تفاصيل القبض على يمان دركوشي كاملة: لحظة سقوط أحد أخطر فلول النظام السوري

في مشهد أمني استثنائي يعكس تحولًا ملموسًا في استراتيجية ضبط الأمن وتحقيق العدالة في الشمال السوري، أعلنت الجهات الأمنية في محافظة إدلب يوم الثلاثاء 2 أبريل / نيسان2025 عن القبض على يمان دركوشي، أحد أبرز الشخصيات المرتبطة بملفات انتهاك حقوق الإنسان في سجون النظام السوري سابقًا.

القبض على دركوشي ليس مجرد توقيفٍ لشخص، بل هو رسالة واضحة تحمل في طياتها الكثير من المعاني، من بينها أن زمن الإفلات من العقاب يوشك على نهايته، وأن الذاكرة السورية الجمعية لا تنسى، مهما طال الزمن وتبدلت الأحوال.

من هو السوري يمان دركوشي السيرة الذاتية؟

يمان دركوشي، اسمٌ لطالما ارتبط بالظلام والتعذيب في الذاكرة السورية، هو أحد العاملين السابقين ضمن الأجهزة الأمنية في سجون دوما وعدرا، وهما من بين أكثر السجون سيئة السمعة في البلاد. تشير شهادات عديدة إلى أن دركوشي كان مسؤولًا عن انتهاكات مروعة بحق المعتقلين، خصوصًا النساء، متهم باستخدام أساليب تعذيب ممنهجة، وإدارة حملات قمعية داخل أقبية التحقيق.

ورغم سقوط العديد من أركان النظام السوري في أجزاء من البلاد، ظل يمان طليقًا، يتنقل تحت هويات مزيفة، حتى تمكنت الأجهزة الأمنية في إدلب من تحديد مكانه والقبض عليه بعد عملية معقدة استمرت لأسابيع.

كيف تم القبض على يمان دركوشي؟

وفقًا لمصادر محلية مطلعة، فإن العملية تمت بعد متابعة استخباراتية دقيقة، حيث تم رصد تحركات المشتبه به في إحدى ضواحي إدلب، وتأكيد هويته الحقيقية رغم محاولته التمويه. شارك في تنفيذ العملية جهاز الأمن الداخلي بالتعاون مع الأمن العام، وتمّت المداهمة بهدوء ودون اشتباكات.

وبحسب المعطيات، فإن دركوشي كان يتخذ من ورشة صغيرة للحدادة ستارًا لإخفاء هويته، لكنه لم يكن بعيدًا عن أعين السكان الذين ساعدت بلاغاتهم في تسريع وتيرة القبض عليه.

ما أهمية هذا التوقيف؟

إلقاء القبض على شخص مثل يمان دركوشي له أبعاد متعددة:

  • عدالة مؤجلة: تمثل هذه الخطوة بداية لطي صفحة من الجرائم التي ارتُكبت في حق آلاف المعتقلين.
  • رسالة للمتورطين: بأن الجرائم لا تسقط بالتقادم، والعدالة ستصل إليهم ولو بعد سنوات.
  • دعم ثقة المدنيين: يعزز هذا الإنجاز ثقة السكان المحليين بالجهات الأمنية الجديدة.
  • ملف قانوني ضخم: من المتوقع أن يفتح ملف دركوشي أبوابًا لتحقيقات موسعة تشمل شبكة من المتورطين السابقين في الجرائم ضد الإنسانية.

سجون دوما وعدرا: رموز القمع في ذاكرة السوريين

من لا يعرف سجن عدرا المركزي؟ أو سجن دوما سيئ السمعة؟ هذان السجنان لا يختصران فقط معاناة المعتقلين، بل يمثلان في ذاكرة السوريين رمزية الخوف والقمع والتعذيب.

  • دوما: سجن سياسي-أمني شهد منذ بداية الثورة السورية موجات من الاعتقالات التعسفية بحق الناشطين والمتظاهرين، خصوصًا في المناطق الريفية المحيطة بدمشق.
  • عدرا: أكبر سجون سوريا، يحتوي على أقسام جنائية وسياسية، وله سجل طويل من الانتهاكات التي تشمل التعذيب، الاحتجاز دون محاكمة، والحرمان من الرعاية الصحية.
  • الجرائم التي يُتهم دركوشي بالمشاركة فيها داخل هذه السجون لا تسقط بالتقادم، وهي جرائم ضد الإنسانية، وفق التصنيفات الحقوقية الدولية.

