متى موعد عيد الغدير 2025/ 1446 عند الشيعة: متى يصادف وماذا يعني للمسلمين؟
وسط أجواء روحانية تعبق بالولاء والإيمان، ينتظر المسلمون الشيعة حول العالم يوم الغدير بكل تقدير وإجلال، باعتباره أحد أعظم المناسبات الدينية التي تحمل بعدًا عقائديًا وتاريخيًا عميقًا.
في هذا اليوم الذي يُصادف الثامن عشر من شهر ذي الحجة، يُعيد الشيعة استذكار لحظة مفصلية في التاريخ الإسلامي، حين وقف النبي محمد ﷺ في “غدير خم”، وأعلن بعبارته الخالدة: “من كنت مولاه، فهذا عليّ مولاه.”
ليس العيد مجرد ذكرى تاريخية، بل هو تجديد للعهد، وتأكيد لخطّ الإمامة والولاية، حيث يعتبره أتباع المذهب الإمامي مناسبة لـ”اكتمال الدين” و”إتمام النعمة” كما ورد في القرآن الكريم.
متى موعد عيد الغدير 2025/1446؟
يصادف عيد الغدير هذا العام يوم الأحد 15 يونيو 2025، والذي يوافق 18 ذو الحجة 1446 هـ، وفقًا للتقويم الهجري المعتمد لدى المسلمين الشيعة.
وتبدأ التحضيرات للاحتفال به منذ مساء السبت 14 يونيو 2025، حيث تُقام الأدعية والاحتفالات الليلية في العديد من الحسينيات والمساجد.
ماذا حدث في غدير خم؟ لمحة تاريخية
عند عودة الرسول ﷺ من حجة الوداع، وبينما كانت قوافل المسلمين تتجه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، نزل أمر إلهي للنبي بالتوقف في منطقة تُعرف بـ”غدير خم”، وهي وادٍ بين مكة والمدينة.
وفي هذا الموقع، ألقى النبي خطبة عظيمة أمام آلاف المسلمين، رفع خلالها يد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وقال:
“من كنت مولاه، فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه…”
يرى أتباع مذهب أهل البيت أن هذه الحادثة كانت إعلانًا صريحًا بولاية الإمام علي وخلافته من بعد الرسول، ويستدلون بها على أحقية الإمامة في أهل بيت النبي، وهي أساس اعتقادي في العقيدة الشيعية.
لماذا يُعتبر عيد الغدير عيدًا “لإكمال الدين”؟
يربط الشيعة بين حادثة الغدير ونزول الآية القرآنية الكريمة:
“اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا” (سورة المائدة: 3)
ويُعتقد أن نزول هذه الآية في نفس يوم الغدير جاء ليؤكد أن تبليغ ولاية الإمام علي هو تتمة الرسالة الإلهية، وأن تعيينه لم يكن أمرًا هامشيًا بل جوهريًا ضمن منظومة الدين.
كيف يُحيي الشيعة عيد الغدير؟ مظاهر الاحتفال حول العالم
عيد الغدير لا يُشبه سواه من المناسبات، فهو يمزج بين البهجة الاجتماعية والروحية، والتجديد العقدي. ومن أبرز الطقوس والاحتفالات:
1. الصيام والغُسل
من السنن المستحبة في هذا اليوم الصيام والغُسل، كنوع من التقرب إلى الله والشكر على نعمة الولاية.
2. قراءة الأدعية الخاصة
يُكثر الشيعة من تلاوة دعاء الندبة ودعاء “اللهم إني أسألك بحق يوم الغدير”، لما تحمله من رمزية في تجديد الولاء لأهل البيت عليهم السلام.
3. تبادل التهاني والزيارات
يقوم الناس بزيارة بعضهم البعض لتبادل التهاني، مرددين عبارات مثل: “كل عام وأنتم على ولاية أمير المؤمنين”، كما تُنظم الولائم والمجالس العامرة بالحب والفرح.
4. زيارة مرقد الإمام علي عليه السلام
في النجف الأشرف، تتوافد مئات الآلاف من الزائرين من داخل العراق وخارجه إلى مرقد الإمام علي، لتجديد البيعة والوفاء في عيد الغدير.
5. إقامة الأنشطة الثقافية والدينية
في لبنان، البحرين، إيران، الهند، باكستان، وبعض مناطق الخليج، تُقام الندوات الثقافية والفعاليات الفكرية التي تُحيي سيرة الإمام علي ومآثره.
البُعد الإنساني والفكري لعيد الغدير
لا يقتصر عيد الغدير على كونه مناسبة دينية، بل يتعدى ذلك ليحمل رسائل إنسانية عميقة:
- العدالة الاجتماعية: الإمام علي كان رمزًا للعدل، ومحبوه يستلهمون منه قيم الإنصاف.
- حقوق الإنسان: كان من أشد المدافعين عن الكرامة الإنسانية، حتى مع خصومه.
- الحكمة في القيادة: منهجه في الحكم ما زال يُدرّس كمثال في الحكمة السياسية الإسلامية.
آراء مراجع الدين والعلماء في يوم الغدير
الكثير من العلماء والمراجع الشيعة يؤكدون على أن عيد الغدير ليس مجرد مناسبة عاطفية، بل هو:
“عيد الرسالة… عيد النبوة والإمامة معًا.”
كما يقول الإمام الخميني:
“لو أُعطي عيد الغدير حقه كما ينبغي، لتحول إلى أعظم يوم في حياة الأمة الإسلامية.”
بينما يشدد السيد السيستاني على ضرورة الاهتمام بتعليم الأجيال الجديدة معاني هذا العيد وقيمه الحقيقية.
هل عيد الغدير معترف به رسميًا في بعض الدول؟
في عدد من الدول ذات الأغلبية أو التواجد الشيعي الملحوظ، يُعترف بعيد الغدير كعطلة رسمية أو مناسبة دينية بارزة:
- العراق: عطلة رسمية تُقام خلالها مواكب ضخمة وزيارات للعتبات المقدسة.
- إيران: عطلة وطنية يحتفل بها بإضاءة الشوارع وإقامة المسابقات الدينية والثقافية.
- البحرين ولبنان: يُقام احتفال شعبي كبير ومواكب مديح للإمام علي عليه السلام.
- الهند وباكستان: مظاهرات حب واحتفالات شعبية ومجالس خطابية.
ردود فعل المسلمين من الطوائف الأخرى
رغم أن عيد الغدير يُحييه الشيعة بشكل أساسي، فإن ذكرى الغدير مذكورة أيضًا في كتب الحديث والتاريخ لدى بعض أهل السنّة، وإن اختلف التأويل والتفسير حول دلالتها.
ويجمع المسلمون على مكانة الإمام علي ومحبته وفضله، ما يجعل من الغدير فرصة لتعزيز الوحدة والاحترام المتبادل بين الطوائف.
خاتمة: عيد الغدير… بيعةُ قلوب تتجدّد لا تنتهي
عيد الغدير هو يوم ولاء، لكنه أيضًا يوم وعي، يوم قراءة جديدة للتاريخ بمعانيه العميقة.
إنه لحظة تعبير عن حب لا ينقطع لإمام وصفه النبي بأنه “باب مدينة العلم”، وشخصية اعتبرها التاريخ رمزًا للعدل والشجاعة والوفاء.
وبين طقوس الدعاء، وفرح الزيارة، وتزيين البيوت بالألوان والأهازيج، يبقى عيد الغدير منارة عقدية وروحية تحتفظ بمكانتها في ذاكرة الشيعة وجدانهم.