سبب القبض على هبة عز الدين الحجي الناشطة السورية الحقيقي.. القصة الكاملة وراء التسجيل الصوتي وردود الفعل في إدلب
بين نفي وتأكيد، بين التسجيلات والمواقف، تقف الناشطة السورية هبة عز الدين الحجي على مفترق طرق، بعدما تحوّلت إلى اسم مثير للجدل في محافظة إدلب، عقب تسريب تسجيل صوتي منسوب إليها، وُصف بأنه مهين للحجاب والمنقبات، وتضمّن اتهامات خطيرة حول اختطاف نساء وتحويلهن إلى سبايا.
الأزمة لم تتوقف عند حدود مواقع التواصل، بل تحوّلت إلى ملف قضائي مفتوح، مع إصدار توجيه رسمي من محافظ إدلب بملاحقتها قضائيًا، وتحريك دعوى الحق العام، فيما تواجه حملة شعواء من الشتائم، التهديدات، والتشهير الإلكتروني.
فما حقيقة ما جرى؟ ولماذا اعتُبرت تصريحات هبة عز الدين “تجاوزًا للخطوط الحمراء”؟ وهل تم القبض عليها فعليًا؟ في هذا المقال نروي القصة الكاملة.
من هي هبة عز الدين الحجي؟ | السيرة الذاتية الكاملة
هبة عز الدين الحجي، المعروفة أيضًا بلقب هبة شام أوغلو، هي ناشطة نسوية سورية من مواليد قرية كفر يحمول بريف إدلب، وتحمل الجنسية التركية إلى جانب السورية.
خلفيتها المهنية:
- تشغل منصب المديرة التنفيذية لمنظمة “عدل وتمكين”، وهي منظمة نسوية تنشط في شمال سوريا وتركيا
- رئيسة مجلس الإدارة في شبكة “شان لبناء السلام”
- حاصلة على شهادات عليا في العلوم الإنسانية والإدارة
- عملت على تمكين النساء اقتصاديًا ودعم الناجيات من العنف
- تُعرف بخطابها الجريء تجاه القضايا الدينية والاجتماعية، لا سيما تلك المتعلقة بالحجاب، والتمييز ضد النساء
ما هو سبب القبض على هبة عز الدين الحقيقي؟
حتى لحظة إعداد هذا المقال، لم يتم القبض رسميًا على هبة عز الدين الحجي، لكن النيابة العامة في محافظة إدلب تلقت توجيهًا مباشرًا من محافظ إدلب محمد عبد الرحمن بضرورة فتح تحقيق عاجل معها وتحريك دعوى الحق العام بناء على ما نُسب إليها من تصريحات.
فما السبب الحقيقي؟
يرتبط التوجيه القضائي بثلاثة محاور أساسية:
- تسجيل صوتي منسوب لها، تهاجم فيه الحجاب والخمار وتصف النقاب بأنه “يثير الاشمئزاز”
- تصريحات تشير إلى اختطاف فتاة من الطائفة العلوية، وربطها بكونها “سبية محتملة”
- دعواتها لمنع النساء المنقبات من دخول مراكز التدريب التابعة لمنظمتها
تفاصيل التسجيل الصوتي.. ما الذي قالته هبة عز الدين تحديدًا؟
تداول نشطاء على مواقع التواصل مقطعًا صوتيًا قصيرًا منسوبًا لهبة عز الدين، سُمع فيه صوت أنثوي يقول:
“أنا أرفض دخول المنقبات إلى المركز، الخمار يثير فيّ الاشمئزاز، إذا أرادت إحداهن أن تأتي إلى هنا، فعليها أن تخلعه، أو تغادر.”
كما تضمّن المقطع تهديدًا ضمنيًا بإغلاق مركز “عدل وتمكين” في حال أصرت بعض النساء على حضور التدريب بالنقاب.
تم اعتبار هذه التصريحات إهانة واضحة لقيم المجتمع المحلي في إدلب، ومساسًا مباشرًا بواحد من أهم الرموز الدينية والهوية المجتمعية، ما دفع المحافظ إلى التحرك قضائيًا.
هل التسجيل الصوتي حقيقي؟ | موقف هبة عز الدين الرسمي
في بيان عاجل نشرته هبة عز الدين على حسابها على فيسبوك، نفت تمامًا صحة التسجيل، ووصفت المقطع بـ”المفبرك والمركب”، قائلة:
“لم أتفوه يومًا بتلك الكلمات. المراكز التي أديرها تضم محجبات ومنقبات، ولا يمكن أبدًا إقصاء أي امرأة بسبب لباسها.”
كما أضافت أنها بصدد رفع دعوى قضائية ضد الصفحات التي قامت بنشر التسجيل دون تحقق، متهمة بعض الجهات بتشويه صورتها لأهداف سياسية واجتماعية.
