فعاليات اليوم الوطني للصحافة 2025 في الجزائر: مسار إصلاحي يعزّز حرية الإعلام ويواجه التحديات

تحت شعار “مكاسب وتجربـة تؤهـل الإعلام لمواجهة التحديات”، تحيي الجزائر يومها الوطني للصحافة في 22 أكتوبر / تشرين الأول 2025، وسط زخم من الإصلاحات الجوهرية والدعم السياسي الصريح لقطاع الإعلام، في مسعى لبناء منظومة صحفية حرة، مهنية، وفعّالة.

يوم الصحافة في الجزائر.. من مناسبة احتفالية إلى محطة تقييم وإصلاح

في كل عام، وتحديدًا في 22 أكتوبر، تحتفل الجزائر بـ اليوم الوطني للصحافة، مناسبة رمزية تحوّلت إلى مساحة تقييم للمكاسب والتحديات في مجال الإعلام.

ويكتسي يوم الصحافة 2025 أهمية استثنائية، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها القطاع، على المستويين التشريعي والتنظيمي، بفضل الإرادة السياسية التي عبّر عنها الرئيس عبد المجيد تبون، الذي جعل من إصلاح الإعلام وتعزيز حرية الصحافة أحد مرتكزات برنامجه الرئاسي.

من الصحافة الورقية إلى الإعلام الرقمي، ومن التشريعات التقليدية إلى قانون إعلام حديث يُواكب التغيرات العالمية، تبدو الجزائر اليوم أمام نقلة نوعية تستحق القراءة والتحليل في ضوء هذا الحدث السنوي البارز.

22 أكتوبر: رمزية اليوم الوطني للصحافة في الجزائر

تعود رمزية اليوم الوطني للصحافة في الجزائر إلى إرادة الدولة في تكريم رجال ونساء مهنة المتاعب، والاعتراف بالدور المحوري الذي تلعبه الصحافة في بناء دولة الحق والقانون، وترسيخ ثقافة الحوار والنقد البناء.

وتترافق هذه المناسبة مع فعاليات ثقافية، تكريمية، وتكوينية، تشمل:

  • تكريم صحفيين قدامى وأسماء لامعة في المجال الإعلامي
  • عقد ندوات وورش عمل حول أخلاقيات الصحافة والتحول الرقمي
  • تنظيم مسابقات وجوائز لأفضل تحقيق صحفي أو تغطية إعلامية
  • إطلاق تقارير تقييمية لحالة الإعلام الوطني
  • مناقشة المستجدات التشريعية وسبل تطوير الأداء الإعلامي

إصلاح شامل للإعلام.. من الوعود إلى التنفيذ

منذ بداية عهدته، حرص الرئيس عبد المجيد تبون على وضع الإعلام في قلب أولويات الإصلاحات الوطنية. فالمشهد الإعلامي الذي كان يعاني من التشويه بفعل المال الفاسد والتجاذبات السياسية، بدأ يستعيد عافيته بفضل حزمة من القوانين التي تم تفعيلها مؤخرًا، من أبرزها:

1. قانون الإعلام العضوي

وهو القانون الذي أعاد صياغة العلاقة بين الصحفي والدولة، حيث وضع معايير دقيقة للعمل الإعلامي، وضبط الحدود بين حرية الصحافة والمسؤولية.

2. قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية

الذي ساوى بين جميع المنصات من حيث الحقوق والواجبات، وشجع على إنشاء صحف إلكترونية تخصصية تسهم في مكافحة الأخبار الزائفة وتحسين جودة المحتوى.

3. قانون النشاط السمعي البصري

الذي منح سلطة ضبط السمعي البصري مزيدًا من الاستقلالية والصلاحيات، بما في ذلك الرقابة على المحتوى الذي يُبث عبر الإنترنت.

المجلس الأعلى لأخلاقيات الصحافة.. صمام أمان للمهنة

في خطوة تُعتبر سابقة، صدر مرسوم رئاسي يحدد تشكيلة وتنظيم المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي. ويتكوّن المجلس من:

  • 12 عضوًا: 6 منهم يُعيّنون من طرف رئيس الجمهورية، و6 يُنتخبون من الصحفيين أنفسهم.

تُناط به مهام كبرى، مثل:

  • إعداد ميثاق أخلاقيات المهنة والمصادقة عليه
  • مراقبة مدى الالتزام بالميثاق
  • الفصل في التجاوزات المهنية\
  • تنظيم دورات تكوينية ودراسات تطبيقية
  • ويُعد المجلس ركيزة أخلاقية ومهنية لضبط التوازن بين حرية الصحافة واحترام القيم والمبادئ الوطنية.

