سبب الحكم على الناشط الكويتي سلمان الخالدي بالسجن 5 سنوات؟: القصة الكاملة
في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الساحة الكويتية مؤخرًا، صدر حكم نهائي من محكمة الجنايات بحبس الناشط المعروف سلمان الخالدي خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهم تتعلق بأمن الدولة. لم يكن هذا القرار عاديًا، بل جاء بعد سلسلة من الإجراءات القانونية والجدالات المجتمعية التي جعلت القضية حديث الساعة في الأوساط السياسية، القانونية، والإعلامية.
سلمان الخالدي، الذي لطالما ارتبط اسمه بالحضور الإعلامي المكثف والتصريحات المثيرة، وجد نفسه في مواجهة قانونية مع الدولة، على خلفية منشورات ومقاطع اعتُبرت تهديدًا للأمن الداخلي. هذا الحكم لم يُصدر في فراغ، بل سبقه حكم غيابي ومعارضة قانونية وإجراءات مكثفة قادته إلى هذه النتيجة.
في هذا المقال، سنخوض في تفاصيل هذه القضية من جميع جوانبها: من هو سلمان الخالدي؟ ما التهم الموجهة إليه؟ كيف كانت الإجراءات القضائية؟ وما ردود الفعل؟ وما الذي يمكن أن تعنيه هذه القضية لمستقبل حرية التعبير في الكويت؟
من هو سلمان الخالدي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
سلمان الخالدي هو ناشط كويتي وُصف بأنه واحد من أبرز الأصوات التي ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة. عُرف بآرائه الجريئة ومداخلاته المثيرة للجدل في قضايا الشأن العام، خاصة السياسية منها.
لم يكن الخالدي غريبًا على الساحة الإعلامية أو القانونية، فقد سبق أن لاحقته قضايا أخرى تتعلق بالتعبير، إلا أن هذه المرة مختلفة، فالاتهام يدور حول أمن الدولة، وهي تهمة تعتبر من أخطر ما يمكن أن يُواجه به مواطن في القانون الكويتي.
يصفه البعض بأنه صوت جريء يطالب بالإصلاح، بينما يراه آخرون تجاوزًا للحدود القانونية في التعبير، وهذا التباين في الآراء يعكس طبيعة النقاش العام حول قضيته.
خلفية القضية: من منشور إلى قضية أمن دولة
بحسب ما أفادت به النيابة العامة، فإن سلمان الخالدي واجه تهمًا تتعلق بنشر مواد “تحرض على الفتنة”، و”تهدد الأمن والاستقرار”، وذلك من خلال منشورات على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي. وشملت هذه المواد مقاطع فيديو وتصريحات وُصفت بأنها تتجاوز حدود النقد المباح.
رأت النيابة أن هذه التصرفات لا تندرج تحت حرية الرأي، بل ترقى إلى مستوى التحريض والتشكيك في مؤسسات الدولة، وهو ما اعتبرته مخالفة صريحة لقانون أمن الدولة الداخلي.
وبناء على ذلك، تم إعداد ملف كامل بالمواد المنشورة، وتحليلات أمنية لها، قبل أن يُحال الأمر إلى محكمة الجنايات لاتخاذ اللازم قانونيًا.
أول حكم: غيابي ثم معارضة
في المرحلة الأولى من المحاكمة، صدر حكم غيابي بحق الخالدي، يقضي بحبسه خمس سنوات مع الشغل والنفاذ. لكن، ووفقًا لما ينص عليه القانون، يحق للمتهم المعارض على الحكم الغيابي إذا تقدم بطلب رسمي.
وفعلًا، قدّم الخالدي طلبًا للمحكمة بمعارضة الحكم، معربًا عن رغبته في الدفاع عن نفسه وتوضيح موقفه. المحكمة وافقت على طلبه، وقررت إعادة فتح القضية.
ما يلفت النظر في هذا السياق، أن المحكمة لم تكتفِ بالسماح بالاطلاع على الملف، بل استجابت لطلب الخالدي بانتداب محامٍ للدفاع عنه، في خطوة تعكس الحرص على استيفاء شروط العدالة.
جلسات المحاكمة: بين الدفاع والاتهام
بدأت جلسات محاكمة الخالدي وسط اهتمام إعلامي وشعبي كبير، حيث حضر المحامي المنتدب وقدم دفوعًا متعددة تركز على أن المواد المنشورة لا تمثل خطرًا حقيقيًا على الأمن، بل هي تعبير عن الرأي، ضمن ما يُتاح في دولة ديمقراطية مثل الكويت.