تصريحات أخرى تزيد من تعقيد القضية
بعد انتشار التسجيل الصوتي، أدلت عز الدين بتصريحات أخرى مثيرة للجدل، حيث تحدثت عن لقائها بفتاة ترتدي الحجاب لأول مرة، وقالت إنها تخشى أن تكون ضحية زواج قسري أو حتى سبية، في إشارة إلى أن بعض المناطق في إدلب قد تكون قد شهدت مثل هذه الممارسات.
هذه التصريحات أثارت موجة غضب جديدة، حيث اعتبرها الكثيرون تشهيرًا صريحًا بسكان إدلب، واتهامًا عامًا بلا أدلة، ما دفع مؤسسات دينية ومجتمعية إلى الدعوة لإغلاق مركزها وإخضاعها للمساءلة القانونية.
تهم غير رسمية بالخطف والترويج لأفكار “مستوردة”
رغم عدم صدور أي لائحة اتهام رسمية، فإن جوًّا من الغضب المجتمعي دفع البعض إلى:
- اتهامها ضمنيًا بالتواطؤ في قضايا زواج بالإكراه
- التحريض ضدها عبر خطب الجمعة والندوات العامة
- اعتبارها “رمزًا للعلمانية الغربية” التي تريد تفكيك نسيج المجتمع السوري المحافظ
هل هي ضحية حملة ممنهجة؟ حملة تشهير وتهديدات بالقتل
بحسب منظمة فرونت لاين ديفندرز، فإن هبة عز الدين تتعرض لحملة تشويه غير مسبوقة، تشمل:
- تهديدات بالقتل
- فبركة صور ومقاطع فيديو
- تعليقات كراهية على حساباتها الشخصية
- دعوات للترحيل، بل وحتى “القصاص” بحقها
المنظمة اعتبرت أن ما يحدث مع عز الدين هو مثال واضح على “تجريم المدافعات عن حقوق الإنسان في البيئات المحافظة”، حيث تُستغل الرموز الدينية والاجتماعية لإسكات أصوات النساء.
مواقف هبة عز الدين من الحجاب والنقاب.. بين الحرية والنقد
في لقاء سابق معها، أوضحت عز الدين موقفها من الحجاب قائلة:
“كنت أرتدي الحجاب منذ سن الرابعة عشرة، وخلعته بعد مراجعة طويلة لقناعاتي. أنا لا أحارب الحجاب، لكن أرفض فرضه، أو استخدامه كأداة للتمييز.”
كما وصفت النقاب بأنه يمثل في بعض الأحيان آلية لكبت المرأة وليس خيارًا حرًا، لكنها شددت على أنها تحترم كل امرأة تختار ارتداءه من تلقاء نفسها.
هل تحارب هبة عز الدين الدين الإسلامي؟
هذا السؤال ظل في قلب النقاش. البعض يرى أن عز الدين:
- تنتقد الرموز الدينية من موقع العداء
- تسعى إلى علمنة المجتمع السوري تحت غطاء تمكين النساء
بينما يرى آخرون أنها:
- تنتمي لتيار نسوي تقدمي، يطالب بإصلاح الخطاب الديني لا هدمه
- تدافع عن حقوق النساء في الاختيار، دون تحريض أو عداء مباشر
هل سيتم فعليًا القبض على هبة عز الدين؟
حتى الآن، لا توجد معلومات مؤكدة حول إصدار مذكرة توقيف قضائية، لكن المصادر المحلية تؤكد:
- تم تسجيل شكوى رسمية بحقها
- وقد يتم استدعاؤها للاستجواب خلال الأيام القادمة
- وفي الوقت ذاته، أكدت بعض التقارير أن عز الدين قد تكون غادرت إدلب مؤقتًا خوفًا على حياتها بعد تلقيها تهديدات متعددة.
القضية بين القانون والرمزية.. هل تنتهي قريبًا؟
يرى مراقبون أن القضية تحمل أبعادًا أكبر من مجرد تسجيل صوتي، بل هي انعكاس لصراع عميق بين:
- التيار المدني الذي يطالب بمزيد من الحريات الشخصية
- والتيار المحافظ الذي يرى في بعض الخطابات اعتداءً على الهوية والدين
ويبقى السؤال: هل تفتح هذه القضية الباب لنقاش مجتمعي مسؤول؟ أم ستكون نهاية لمسيرة واحدة من أبرز الناشطات السوريات في شمال البلاد؟
فقرة ختامية: بين الحرية والحدود.. قضية هبة عز الدين تكشف عمق التناقضات
ما حدث مع هبة عز الدين ليس مجرد أزمة عابرة، بل كشف هشاشة التوازن بين حرية التعبير والخصوصية المجتمعية، بين الصوت النسوي الطامح للتحرر، وبيئة لا تزال تُعلي من سلطة الجماعة على الفرد.
هل سيتم احتواء الأزمة بعقلانية؟ أم تُستخدم كذريعة لإغلاق كل صوت نسائي مستقل؟
الأيام المقبلة فقط ستحدد ذلك.
