قصة الفيديو المسرب لـ بشير خالد من داخل السجن.. تفاصيل تكشف المستور
قصة المهندس بشير خالد: من خلاف بسيط إلى موت سريري
في لحظة قاتمة من تاريخ التعامل الأمني داخل مراكز الاحتجاز العراقية، انطلق مقطع فيديو كالنار في الهشيم، يُظهر شابًا يُفترض أن يكون معتقلاً، يتحدث بألم واضح: “أنا لست منتسبًا في الداخلية”. كانت هذه الكلمات كفيلة بإشعال مواقع التواصل الاجتماعي، وفتح الباب أمام سيل من التساؤلات حول مصير المهندس بشير خالد لطيف، وما إذا كان قد تعرض للتعذيب بالفعل، ومن المسؤول عن ما حدث له خلف القضبان.
تحوّل هذا الفيديو من مجرد تسريب إلى قضية رأي عام، استدعت تدخلاً عاجلاً من وزارة الداخلية العراقية، ومتابعة على أعلى المستويات. فما حقيقة ما حدث؟ وكيف تحوّل المهندس المعروف إلى ضحية، وربما شهيد، للبيروقراطية الأمنية؟
من هو بشير خالد لطيف ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
بشير خالد لطيف، مهندس شاب عراقي، كان يعيش في العاصمة بغداد، ويُعرف في مجتمعه المحلي بالهدوء وحبّه للعمل التطوعي، ويشغل وظيفة مرموقة في مجال الهندسة الكهربائية. لا يحمل سجلاً إجراميًا، ولا علاقة له بأي أنشطة مشبوهة، مما جعل ما تعرض له مثيرًا للدهشة والاستغراب لدى كل من عرفه.
تسلسل الأحداث: خلاف بسيط ينتهي بكارثة
وفق ما نقلته مصادر أمنية، بدأت القصة بخلاف داخل مجمع الأيادي السكني في منطقة العامرية، بين بشير خالد وضابط برتبة لواء في الشرطة الاتحادية. ورغم بساطة الحادثة من حيث الشكل، فقد أدى تصاعد التوتر إلى تدخل دوريات النجدة واعتقال المهندس بشير واقتياده إلى مركز شرطة حطين.
وفي هذا المركز، بدأت فصول أكثر تعقيدًا من القصة، حيث تشير التقارير إلى أنه تعرض لاعتداء جسدي من قبل بعض المحتجزين، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بسرعة كبيرة، ليُنقل لاحقًا إلى المستشفى وهو في حالة موت سريري.
الفيديو المسرب لـ بشير خالد من داخل السجن: لحظة هزّت الرأي العام
لم يكن أحد يتوقع أن تخرج شهادة من قلب السجن، بالصوت والصورة، توثّق ما يمكن وصفه بمحاولة طمس الحقيقة. يظهر المهندس بشير في الفيديو المنسوب إليه داخل زنزانة، ويقول بشكل واضح:
“أنا مو منتسب في الداخلية… مو منتسب!”
هذه الكلمات لم تكن مجرد تبرير، بل استغاثة واضحة، توحي بأن بشير ربما تعرض لضغط أو اتهام خاطئ، وربما كانت حياته في خطر داخل مركز الاحتجاز.
انتشر الفيديو على مواقع التواصل كالنار في الهشيم، وانهالت آلاف التعليقات الغاضبة التي طالبت بكشف الحقيقة، ومعاقبة كل من تورط في تعذيبه أو التستر على الحادثة.
موقف وزارة الداخلية.. ومحاولة التهدئة
لم تمر الساعات الأولى من انتشار الفيديو دون تحرك رسمي، فقد سارعت وزارة الداخلية العراقية بإصدار بيان توضيحي، أكدت فيه أن الوزير عبد الأمير الشمري يتابع شخصيًا مجريات الحادثة.
كما أعلنت الوزارة عن فتح تحقيق فوري، وشكّلت مجالس تحقيقية بحق عدد من الضباط والعناصر الأمنية في مركز شرطة حطين، شملت:
- مدير الرواتب والأمور المالية في الشرطة الاتحادية
- ابنه الذي كان متواجدًا لحظة الخلاف
- ضابط التحقيق المسؤول عن الموقوف
- كادر الموقف المركزي
التحقيقات نُقلت لاحقًا إلى مديرية مكافحة إجرام بغداد – الكرخ، لإضفاء مزيد من الحيادية والشفافية على القضية.