في المقابل، عرضت النيابة العامة تقارير تحليلية مفصلة من الجهات الأمنية، تُظهر كيف أن بعض التصريحات تجاوزت الحدود و”أدت إلى تحريض غير مباشر”، خاصة في وقت حساس سياسيًا.
كما جرت مناقشات قانونية حول تعريف التحريض، وحدود التعبير المسموح بها، والعلاقة بين حرية الرأي والأمن القومي، وهي مفاهيم لا تزال موضع نقاش في العالم العربي عمومًا.
الحكم النهائي: تأييد الحبس 5 سنوات مع الشغل والنفاذ
بعد المداولات، قررت محكمة الجنايات تأييد الحكم السابق بحبس سلمان الخالدي خمس سنوات مع الشغل والنفاذ. واستندت المحكمة في حكمها إلى مواد صريحة في قانون أمن الدولة، وأكدت أن الحرية يجب أن تكون مسؤولة، ولا تُستغل للإساءة أو التحريض أو زعزعة الأمن.
جاء الحكم بمثابة رسالة واضحة من القضاء بأن هناك حدودًا يجب ألا تُتخطى، خاصة في قضايا تتعلق بكيان الدولة واستقرارها.
ردود الفعل: تضامن واسع مقابل تأييد للصرامة
بمجرد صدور الحكم، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بردود أفعال متباينة:
- البعض رأى أن الحكم “قاسٍ وغير مبرر”، وأنه يمثل تراجعًا عن مكتسبات الحرية في الكويت.
- آخرون اعتبروه “ضروريًا لحماية البلاد من فوضى التعبير غير المنضبط”.
- وظهر وسم #سلمان_الخالدي ضمن قائمة الأعلى تداولًا في الكويت خلال ساعات قليلة من صدور الحكم.
- الانقسام المجتمعي حول هذه القضية يعكس حجم التوتر بين الحرية والأمن، وهو نقاش حيوي تمر به معظم الدول في العالم، خاصة في عصر وسائل التواصل والتأثير السريع.
تحليلات قانونية: ما مدى صرامة الحكم؟
في الأوساط القانونية، رأى البعض أن المحكمة طبقت القانون بشكل صارم، استنادًا إلى نصوص واضحة في قانون أمن الدولة.
بينما دعا آخرون إلى مراجعة هذا القانون، الذي -برأيهم- يفتقر إلى توازن كافٍ مع مواثيق حقوق الإنسان، خاصة تلك التي تكفل حرية الرأي والتعبير حتى في المواضيع السياسية.
كما اعتبر البعض أن الاعتماد على الأدلة الرقمية ومنشورات الإنترنت في إصدار أحكام قاسية بات يتطلب معايير واضحة ومحدثة.
مستقبل سلمان الخالدي: هل هناك استئناف؟
حتى كتابة هذا المقال، لم يُعلن رسميًا ما إذا كان فريق الدفاع سيتقدم باستئناف على الحكم أم لا، رغم أن هذا الخيار متاح قانونيًا.
وإن تم تقديم الاستئناف، فإن القضية قد تنتقل إلى مرحلة جديدة، ربما تُعيد طرح النقاشات القانونية من جديد حول حدود التعبير ومفاهيم أمن الدولة في العصر الرقمي.
تأثير القضية على المشهد السياسي والإعلامي في الكويت
لا شك أن قضية سلمان الخالدي ستكون لها تأثيرات بعيدة المدى على الساحة الكويتية، سواء من ناحية العلاقة بين الدولة والنشطاء، أو من ناحية كيفية تناول الإعلام للقضايا الحساسة.
وقد تدفع هذه القضية السلطات إلى مراجعة قوانين الإعلام والإنترنت، وربما تسريع سنّ تشريعات جديدة تنظم التعبير الرقمي بشكل أكثر دقة وتوازنًا.
خاتمة: ما بين القانون والحرية… من يحسم المعركة؟
تُعيد قضية سلمان الخالدي إلى الواجهة سؤالًا مركزيًا: كيف نوازن بين حماية أمن الدولة وضمان حرية التعبير؟
هذا السؤال لا يخص الكويت وحدها، بل هو قضية إنسانية عالمية، حيث أصبح الإنترنت ساحة مفتوحة للآراء، دون وجود ضوابط راسخة ومتفق عليها.
وفيما ترى الدولة أنها تحمي أمنها من الانفلات والفوضى، يرى النشطاء أن عليهم الحق في التعبير دون خوف أو قيد.
وما بين هذين الموقفين، تظل المحاكم هي الحكم، ولكن الرأي العام أيضًا لاعب لا يُستهان به في تشكيل مستقبل الحريات.