أهم فعاليات اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2025: حين يتحول الخيال إلى تنمية مستدامة
في 21 أبريل من كل عام، يتوقف العالم ليحتفي بالقوة الخفية التي تدفع الحضارات نحو التقدم، ألا وهي: الإبداع والابتكار. هذا اليوم العالمي لا يُعد مناسبة احتفالية فحسب، بل يمثل منصة عالمية لاستكشاف مدى تأثير التفكير الخلاق والابتكار العلمي والتقني على تنمية المجتمعات وبناء المستقبل.
الإبداع والابتكار.. محرّكات التغيير في القرن الحادي والعشرين
لطالما كان الإبداع بمثابة النواة الأولى لكل إنجاز بشري عظيم، ولطالما لعب الابتكار دور المحرك في تطور المجتمعات.
وفي ظل التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم، لم يعد بالإمكان تحقيق التنمية المستدامة دون الاستثمار في العقول، وتمكين القدرات، وإطلاق شرارة الابتكار على المستويات كافة.
لهذا السبب، خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 أبريل من كل عام ليكون مناسبة عالمية للاحتفاء بـالإبداع والابتكار، وتسليط الضوء على دورهما الحاسم في تحقيق الأهداف العالمية، وعلى رأسها القضاء على الفقر، تمكين المرأة، التعليم، الصحة، والبيئة.
في هذا المقال الموسّع، نأخذك في جولة معرفية حول خلفيات هذا اليوم، أهدافه، وأبرز فعالياته في عام 2025، فضلًا عن استعراض مبادرات عربية وعالمية تؤكد أن الابتكار ليس رفاهية.. بل ضرورة وجودية.
ما هو اليوم العالمي للإبداع والابتكار؟
اليوم العالمي للإبداع والابتكار هو مناسبة معترف بها من قبل الأمم المتحدة تُحتفل بها في 21 أبريل من كل عام، وتهدف إلى:
- تعزيز ثقافة الإبداع والابتكار في جميع مناحي الحياة.
- تسليط الضوء على دور التفكير الخلاق في مواجهة التحديات العالمية.
- دعم المبتكرين ورواد الأعمال، خاصة في الدول النامية.
- ترسيخ دور الصناعات الإبداعية في النمو الاقتصادي والتوظيف.
خلفية القرار الأممي
تم اعتماد هذا اليوم بموجب القرار 284/71 الصادر في 27 أبريل 2017، والذي أشار إلى أن الصناعات الإبداعية تسهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد العالمي، حيث بلغت قيمة تجارتها في عام 2011 نحو 624 مليار دولار.
وقد جاء هذا الإعلان في سياق الاعتراف بدور العقول في صناعة المستقبل، في وقت أصبح فيه العالم يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى.
أهداف اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2025
1. إشعال شرارة التغيير من خلال الإبداع
لا يتعلق الإبداع فقط بالفنون، بل يمتد إلى التعليم، العلوم، الزراعة، الصناعة، والهندسة. الهدف من هذا اليوم هو تحفيز الأفراد والمؤسسات على التفكير خارج الصندوق، وتقديم حلول مبتكرة للمشكلات.
2. دعم أجندة التنمية المستدامة 2030
يرتبط هذا اليوم ارتباطًا وثيقًا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17، خاصة:
- الهدف 1: القضاء على الفقر
- الهدف 4: التعليم الجيد
- الهدف 5: المساواة بين الجنسين
- الهدف 8: العمل اللائق والنمو الاقتصادي
- الهدف 9: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية
3. تشجيع ريادة الأعمال والاختراع
في هذا اليوم، يتم تسليط الضوء على رواد الأعمال، والشركات الناشئة، والمخترعين الذين يقدّمون أفكارًا جديدة تؤثر بشكل مباشر في تحسين حياة الناس.
