متى موعد عيد المقاومة والتحرير 2025 في لبنان؟ وكيف يحتفل اللبنانيون بهذه الذكرى الوطنية؟
في الخامس والعشرين من أيار/مايو من كل عام، ينبض قلب لبنان بمشاعر العزة والانتصار، حيث يحتفل الشعب اللبناني بـ عيد المقاومة والتحرير، تخليدًا لواحدة من أبرز المحطات الوطنية في تاريخ لبنان الحديث. ففي هذا اليوم من عام 2000، انسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان دون شروط أو اتفاقيات، بعد احتلال دام لأكثر من 22 عامًا.
ذكرى التحرير التي غيرت وجه الجنوب
في 25 أيار من كل عام، لا يُعد هذا التاريخ مجرد يوم عادي على روزنامة اللبنانيين، بل هو يوم يحمل في طياته انتصارًا حقيقيًا للإرادة الشعبية والمقاومة. إنه اليوم الذي أجبر فيه الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية، بعد عقود من المعاناة والعدوان والاعتقالات والمجازر.
في عيد المقاومة والتحرير 2025، يستذكر اللبنانيون بطولات أبناء الجنوب، وجهود كل من ساهم في طرد المحتل من أرضهم، وسط احتفالات رسمية وشعبية تتوزع على كامل التراب اللبناني، من بيروت إلى صور، ومن النبطية إلى حاصبيا.
متى يصادف عيد المقاومة والتحرير 2025 في لبنان؟
يصادف عيد المقاومة والتحرير في لبنان لعام 2025 يوم الأحد 25 أيار/مايو، وهو تاريخ ثابت يُحتفى به سنويًا إحياءً لذكرى انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في العام 2000.
وقد تم إعلان هذا اليوم كعيد وطني رسمي في لبنان منذ العام ذاته، بموجب بيان صادر عن الحكومة اللبنانية برئاسة سليم الحص، الذي أعلن أن 25 مايو هو يوم وطني لتحرير الأرض وكرامة الوطن.
السياق التاريخي: كيف بدأ الاحتلال الإسرائيلي للبنان؟
تعود جذور الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان إلى عام 1978، عندما اجتاحت قوات الاحتلال جزءًا من الأراضي اللبنانية تحت ذريعة مواجهة التهديدات الأمنية على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
أبرز المحطات في الاحتلال:
- 1978: اجتياح الجنوب اللبناني في عملية “الليطاني”.
- 1982: الاجتياح الإسرائيلي الأكبر الذي وصل إلى بيروت.
- 1985: انسحاب جزئي وبقاء قوات الاحتلال في “الشريط الحدودي”.
- 2000: الانسحاب الكامل من جنوب لبنان دون شروط.
طوال تلك السنوات، واجه الاحتلال مقاومة لبنانية شرسة، بدأت بمبادرات وطنية من الحزب الشيوعي وحركة أمل، قبل أن تتبلور المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، والتي أدت إلى تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
كيف تم التحرير؟ من الغندورية إلى معتقل الخيام
بدأت شرارة التحرير في 21 مايو 2000، عندما أعلنت كتيبتان من جيش لحد (الميليشيا العميلة لإسرائيل) استسلامهما، ما فتح الباب أمام الأهالي والمقاومة لاجتياح المناطق المحتلة.
أبرز محطات التحرير:
- 21 مايو: اجتياح بلدة الغندورية من قبل الأهالي، وتحريرها بمؤازرة من المقاومة.
- 22 مايو: تحرير قرى مثل مركبا، طلوسة، عديسة، رشاف، رب ثلاثين.
- 23 مايو: تحرير بنت جبيل، عيناتا، يارون، الطيري، واقتحام معتقل الخيام وتحرير الأسرى.
- 24 مايو: استكمال الانسحاب من قرى البقاع الغربي وحاصبيا.
- 25 مايو: خروج آخر جندي إسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وإعلان التحرير الكامل.
ماذا تبقّى تحت الاحتلال؟
رغم الإنجاز التاريخي، لم يكتمل التحرير بنسبة 100%، إذ لا تزال منطقتا “مزارع شبعا” و”كفرشوبا” تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى يومنا هذا. وتؤكد الحكومة اللبنانية أن تلك الأراضي لبنانية بالكامل، وتطالب الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب منها.
الاحتفالات بذكرى عيد المقاومة والتحرير
تحمل هذه المناسبة طابعًا وطنيًا وشعبيًا في آنٍ واحد، حيث تُقام الفعاليات الرسمية والشعبية على نطاق واسع، تتخللها:
- كلمات رسمية من كبار المسؤولين، لا سيما رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.
- مسيرات شعبية في الجنوب اللبناني وخاصة في بنت جبيل والخيام.
- معارض صور ووثائق حول سنوات الاحتلال والمقاومة.
