أسباب وفاة سيد سعيد الصافي كاملة.. من هو شاعر الحسين الذي أبكانا؟
في 18 أبريل 2025، خيّم الحزن على القلوب وعمّ الصمت أرجاء المنابر، بعد إعلان وفاة الشاعر الحسيني الكبير سيد سعيد الصافي الرميثي، أحد أعمدة الشعر الولائي، ورمز الإبداع في رسم الحزن الكربلائي بكلماته التي طالما جعلت الدموع تسابق الكلمات. نبأ وفاته لم يكن مجرّد خبر، بل زلزال عاطفي هزّ نفوس محبيه في العراق، الخليج، والعالم الشيعي بأسره.
لقد كان الصافي شاعرًا لا يُشبه أحدًا، صوته جاء من الفرات، من كربلاء، من عمق الولاء، وحمل في كل بيت شعري ذكرى شهيد، ودمعة أم، ونبضة قلب تهتف باسم الحسين (عليه السلام). من هو سيد سعيد الصافي؟ ولماذا أحدثت وفاته هذه الضجة الوجدانية؟ وما السبب الحقيقي وراء وفاته؟ هذا ما سنكشفه في هذا المقال الحصري.
سبب وفاة سيد سعيد الصافي الشاعر الكبير
أفادت منشورات موثوقة عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) أن الشاعر سيد سعيد الصافي قد فارق الحياة بعد تعرضه لجلطة دماغية حادة، نُقل على إثرها إلى المستشفى في حالة حرجة، لكنه لم يمكث طويلاً. سرعان ما تدهورت حالته الصحية، لتُعلن وفاته يوم الخميس 18 أبريل 2025، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا ولائيًا خالدًا.
رغم أن الجهات الرسمية أو أفراد عائلته لم يُصدروا بيانًا تفصيليًا حول تطورات حالته، إلا أن محبيه ومتابعيه تداولوا الخبر وسط حالة من الصدمة، حيث كان لا يزال يُعتبر من الأصوات الشعرية النشطة، رغم تقدمه في العمر.
من هو سيد سعيد الصافي الرميثي؟
الشاعر سيد سعيد الصافي الرميثي هو علم من أعلام الشعر الشعبي العراقي، وركن من أركان القصيدة الولائية التي تُلقى على المنابر الحسينية. وُلد في العراق ونشأ في بيئة دينية محافظة مفعمة بحب أهل البيت (عليهم السلام)، مما انعكس على كلماته التي اختارت الحسين موضوعًا دائمًا، وعلى أشعاره التي اتخذت من كربلاء مقامًا لا يغادر الروح.
كان الصافي مدرسة شعرية متفرّدة، تميز بأسلوب يمزج اللهجة العامية العراقية مع المضامين الدينية العاطفية، وهو ما جعله قريبًا جدًا من جمهور المنابر، لا سيما في مواسم عاشوراء وزيارات الأربعين.
السيرة الذاتية الكاملة للشاعر سيد سعيد الصافي
- الاسم الكامل: السيد سعيد الصافي الرميثي
- الكنية: أبو حيدر
- الجنسية: عراقي
- الولادة: العراق (تاريخ دقيق غير موثق، لكن يُقدر في الستينات)
- النشأة: نشأ في محافظة واسط في كنف عائلة موالية لأهل البيت، وشبّ على سماع القصائد الحسينية
- المهنة: شاعر ولائي، خادم المنبر الحسيني
- أشهر أعماله: قصيدة “هذا الغريب منين”، وقصائد “ذبيح مسلّب”، “لبيك يا حسين”، “يبو السجاد”
- الوفاة: 18 أبريل 2025
- سبب الوفاة: جلطة دماغية مفاجئة
- الدفن: تم تشييعه في العراق وسط حضور لافت من محبيه وذوي الشأن الديني والثقافي
سيد سعيد الصافي والمنبر الحسيني
ربما لم يُصعد الصافي منابر الخطباء بنفسه، لكنه كان نبضًا شعريًا يرافق الخطباء والرّواديد في كل موسم عاشورائي. قصائده لم تكن مجرد كلمات تُلقى، بل نصوصًا تترجم الحزن، وتحمل مسؤولية إحياء المأساة الحسينية بكل أمانة وشفافية وجدانية.
