تفاصيل و أسباب حبس مبارك الحريص.. استغلال نفوذ وفساد إداري يهز الكويت
في سابقة قانونية مهمة تعزز من هيبة القضاء الكويتي، صدر حكم نهائي عن محكمة التمييز يوم الإثنين 28 أبريل 2025، يقضي بحبس الوزير والنائب السابق مبارك الحريص لمدة عامين مع الشغل والنفاذ.
الحكم لم يتوقف عند السجن فقط، بل شمل تغريمه مالياً بمبلغ ضخم وعزله نهائياً من جميع المناصب العامة.
هذه القضية التي شغلت الرأي العام الكويتي طيلة أشهر مضت، تسلط الضوء مجددًا على قضايا استغلال النفوذ و”الانتفاع غير المشروع”، ودور القضاء في محاسبة كل من يتلاعب بالمناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية.
في هذا المقال نكشف لك تفاصيل كاملة حول قضية مبارك الحريص، ملابسات المحاكمة، نص الحكم، الجرائم المرتكبة، وأثر القضية على المشهد السياسي الكويتي.
تفاصيل الحكم القضائي بحق مبارك الحريص
أصدرت محكمة التمييز أعلى جهة قضائية في الكويت، حكماً نهائياً وقابلاً للتنفيذ الفوري، متضمناً ما يلي:
- عقوبة السجن: الحبس لمدة عامين كاملين مع الشغل والنفاذ.
- الغرامة المالية: دفع غرامة مقدارها 566 ألف دينار كويتي.
- العزل السياسي: الحرمان من تولي أي منصب عام مستقبلاً.
- ويمثل هذا الحكم تأكيدًا حاسمًا على سياسة الدولة الكويتية في مكافحة الفساد بجميع أشكاله مهما كانت رتبة المتهم أو مركزه.
لمحة عن المتهم: من هو مبارك الحريص؟
مبارك الحريص هو شخصية سياسية بارزة في المشهد الكويتي:
- شغل منصب وزير شؤون الخدمات سابقًا.
- كما تولى وزارة شؤون مجلس الأمة خلال فترة من الفترات السياسية المهمة.
- كان نائبًا في مجلس الأمة ويحظى بنفوذ سياسي ملحوظ.
لكن طموحه لم يتوقف عند حدود العمل السياسي، إذ تورط في قضايا أثبتت محاولاته استغلال المناصب الرسمية لتحقيق مكاسب شخصية بطرق غير قانونية.
ملخص القضية: كيف تورط مبارك الحريص؟
استغلال النفوذ
استغل مبارك الحريص موقعه الوزاري للتأثير على قرارات بلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة، وذلك لصالحه الشخصي.
التحايل على النشاط الصناعي
قام الحريص بطلب تحويل استعمال قسيمتين صناعيتين تقعان في:
- منطقة الجهراء.
- منطقة الصليبية.
حيث تم تحويل القسيمتين من نشاط صناعي حرفي إلى نشاط تجاري خدمي، الأمر الذي رفع قيمة الأرض بشكل كبير.
مخالفة الإجراءات الرسمية
لم يتم اتباع القوانين الرسمية المعمول بها، إذ:
- تم التغيير بدون الرجوع للمجلس البلدي للحصول على موافقته.
- أُنجز الأمر من خلال نفوذه وعلاقاته دون استكمال المسار القانوني المعتاد.
مكاسب مالية ضخمة
- حصل مبارك الحريص على 50 ألف دينار مقابل تسهيل عملية تغيير النشاط.
- ثم باع لاحقًا القسيمتين بمبلغ 780 ألف دينار، محققًا أرباحًا غير مشروعة مستغلاً صفته الرسمية.
التهم التي أدين بها:
- التكسب غير المشروع: تحقيق ثروة نتيجة استغلال السلطة العامة.
- التزوير: تغيير بيانات رسمية لتحقيق أغراض شخصية.
حيثيات الحكم القضائي
استند الحكم الصادر عن محكمة التمييز إلى عدة أدلة وبراهين قاطعة:
- وجود مستندات رسمية تثبت تدخل مبارك الحريص لتغيير الأنشطة الصناعية.
- تقارير رسمية من بلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة.
- اعترافات ضمنية وأدلة مالية تثبت حصوله على مقابل مادي.
رأت المحكمة أن الأفعال المرتكبة تمثل إخلالاً جسيماً بواجبات الوظيفة العامة، وتضر بمصالح الدولة والمجتمع، مما يستوجب إنزال أقصى العقوبات لتحقيق الردع العام والخاص.
أثر القضية على المشهد السياسي الكويتي
لا شك أن هذه القضية كان لها تداعيات واسعة:
- أعادت تأكيد شعار أن لا أحد فوق القانون.
- كشفت للرأي العام أهمية مراقبة الأداء الوزاري والنزاهة في شغل المناصب العامة.
- عززت من مطالب الشارع بضرورة محاسبة الفاسدين دون مجاملات سياسية.
كما أثارت نقاشات حامية في الأوساط الإعلامية حول:
- ضرورة تحديث قوانين مكافحة الفساد.
- تفعيل دور أجهزة الرقابة الحكومية.
- أهمية نزاهة التعيين في المناصب العليا.
تعليقات الشارع الكويتي على الحكم
- تفاوتت ردود الأفعال الشعبية بعد صدور الحكم:
- كثيرون رأوا أنه انتصار للعدالة وسيادة القانون.
- آخرون طالبوا بتوسيع التحقيقات وملاحقة كافة أشكال الفساد الإداري والمالي.
- انتشرت عبارات داعمة لاستقلال القضاء مثل:
“القضاء الكويتي شامخ وعادل”،
“لا حصانة للفاسدين مهما علت مناصبهم”.
مقارنة مع قضايا فساد سابقة
شهدت الكويت خلال السنوات الأخيرة عدة قضايا مشابهة:
- بعض القضايا طالت نوابًا ووزراء سابقين.
- حالات أخرى شملت قيادات بلدية وإدارية.
لكن يظل حكم حبس مبارك الحريص مع عزله وتغريمه بهذا الحجم من أكبر الأحكام في تاريخ قضايا استغلال النفوذ بالكويت.
الدروس المستفادة من القضية
من هذه الواقعة، يمكن استخلاص عدة دروس هامة:
- أهمية الرقابة المستمرة على أداء المسؤولين.
- ضرورة تفعيل الشفافية في إدارة الممتلكات العامة.
- لا غنى عن وجود قضاء مستقل يحمي مصالح الدولة.
- الفساد الإداري جريمة تمس أمن المجتمعات واستقرارها.
الخلاصة
قضية مبارك الحريص تمثل رسالة قوية:
- لا مجال بعد اليوم لاستغلال السلطة لتحقيق منافع شخصية على حساب الصالح العام.
- الكويت بعزم قضائها ومؤسساتها تقول كلمتها الحاسمة:
“نحن مع النزاهة.. ومع وطن نظيف من الفساد.”
رحلة محاكمته، من توجيه الاتهامات حتى صدور الحكم النهائي بالسجن والغرامة والعزل، ستظل واحدة من أبرز المحطات في مسار مواجهة الفساد السياسي والإداري في البلاد.