- عروض فنية وشعرية تمجد المقاومة وأبطالها.
- ندوات سياسية وتاريخية في الجامعات والمؤسسات التعليمية.
- زيارات ميدانية إلى معلم مليتا السياحي الذي يوثق ذاكرة المقاومة.
معلم مليتا: السياحة الجهادية في لبنان
بمناسبة الذكرى السنوية للتحرير، دشّنت المقاومة الإسلامية معلم مليتا، وهو مجمع ثقافي وسياحي يقع في منطقة اللويزة الجنوبية، ويُعد أحد أبرز المعالم التي تخلّد ذاكرة التحرير والمقاومة.
يضم المعلم:
- أنفاقًا استخدمها المقاومون.
- معرضًا لأسلحة وأغراض الاحتلال الإسرائيلي.
- أفلامًا وثائقية تحكي القصة من الداخل.
- منصة مراقبة تطل على الجنوب اللبناني وفلسطين المحتلة.
- وقد أصبح المعلم مقصدًا سنويًا لآلاف الزوار اللبنانيين والعرب.
دلالات هذا العيد الوطني
عيد المقاومة والتحرير لا يقتصر على الانتصار العسكري فحسب، بل يحمل دلالات عميقة:
- إثبات فعالية المقاومة الشعبية في دحر الاحتلال دون مفاوضات أو اتفاقات.
- تعزيز الوحدة الوطنية حول قضية التحرير والدفاع عن السيادة.
- حافز لإعادة إعمار المناطق المحررة وتنميتها اقتصاديًا.
- رسالة إلى العالم أن الشعب اللبناني لا يقبل الخنوع مهما طال أمد الاحتلال.
عيد المقاومة في 2025: الأوضاع الراهنة وتحديات المرحلة
يتزامن عيد المقاومة والتحرير 2025 مع تحديات أمنية واقتصادية كبيرة يعيشها لبنان، لكن هذه الذكرى تعيد الأمل في قدرة الشعب اللبناني على الصمود، وتقدم رسائل ملهمة للشباب اللبناني حول أهمية الثبات، والإرادة، والعمل المشترك.
كما تحيي هذه المناسبة الروح النضالية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، سواء في الجنوب أو عبر الخروقات الجوية والبحرية، التي لا تزال تمثّل انتهاكًا للسيادة اللبنانية.
التعليم والإعلام: كيف يُخلد العيد في الجيل الجديد؟
في المدارس والجامعات، يُخصَّص هذا اليوم لتوعية الطلاب بتاريخ الاحتلال، وشرح مفاهيم المقاومة والتحرير.
ويتم عبر:
- تنظيم ندوات توعوية.
- توزيع مطبوعات توثق الحدث التاريخي.
- عروض أفلام وثائقية.
- استضافة محاربين قدامى للحديث عن تجربتهم.
أما الإعلام، فيقدّم برامج خاصة وتغطيات موسعة تستعرض المحطات البارزة، وتستضيف الشخصيات المشاركة في صنع هذا الإنجاز الوطني.
المقاومة: من العمل المسلح إلى الدفاع السياسي
على الرغم من أن التحرير عام 2000 تم بفعل العمل المسلح، إلا أن المقاومة اللبنانية، وتحديدًا حزب الله، باتت اليوم تشارك في الحياة السياسية والبرلمانية، حيث تمثل شريحة من اللبنانيين وترتبط بقضايا استراتيجية تتعلق بأمن البلاد.
وقد تحوّل دور المقاومة إلى أوسع من الدفاع العسكري، ليشمل أيضًا:
- التمكين الاجتماعي في الجنوب.
- المساهمة في إعادة الإعمار.
- العمل الثقافي والتربوي.
ماذا تعني هذه المناسبة للبنانيين المغتربين؟
في الشتات اللبناني، يحتفل المغتربون في دول أوروبا وأمريكا وكندا وأفريقيا بهذه المناسبة، من خلال:
- تنظيم ندوات ولقاءات.
- إقامة معارض صور ومقتنيات.
- مشاركات عبر وسائل التواصل.
- التواصل مع وسائل الإعلام لنقل الصوت الوطني للخارج.
- تلك الجاليات تعتبر عيد المقاومة والتحرير هويّة معنوية تربطهم بأرض الوطن.
كلمة الختام: عيد لا يُنسى.. وذاكرة لا تموت
عيد المقاومة والتحرير ليس فقط تاريخًا في الروزنامة، بل هو صوت المقاومة الذي هزّ أركان الاحتلال.
هو اليوم الذي انتصر فيه الجنوب اللبناني بالكرامة قبل السلاح، بالإيمان قبل المعدات، وبالشعب قبل السلطة.
وفي كل عام، يتجدّد العهد: أن لبنان لا يُستباح، وأرضه لا تُنسى، وتضحيات أبطاله لا تذهب سدى.