قصة التيكتوكر سلمى المغربية كاملة.. بين تعاطف رقمي وحقيقة مثيرة للجدل
في زمن أصبحت فيه منصات التواصل الاجتماعي مرآة لما يحدث في الشارع، أطلّت علينا قصة التيكتوكر المغربية سلمى، التي شغلت الرأي العام داخل المغرب وخارجه، بعد تداول صور صادمة توثّق تعرضها لاعتداء جسدي عنيف.
لكن القصة لم تنته عند التعاطف، بل تحولت لاحقًا إلى محل تشكيك وتحقيق وتناقضات، بعد أن كشفت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد تفاصيل مثيرة قلبت الموازين، وطرحت أسئلة صعبة حول حقيقة النوايا خلف هذه الضجة الإعلامية.
فما الذي جرى بالضبط؟ من هي سلمى؟ وكيف تحولت من ضحية متعاطف معها إلى شخصية مثيرة للجدل؟ لنكتشف القصة الكاملة في هذا المقال المفصل.
من هي التيكتوكر سلمى المغربية؟
سلمى، شابة مغربية في العشرينات من عمرها، كانت حتى وقت قريب واحدة من آلاف المستخدمين على منصة “تيك توك”، تنشر مقاطع خفيفة بين رقص، يوميات، وسكيتشات فكاهية. لكنها لم تكن تحظى بقدر كبير من الشهرة، حتى وقعت الحادثة التي غيّرت حياتها.
ظهرت سلمى في صورة انتشرت كالنار في الهشيم، تظهر فيها آثار اعتداء جسدي على وجهها، وهي في حالة صدمة، مما أثار حملة تضامن واسعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
في ظرف ساعات، تحوّلت سلمى إلى “رمز للمرأة المعنفة” كما وصفها البعض، وتدفقت التعليقات الداعمة، والنداءات لمعاقبة الجاني، دون التحقق من التفاصيل الكاملة للحادثة.
موقف المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد
في 7 أبريل 2025، أعلنت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بقيادة أمينها العام نبيل وزاع، تضامنها مع سلمى، استنادًا إلى ما تم تداوله من صور ومعلومات أولية، فضلًا عن صدور حكم قضائي ابتدائي بحق المعتدي.
لكن الموقف الرسمي سرعان ما تغيّر، بعدما قامت المنظمة بإجراء تحقيق داخلي وتحليل لسلوك سلمى الرقمي.
وفي بيان صادم للرأي العام، أعلنت المنظمة أنها تُعيد تقييم موقفها، بعد أن اتضح أن سلمى تدير حسابًا على “تيك توك” يتابعه قرابة 700 ألف متابع، وتحصل مقاطعها على ملايين المشاهدات، معظمها لا تتعلق بالقضية بل تحتوي على محتوى وصفه البيان بـ”التافه” و”غير المسؤول”.
البيان الكامل للمنظمة: تحول في الرؤية
جاء في البيان الصادر عن الأمانة العامة:
“القضية، التي بدأنا في دعمها لاعتبارات إنسانية وحقوقية، تحوّلت إلى أداة لجني الشهرة وزيادة نسب المشاهدة. هذا التوجه يتنافى تمامًا مع المبادئ الحقوقية التي تأسست عليها منظمتنا.”
وأكد البيان أن هناك عشرات الحالات الأكثر استحقاقًا للدعم، لكن أصحابها “يعانون في صمت بعيدًا عن كاميرات التيك توك وأضواء السوشيال ميديا”.
ردود الفعل الشعبية: انقسام بين التعاطف والشك
ردة الفعل على بيان المنظمة لم تكن موحدة، بل انقسمت كالتالي:
المؤيدون للمنظمة:
- رأوا في بيانها خطوة شجاعة لكشف استغلال البعض للقضايا الإنسانية.
- اعتبروا أن سلمى كانت تسعى للفت الانتباه واستغلال الضحية كقناع للشهرة.
المتعاطفون مع سلمى:
- اتهموا المنظمة بأنها تخلّت عن دورها الحقوقي.
- قالوا إن سلمى قد تكون ضحية فعلًا، بغض النظر عن نوع محتواها على “تيك توك”.
المترددون:
- طالبوا بالكشف الكامل عن ملابسات القضية عبر مصادر مستقلة ومحايدة.
التيك توك كأداة تأثير: صعود وهبوط في ثوانٍ
منصة “تيك توك” لم تعد مجرد مساحة للترفيه، بل تحولت إلى أرض خصبة للنجومية الفورية. في حالة سلمى، كانت مقاطع الفيديو، من قبل الحادثة وبعدها، تتراوح بين المحتوى الراقص، المواقف التمثيلية، والردود الساخنة على التعليقات، مع تسويق دائم لشخصيتها.
لكن السؤال الأهم:
- هل كانت سلمى ضحية حقيقية تم الاعتداء عليها، ثم وجدت في ذلك بابًا للشهرة؟
- أم أنها خططت لكل شيء منذ البداية كجزء من لعبة رقمية كبرى؟
القضاء المغربي في الواجهة
المنظمة الحقوقية، رغم تحفظها، أبدت ثقتها الكاملة في القضاء المغربي، وناشدت كل من يرى نفسه متضررًا، سواء سلمى أو غيرها، أن يسلك الطرق القانونية بدل تحويل مآسي الناس إلى ترندات ومقاطع ربحية.
وفيما لم يصدر بعد بيان رسمي من القضاء لتوضيح خلفيات الحكم الأولي، إلا أن التحقيقات مستمرة، في ظل وجود جهات تطالب بالكشف عن نتائج الطب الشرعي، وشهادات الجيران أو شهود العيان، لتبيان مدى صحة الواقعة.
تحليل الظاهرة: عندما تلتقي الضحية بالشهرة
ما حدث مع سلمى ليس حالة معزولة، بل نموذج لواقع جديد في زمن السوشيال ميديا، حيث يمكن لحدث مؤسف أن يتحول في لحظات إلى باب للثروة أو النجومية، سواء كان حقيقيًا أو مفبركًا.
وهنا تظهر علامات الاستفهام:
- هل نحن أمام تطبيع غير معلن مع تسليع المآسي؟
- أين تنتهي حرية التعبير وتبدأ المسؤولية الأخلاقية؟
- وهل يحق للمجتمع محاسبة الضحية على نوع المحتوى الذي تنشره لاحقًا؟
رد فعل سلمى: صمت أم تجاهل؟
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تصدر سلمى أي بيان رسمي توضح فيه موقفها من بيان المنظمة أو الشكوك المثارة حولها.
اكتفت بنشر فيديوهات غير مباشرة، تراوحت بين رسائل ضمنية عن “القوة” و”التجاوز”، وأحيانًا تعليقات ضاحكة على “الحسد والغيرة”، ما جعل البعض يرى في ذلك عدم احترام لحساسية القضية.
خاتمة: بين الإنسانية والواقع الرقمي.. أين نقف؟
قصة التيكتوكر سلمى المغربية تكشف لنا أوجهًا متعددة للواقع المعاصر:
- الضحية لم تعد فقط من تعرضت للأذى، بل قد تكون أيضًا من أسيء فهمها أو استُغلت إعلاميًا.
- السوشيال ميديا لم تعد مساحة للمتعة فقط، بل ساحة معارك حقيقية بين الصدق والزيف.
- المنظمات الحقوقية تواجه تحديًا كبيرًا في فرز الحالات الحقيقية من الملفقة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن في زمن لا نصدق فيه أحدًا؟ أم أن الحقيقة غدت رهينة الزوايا التي نختار أن ننظر منها؟