هل تعرض بشير خالد للتعذيب؟
تشير عدة مصادر وشهادات إلى أن بشير تعرض للضرب المبرح داخل مركز الاحتجاز، وأنه نُقل في حالة حرجة إلى المستشفى، حيث تم تشخيص حالته بـ “موت سريري” نتيجة الإصابات.
وهنا يبرز السؤال المؤلم: إذا كان الفيديو حقيقيًا، وإذا كانت الشهادات صحيحة، فمن الذي يتحمل مسؤولية ما حدث؟
هل هو الضابط الذي بدأ الخلاف؟
- أم أفراد الشرطة الذين سمحوا باعتداء محتجزين آخرين عليه؟
- أم النظام الذي لا يوفر كاميرات مراقبة كافية في أماكن الاحتجاز؟
البرلمان يدخل على الخط
تفاعلت اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي مع القضية بسرعة، حيث طالب عدد من النواب:
- باستضافة وزير الداخلية للرد على ما جرى
- بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق
- بمتابعة ملف التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، الذي لم يعد مجرد حالات فردية
- وأكدت اللجنة أن ما حدث مع بشير خالد يرقى إلى مستوى الانتهاك الصارخ للقانون، ويجب أن يخضع للمحاسبة الجنائية الكاملة.
الرأي العام العراقي: غضب وقلق
القضية لم تمر مرور الكرام على الشارع العراقي، بل أطلقت موجة عارمة من الغضب الشعبي، وشارك الآلاف في هاشتاغات مثل:
- #العدالة_لبشير_خالد
- #ضد_التعذيب
- #الداخلية_تحاسب_أم_تحمي
كما أُطلقت حملات إلكترونية لمطالبة الحكومة بوضع حد للاعتقالات العشوائية، وتوفير حماية قانونية لكل معتقل.
الجانب الحقوقي: من يضمن كرامة المواطن؟
منظمات حقوق الإنسان دخلت على خط الأزمة، وأكدت أن ما جرى لبشير ليس حالة فردية، بل انعكاس لخلل عميق في منظومة الاحتجاز والتحقيق بالعراق.
طالبت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش، والمرصد العراقي للحقوق والحريات بـ:
- إصلاح شامل في قانون الإجراءات الجنائية
- تركيب كاميرات مراقبة في كل مراكز التوقيف
- تدريب العناصر الأمنية على التعامل الإنساني مع المعتقلين
- تسريع المحاكمات ومنع الاحتجاز التعسفي
هل ستتكرر القصة؟ أم تكون البداية لتغيير حقيقي؟
قد تكون قصة بشير خالد واحدة من القصص الكثيرة التي تدور في الظلام داخل مراكز الاحتجاز، لكن التسريب المصور أعطى لها بعدًا مختلفًا.
اليوم، بات من الواضح أن المنظومة بحاجة لإعادة نظر كاملة، بدءًا من ثقافة رجال الأمن، وصولًا إلى القوانين التي تحكم علاقة المواطن بالمؤسسة الأمنية.
السؤال الآن: هل سنرى محاسبة حقيقية؟ أم ستُطوى الصفحة كالعادة؟
الخاتمة: بين القانون والضمير.. أين يقف العراق اليوم؟
ما حدث للمهندس بشير خالد يمثّل جرس إنذار صارخ، يعكس هشاشة الحماية القانونية للأفراد داخل مراكز التوقيف، ويكشف الغطاء عن ممارسات يجب أن تنتهي فورًا.
لقد آن الأوان لتحول حقيقي في فهم “الأمن” ليس فقط كقوة ردع، بل كمسؤولية إنسانية.
قصة بشير خالد ليست مجرد قضية فردية، بل مرآة تعكس مصير آلاف العراقيين الذين قد يواجهون نفس المصير، إن لم تتدخل العدالة سريعًا وبحزم.