اشتهر بتعاونه مع كبار الرواديد، أبرزهم:
- باسم الكربلائي: الذي أدى له أكثر من قصيدة، وعلى رأسها “هذا الغريب منين”.
- الرادود أبو بشير: أحد الذين أبدعوا في أداء أشعاره بصوت شجيّ.
- رعد الكعبي وغيرهم من أصوات المنبر المؤثرة.
أبرز القصائد: “هذا الغريب منين؟”
من أشهر قصائده التي خلّدت اسمه في الوجدان الحسيني، قصيدة “هذا الغريب منين؟”، والتي تتحدث عن غربة الإمام الحسين (عليه السلام)، وعن ألم الفقد، ووحشة الطريق، وتفاصيل الظلم الذي تعرض له سبط النبي.
هذه القصيدة أصبحت رمزًا للمجالس العاشورائية، ورددها الملايين في العراق، إيران، سوريا، البحرين، لبنان، وحتى في الجاليات الشيعية بالمهجر.
تجربة الأسر.. الشعر يولد من الألم
لا يمكن الحديث عن الصافي دون التوقف عند مرحلة أسره خلال الحرب العراقية الإيرانية. ففي عام 1982، وأثناء تأديته للخدمة العسكرية، وقع في الأسر وظل معتقلًا في إيران لمدة ست سنوات كاملة.
لكن السجن لم يُوقف روحه الشعرية، بل أطلقها حرةً. وخلال هذه السنوات، كوّن علاقة وثيقة مع الشاعر الحسيني جابر الكاظمي، وواصل كتابة الشعر الولائي، مما جعل من تلك الفترة محطة تحوّل روحي وشعري في حياته.
تغريدات نعي لوفاة الشاعر سيد سعيد الصافي
من منصات التواصل:
- “رحل شاعر الدمعة.. سيد سعيد الصافي، لا كلمات تكفيك، كنت صدى الحسين على منابرنا، رحمك الله وغفر لك.”
- “غابت القصيدة التي تبكينا كل محرم، رحمك الله يا سيد الحرف.. يا صوت الولاء.”
- “يا سيد سعيد.. من يُنشد الحسين بعدك؟ من يُبكينا بعدك؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.”
من شخصيات دينية وثقافية:
عدد من خطباء المنبر ورجال الدين نوهوا إلى أن فقد الصافي هو خسارة لا تعوض في الأدب الولائي، لأنه لم يكن شاعرًا فقط، بل حامل رسالة إيمانية خالصة.
أثره في الساحة الأدبية والشعبية
- يعتبر الصافي من القلائل الذين جمَعوا بين البساطة الشعبية والعمق العقائدي.
- أعاد صياغة القصيدة الولائية لتكون أقرب إلى وجدان الناس، دون أن تُفرط في رمزيتها.
- خرج من حدود العراق ليصل إلى جمهور عربي واسع، خاصة في الخليج.
- أصبح مرجعًا شعريًا للرّواديد الشباب، الذين اقتبسوا من أعماله الكثير، واعتبروا أشعاره مرجعية حسينية أدبية.
فقرة ختامية: ما بعد رحيل سيد سعيد الصافي
برحيل سيد سعيد الصافي، طُويت صفحة من صفحات الشعر الولائي النقي، لكنه لم يُغلق الكتاب، بل ترك فصولًا لا تزال تُقرأ وتُردد وتُبكى. سيبقى “هذا الغريب منين” يُسمع في كل عاشوراء، وسيبقى اسم الصافي مرادفًا للدمعة التي تنزل حين يُذكر الحسين.
لقد أدّى رسالته، وكتب بدموعه قبل قلمه، وأوصل صوت كربلاء لكل بيت. وها هو اليوم يغادر، تاركًا لنا صوتًا لا يموت.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعل شعره صدقة جارية تنفعه في آخرته كما نفعنا في دنيانا.