شهادات نساء نجين من قبضة دركوشي

بعض الناجيات من المعتقلات تحدثن عن يمان دركوشي بشكل مباشر، ووصفنه بـ”الجلاد” و”مهندس التعذيب النفسي والجسدي”. تحدثت إحدى النساء قائلة:

“كان يدخل الزنزانة فجأة، يفتح الباب بعنف ويبدأ بالصراخ… مجرد وجوده كان كفيلًا بجعلنا نرتجف. هو لم يكن يحقق، بل يُعاقب، دون أسباب.”

شهادة أخرى تروي:

“في أحد الأيام، أرغمني على الوقوف لأكثر من 8 ساعات، فقط لأنني لم أنظر في عينيه عندما سألني سؤالًا.”

هذه الشهادات تُشكّل الآن الأساس الذي تبني عليه الجهات الحقوقية في إدلب ملف القضية القضائية ضد يمان دركوشي، تمهيدًا لمحاكمته محاكمة علنية تُنصف الضحايا.

أين ستتم محاكمة يمان دركوشي؟

تشير التقارير إلى أن دركوشي قد يُحال إلى محكمة مدنية تتبع للمجلس القضائي الموحد في إدلب، وسيخضع لمحاكمة علنية، تُبث على الهواء مباشرة لتكون عبرة للآخرين.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهات القضائية المحلية تتعامل بجدية مع ملف جرائم الحرب والانتهاكات الحقوقية، وتحاول بناء منظومة قضائية بديلة بعد انهيار الثقة بالمؤسسات القضائية التابعة للنظام السابق.

ماذا بعد؟

القبض على دركوشي ليس نهاية المطاف، بل هو بداية فتح ملفات أخرى، والبحث عن متورطين فرّوا إلى مناطق متفرقة من الشمال السوري أو خارج البلاد. ويجري حاليًا العمل على:

  • تجميع أدلة رقمية وشهادات حية
  • تنسيق مع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية
  • إصدار قوائم بأسماء المشتبه بهم الذين لا يزالون طلقاء
  • التحقيق مع دركوشي للكشف عن شركائه في الجرائم

ردود فعل الشارع السوري

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات ترحب بالخطوة، وتصفها بـ”القصاص المنتظر”. وقد كتب أحد النشطاء:

“العدالة البطيئة أفضل من الظلم الدائم… اليوم ندخل مرحلة جديدة.”

وغرّد آخر:

“لن تُنسى صرخات النساء في زنازين عدرا… والآن بدأت صفحة الحساب.”

هل يمكن تحقيق عدالة انتقالية حقيقية في سوريا؟

الملف السوري معقد للغاية، لكن توقيف شخصيات مثل يمان دركوشي يُعيد الأمل بإمكانية إرساء عدالة انتقالية تضع أسسًا لمصالحة مجتمعية طويلة المدى. هذا يتطلب:

  • جهاز قضائي مستقل ونزيه
  • توثيق دقيق للانتهاكات
  • مشاركة الضحايا في صياغة العدالة
  • دعم دولي ومجتمعي للمسار القضائي

ختامًا: درس من إدلب
العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت.

قصة يمان دركوشي تُمثّل رمزًا لتحول حقيقي في الواقع السوري، من مناخ الإفلات من العقاب إلى لحظة مواجهة الحقائق.
ولعل هذه الخطوة تكون بداية لسلسلة خطوات تعيد الاعتبار للضحايا، وتعيد الأمل لشعب لم يفقد إيمانه بالحرية رغم كل ما مرّ به.

ريم عبد العزيز

كاتبة متألقة تتمتع بروح حرة وشغف لا ينضب بالاستكشاف. تجذب قراءها بأسلوبها العفوي والصادق، وقدرتها على نسج القصص التي تلامس القلوب وتثير التفكير. تتناول سلمى في كتاباتها مواضيع متنوعة، من قضايا الهوية والانتماء إلى قضايا البيئة وحماية الحيوان، وتسعى دائماً إلى تسليط الضوء على الجوانب الإنسانية في كل قصة ترويها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !