غير لائقة، وتلميحات لفظية تخالف الذوق العام، وفق رأي شريحة واسعة من المتابعين.
الظهور مع شاكر محظور – حلقة أخرى في سلسلة الجدل
من أكثر اللحظات التي أشعلت مواقع التواصل، كانت ظهورها مع اليوتيوبر شاكر محظور، في فيديو شهير بعنوان “ولاد من اللياقفات”. ورغم أنه بدا كمقطع ساخر، إلا أن طريقة الحديث والتفاعل بين الطرفين أثارت جدلًا واسعًا.
اعتبر البعض أن الفيديو يتضمن رسائل غير مباشرة تروج لسلوكيات لا تليق، فيما أكد آخرون أن المقطع كان مجرد تمثيل ارتجالي ضمن السياق الكوميدي الشعبي الذي تنتهجه رورو في محتواها.
ظهورها بالحجاب في رمضان.. ثم التراجع
في شهر رمضان 2025، ظهرت رورو البلد مرتدية الحجاب في عدة فيديوهات، وهو ما أثار فضول المتابعين وطرح تساؤلات: هل هو قرار حقيقي؟ هل اعتزلت الرقص؟ هل هناك توجه جديد؟
لكن سرعان ما عادت للظهور بعد رمضان بدون الحجاب، وبأسلوب أكثر جرأة. هذه التقلبات في المظهر والسلوك زادت من حالة الغموض حول شخصيتها، وجعلتها محل متابعة دائمة من جمهور متنوع بين ناقد ومؤيد ومترقب.
هل تقدم رورو رقص شرقي حقيقي أم محتوى جريء؟
تُعد هذه النقطة محور النقاش الأكبر. فالبعض يرى أن رورو البلد تُقدم ما يُشبه الرقص الشرقي بأسلوب عصري يتماشى مع التيك توك. ويبررون ذلك بأنها “تعكس فنًا مصريًا شعبيًا” بطريقة مبسطة تصل للجمهور، ولا تختلف عما يُعرض على الشاشات.
في المقابل، يرى فريق آخر أن محتواها لا علاقة له بالرقص الشرقي كفن، بل يعتمد على استعراضات غير مدروسة هدفها الأول والأخير هو “الإثارة من أجل المشاهدات”، مستندين إلى طريقة الأداء وملابسها وتعليقاتها، التي يرون أنها تخالف القيم الأسرية.
لحظة القبض على رورو البلد
في مايو/ أيار 2025، وبعد أسابيع من الجدل وتزايد الضغط الإعلامي والبلاغات، ألقت الأجهزة الأمنية المصرية القبض على رورو البلد في منزلها الكائن بثاني أكتوبر، بناءً على قرار صادر من النيابة العامة.
خلال عملية الضبط، تم العثور على 3 هواتف محمولة تحتوي على عشرات المقاطع التي تشكل مادة الاتهام. وقد تم التحفظ على الأجهزة، وأُحيلت المتهمة إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق.
الاتهامات الموجهة إليها، حيث تشمل التهم الرئيسية:
- نشر محتوى خادش للحياء العام
- الإساءة إلى القيم المجتمعية
- التحريض على الفسق
- استغلال وسائل التواصل للتربح بطرق مخالفة للقانون
- وتمت هذه الاتهامات استنادًا إلى القانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بـ”مكافحة جرائم تقنية المعلومات”، وتحديدًا المادتين 25 و26.
موقف المحامي أشرف فرحات
المحامي أشرف فرحات، المعروف بنشاطه في ملاحقة صانعي المحتوى المخالف، هو من تقدم بالبلاغ ضد رورو البلد.
وقد أوضح في تصريحاته أنه “لم يتحرك بدافع شخصي، بل لحماية المجتمع من الانزلاق في مستنقع الفوضى الأخلاقية عبر الإنترنت”، مؤكدًا أن البلاغ مدعوم بأدلة ومقاطع صريحة.
كيف تفاعل الجمهور مع القضية؟
انقسمت ردود الأفعال إلى:
المؤيدون للقرار:
- يرون في رورو البلد “مثالًا للانفلات الأخلاقي”.
- يطالبون بتنظيم المحتوى على تيك توك ومنع الانفلات.
- يعتبرون القبض عليها رسالة واضحة بأن حرية التعبير لها حدود.
المعارضون:
- يقولون إن هناك محتويات مشابهة كثيرة لم تُحاسب.
- يعتبرون ما تقدمه “تسلية بسيطة” لا تستحق هذه الضجة.
- يشككون في أن خلفية القضية قد تكون “انتقائية”.
مصير حساب رورو البلد على تيك توك
حتى وقت كتابة هذا المقال، لا يزال الحساب الرسمي لرورو البلد موجودًا على تيك توك، لكن تم تقييد التفاعل عليه، ومن المحتمل حذفه نهائيًا إذا صدرت توصية قانونية أو إذا اعتبرته إدارة المنصة مخالفًا لإرشادات المحتوى.
هل يمكن اعتبار رورو البلد ضحية للترند؟
يعتقد بعض خبراء المحتوى أن رورو البلد لم تدرك حجم ما تفعله، وأنها “انزلقت تدريجيًا” نحو نوعية من المحتوى ساعدتها على الانتشار، لكنها في النهاية دفعت الثمن بعد تخطي حدود الرقابة المجتمعية والقانونية.
يقول أحد المحللين:
“رورو البلد ليست مجرمة، لكنها نموذج لمؤثرة غير مدربة لم تدرك حجم تأثيرها، وكانت بحاجة إلى توجيه لا عقوبة”.
كيف تؤثر هذه القضية على صناع المحتوى الآخرين؟
قضية رورو البلد أطلقت موجة رعب قانوني بين المؤثرين على تيك توك. وقد بدأ العديد منهم بمراجعة محتواهم، وحذف بعض الفيديوهات “المثيرة للجدل”، خوفًا من بلاغات مشابهة أو تحرك قانوني ضدهم.
كما أن بعض صانعي المحتوى بدأوا بإضافة تحذيرات أو تبريرات في وصف الفيديوهات، وهو ما يعكس أثرًا مباشرًا للقضية على سلوك المنصات والمستخدمين.