محاربة المال الفاسد في الإعلام.. قرار سياسي شجاع

واحدة من أهم مكاسب اليوم الوطني للصحافة 2025 هو استمرار الدولة في استبعاد المال الفاسد من الاستثمار الإعلامي. فقد بات من الملزم قانونًا لأي مؤسسة إعلامية أن تُثبت أن رأس مالها ومواردها مالية وطنية خالصة، وأن تُصرّح بها للجهات المختصة.

هذا التوجّه يضمن أن تبقى الصحافة خالية من النفوذ المالي الخارجي، وتعمل في إطار المهنية والشفافية لا في ظل الإملاءات.

المدينة الإعلامية “دزاير ميديا سيتي”.. مشروع استراتيجي

لم تكتف الدولة الجزائرية بالإصلاحات القانونية فقط، بل أطلقت مشاريع هيكلية كبرى، مثل:

مدينة “دزاير ميديا سيتي”:

  • قطب إعلامي متكامل في قلب الجزائر العاصمة
  • يضم منصات تلفزيونية وإذاعية ووسائل رقمية
  • يحتوي على منطقة حرة مخصصة للشركات الإعلامية العالمية
  • مركز موحد للبث وخدمات الاتصال والبنية التحتية
  • يوفر تكوينًا عاليًا للصحفيين والتقنيين

هذا المشروع العملاق يُنتظر أن يكون نقطة تحوّل استراتيجية في احترافية الإعلام الجزائري ويضعه على خريطة الإعلام الإقليمي والدولي.

دعم الصحفيين ماديًا ومهنيًا.. من الشعارات إلى السياسات

أدركت السلطات أن ترقية الإعلام لا يمكن أن تتم دون تحسين ظروف الصحفيين. ولهذا، أعلن الرئيس تبون عن:

  • تخفيض الضرائب على وكالة الأنباء الجزائرية لصالح الإعلام الوطني
  • دعم استضافة المواقع الإلكترونية عبر اتصالات الجزائر
  • تحضير قانون أساسي للصحفي يحدد الحقوق والواجبات
  • بعث صندوق دعم الصحافة بعد تجميده لسنوات
  • كل هذه الإجراءات تُؤسس لتوازن بين الحرية والمسؤولية، وبين المهنية والكرامة الاجتماعية.

قوانين تحمي الصحفي وتُحدد الضوابط

تسعى الجزائر في إطار هذه الإصلاحات إلى ضبط العلاقة بين الصحافة والدولة عبر:

  • حماية الصحفي من العنف أثناء تأدية مهامه
  • تجريم خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية
  • منع الإشادة بالاستعمار أو الإساءة للذاكرة الوطنية
  • ضبط النشر الإلكتروني بما ينسجم مع الخصوصية المجتمعية
  • وذلك في محاولة لصياغة صحافة تنويرية مسؤولة، تخدم الوطن والمواطن، وتبتعد عن الإثارة الفارغة والمصالح الضيقة.

اليوم الوطني للصحافة: فرصة لتقييم التجربة وبلورة الرؤية

إن يوم 22 أكتوبر لم يعد مجرّد يوم احتفالي، بل أصبح فرصة سنوية لتقييم:

  • مدى فعالية القوانين الجديدة
  • نسبة التزام الصحافة بأخلاقيات المهنة
  • دور الإعلام في بناء الوعي السياسي والاجتماعي
  • موقع الجزائر في مؤشر حرية الصحافة العالمي
  • آثار التحول الرقمي على جودة الصحافة الجزائرية
  • فهو بمثابة بوصلة للمستقبل، يوجّه السياسات، ويحفّز العاملين في القطاع على مزيد من العطاء.

خاتمة: إعلام جزائري جديد.. متجذر، مهني، سيّد قراره

فعاليات اليوم الوطني للصحافة 2025 في الجزائر تؤكد أن الإعلام لم يعد مجرد ناقل للمعلومة، بل أصبح فاعلًا سياسيًا وثقافيًا وتنمويًا.

وأن الصحافة الجزائرية التي لطالما ناضلت من أجل الكلمة، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها:

  • احترافية بلا انحراف
  • حرية ضمن الإطار
  • تعددية تحترم السيادة
  • وطنية تُواجه الحملات الخارجية والتشويش الإعلامي

إن ما يحدث في الجزائر اليوم من إصلاحات، هو في حقيقته ثورة هادئة في الإعلام، يقودها وعي سياسي وإرادة شعبية، من أجل إعلام قوي يواكب التحديات ويرتقي إلى طموحات الأمة.

أحمد شلبي

محرر مُحنك مع خبرة واسعة في تحرير ومراجعه المحتوى الإخباري بأنواعه المختلفة، يمتلك مهارات ممتازة في القواعد والنحو والهجاء والتدقيق اللغوي، يتمتع بقدرة عالية على التحقق من صحة المعلومات والبيانات، لديه إلمام واسع بالأحداث الجارية والقضايا الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !