سبب إغلاق وتشميع 11 فرعًا لـ محل بـ لبن في الجيزة.. ما القصة الكاملة؟
تحوّل مساء روتيني في محافظة الجيزة إلى حالة طوارئ كبرى، بعد أن استقبل مستشفى الشيخ زايد ثلاث حالات حرجة من أسرة واحدة أصيبوا بتسمم حاد بعد تناول حلوى من أحد فروع سلسلة “بلبن” الشهيرة. وبعد ساعات قليلة، تصدّرت صور الفروع المشمعة عناوين الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، مع إعلان رسمي بإغلاق 11 فرعًا دفعة واحدة.
لكن ما الذي حدث؟ وهل أصبح اسم “بلبن” في خطر؟ وما الذي كشفته التحريات؟ في هذا التقرير نرصد القصة الكاملة منذ لحظة البلاغ وحتى صدور قرار الإغلاق.
بلاغ عاجل من مستشفى الشيخ زايد
البداية كانت مع وصول ثلاثة مصابين إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي، في حالة إعياء شديد، مع أعراض تشير إلى حالة تسمم غذائي حاد. الحالة الصحية الحرجة للأسرة دفعت المستشفى إلى تحرير بلاغ رسمي للجهات الأمنية، مدوّن فيه مصدر الطعام الذي تم تناوله، وهو حلوى اشترتها الأسرة من أحد فروع “بلبن”.
وفور ورود البلاغ، تحرّكت مباحث التموين بالتعاون مع الجهات التنفيذية والرقابية إلى الفرع المبلغ عنه، لتبدأ فصول قضية باتت حديث الشارع المصري.
حملات تفتيش واسعة وإغلاق فوري
بناءً على تعليمات صادرة من محافظ الجيزة، انطلقت حملة موسعة في منتصف الليل استهدفت كافة فروع سلسلة “بلبن” المنتشرة في محافظة الجيزة، خصوصًا في مناطق: الشيخ زايد، 6 أكتوبر، المهندسين، الدقي، العجوزة، وغيرها.
النتائج الأولية:
- إغلاق وتشميع 11 فرعًا بشكل فوري.
- تحرير محاضر رسمية بالمخالفات.
- إحالة الملفات إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق.
مخالفات بالجملة.. ما الذي كشفته الحملة؟
لم يكن التسمم هو السبب الوحيد في صدور قرار الإغلاق، بل كشف التفتيش عن مخالفات صادمة داخل عدد من الفروع، أبرزها:
- غياب فواتير البيع الرسمية أو وجود فواتير غير مطابقة.
- عدم مطابقة بيانات المستهلك لشروط قانون حماية المستهلك.
- تخزين الحلوى والمواد الخام بطرق غير صحية.
- وجود مواد منتهية الصلاحية في بعض الفروع.
- عدم وجود شهادات صحية للعاملين في المطبخ.
- تجاهل إجراءات النظافة العامة واشتراطات السلامة الغذائية.
وقد دفعت هذه التجاوزات مجتمعة النيابة العامة إلى إصدار إذن قضائي بالمداهمة، وتوجيه استدعاءات عاجلة للمسؤولين عن إدارة المحل، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للعلامة التجارية.
هل ثبتت مسؤولية “بلبن” عن حالات التسمم؟
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تثبت التحقيقات مسؤولية مباشرة لسلسلة بلبن عن الحادث، لكن النيابة العامة:
- تواصل تفريغ كاميرات المراقبة في الفرع المعني.
- استدعت العاملين في نوبة الحادث للتحقيق معهم.
- تنتظر نتائج تحاليل عينات من الحلوى المتناولة.
وصرّحت مصادر مطلعة أن النيابة لن تغلق ملف القضية قبل التوصل إلى نتائج نهائية تؤكد أو تنفي وجود إهمال جسيم أو شبهة جنائية.
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي
الضجة لم تقتصر على الشارع فقط، بل انتقلت إلى مواقع التواصل، حيث تصدّر هاشتاغ #بلبن_في_القفص و#تسمم_بالحلوى الترند في مصر خلال ساعات.
أبرز التعليقات:
- “كنت لسه طالب منهم أونلاين امبارح!”
- “إزاي سلسلة كبيرة كده تغلط الغلطة دي؟”
- “لازم تتشد الرقابة على كل محلات الحلويات.”
في المقابل، دافع بعض المتابعين عن العلامة التجارية، معتبرين أن الحادثة قد تكون فردية ولا تعكس أداء السلسلة ككل، مطالبين بالتريّث لحين انتهاء التحقيقات.
أزمات سابقة لسلسلة “بلبن”.. هل هي المرة الأولى؟
رغم أنها تُعتبر من العلامات التجارية الحديثة، إلا أن “بلبن” مرّت بأكثر من موقف جدلي سابق، أبرزها:
- شكاوى متكررة من عدم توافر شهادات صحية لبعض العاملين.
- تسريبات تتعلق بتوريد منتجات ألبان رديئة الجودة.
- ظهور شكاوى في فروع داخل السعودية العام الماضي، تسببت في إغلاق بعض المواقع هناك مؤقتًا.
لكن سلسلة المحلات كانت تنجح في احتواء الأزمات، عبر بيانات إعلامية وتحركات إصلاحية، حتى جاءت حادثة الشيخ زايد لتفتح ملفًا أكبر قد يصعب إغلاقه سريعًا.
النيابة تطالب بإعادة تقييم شامل للسلامة الغذائية
مصدر قضائي صرّح لموقعنا أن النيابة العامة لا تنظر في قضية بلبن كواقعة منفردة، بل تعتبرها فرصة لإعادة تقييم شامل لحالة محلات الحلويات في الجيزة، من حيث:
- جودة التصنيع.
- مطابقة الاشتراطات الصحية.
- سلامة التخزين.
- مدى الالتزام بإجراءات الوقاية من التلوث.
ومن المتوقع أن يصدر تقرير رقابي نهائي من إدارة التفتيش الغذائي في وزارة الصحة المصرية خلال أسبوع.
هل تعود الفروع للعمل قريبًا؟
تشميع 11 فرعًا دفعة واحدة ليس قرارًا بسيطًا، وقد يؤدي إلى:
- تجميد مؤقت للأنشطة التسويقية.
- خسائر مالية كبيرة بسبب التوقف المفاجئ.
- اهتزاز سمعة العلامة التجارية على نطاق واسع.
لكن في حال أثبتت التحقيقات براءة السلسلة من التسبب في التسمم، فقد يُسمح بعودة بعض الفروع للعمل بعد إعادة التأهيل والرقابة المشددة.
ماذا يقول القانون المصري في مثل هذه الحالات؟
وفقًا لقانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018، ومواد قانون الصحة العامة:
- يعاقب بغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 2 مليون جنيه كل من يعرض غذاءً ضارًا بصحة الإنسان.
- يجوز إغلاق المنشأة وإلغاء التراخيص مؤقتًا أو نهائيًا.
- في حال وجود تسمم جماعي، تتحول القضية إلى جناية إذا ثبتت نية الإضرار أو الإهمال الجسيم.
خلاصة: أزمة عابرة أم بداية انهيار؟
حادثة تسمم عائلة في الشيخ زايد لن تمر مرور الكرام، وقد تكون نقطة تحول في مستقبل بلبن، إن لم تستطع إدارة السلسلة إثبات التزامها الكامل بالسلامة الغذائية، وطمأنة الجمهور.
لكن الدرس الأكبر هنا، يتجاوز اسم “بلبن” ويصل إلى جميع المطاعم ومحلات الحلويات:
سلامة المستهلك أولًا وأخيرًا، وأي إهمال – مهما بدا بسيطًا – قد يهدم سنوات من الثقة في لحظة.