فعاليات اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2025 حول العالم
يتميز عام 2025 بزخم واسع من الفعاليات التي تقام في مختلف دول العالم بمناسبة هذا اليوم. ومن بين أبرز تلك الفعاليات:
– مهرجان الابتكار الدولي – كندا
تستضيف كندا، التي يُنسب لها أول فكرة لإطلاق هذا اليوم، مهرجانًا ضخمًا بمشاركة:
- مبتكرين شباب
- شركات ناشئة
- ورش عمل عن التفكير التصميمي والبرمجة
- جلسات حول الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
– القمة العربية للابتكار – الإمارات
في دبي، تُنظم “القمة العربية للابتكار 2025” تحت شعار “من الأفكار إلى الإنجاز”، وتركز على:
- الابتكار الحكومي
- التحول الرقمي
- تمكين المبدعين العرب
- الاستثمار في العقول الشابة
– هاكاثون الابتكار المستدام – الهند
تشارك الهند عبر تنظيم هاكاثون وطني لتطوير حلول تقنية لمشاكل مثل:
- التصحر
- نقص المياه
- الطاقة النظيفة
- الزراعة الذكية
فعاليات في المدارس والجامعات
تشارك آلاف المؤسسات التعليمية حول العالم بإقامة:
- معارض مشاريع طلابية
- مسابقات في الروبوتات والبرمجة
- عروض مسرحية وفنية تحتفي بالإبداع
الابتكار بوصفه قوة اقتصادية
يُعد الابتكار أحد أهم محركات النمو الاقتصادي، حيث:
- تساهم الصناعات الإبداعية بنسبة تصل إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
- توفر أكثر من 50 مليون وظيفة حول العالم
- تدعم اقتصادات الدول الناشئة عبر تعزيز ريادة الأعمال والتصدير
- ويُعد الاستثمار في الابتكار استثمارًا مستدامًا، لأنه لا يعتمد على الموارد الطبيعية، بل على رأس المال البشري.
الإبداع في مواجهة الأزمات العالمية
أثبتت السنوات الماضية أن الابتكار لا يُزدهر فقط في الأوقات الهادئة، بل غالبًا ما يولد من رحم الأزمات.
وخلال جائحة كورونا، رأينا كيف تمكنت العقول الشابة والشركات الناشئة من تقديم:
- حلول للرعاية الصحية عن بُعد
- أدوات رقمية لتسهيل التعليم الإلكتروني
- تقنيات لتوزيع اللقاحات بكفاءة
- آليات لدعم الاقتصاد المحلي باستخدام التكنولوجيا
ماذا عن العالم العربي؟ أمثلة ملهمة
رغم التحديات، بدأ العالم العربي يشهد نموًا متسارعًا في مساحات الابتكار، ومن الأمثلة:
- السعودية: إطلاق برنامج “رواد التقنية” لدعم الابتكار في الجامعات.
- الإمارات: تأسيس وزارة الذكاء الاصطناعي وإنشاء “متحف المستقبل”.
- مصر: احتضان حاضنات أعمال للمبتكرين في التعليم والبيئة.
- تونس والمغرب: مبادرات للابتكار الزراعي والتقنيات النظيفة.
الابتكار للجميع: تمكين الشباب والنساء
من الأهداف الأساسية لهذا اليوم، هو التأكيد على أن الابتكار ليس حكرًا على فئة معينة، بل يجب أن يشمل الجميع، خاصة:
- النساء: دعمهن لتولي أدوار قيادية في الشركات الابتكارية.
- الشباب: إشراكهم في مراكز البحث والتعليم التطبيقي.
- ذوي الاحتياجات الخاصة: تشجيعهم على استخدام التكنولوجيا لصنع حلول تناسبهم.
هل هناك تعريف موحد للإبداع؟
لا. فكما تقول الأمم المتحدة، الإبداع مفهوم مفتوح لا يمكن حصره بتعريف واحد.
قد يكون:
- عملًا فنيًا
- حلاً تكنولوجيًا
- اختراعًا علميًا
- أو حتى طريقة جديدة لحل مشكلة اجتماعية
- الإبداع ببساطة هو القدرة على رؤية المألوف بشكل غير مألوف، والقدرة على تحويل الأفكار إلى واقع.
كيف نحتفل باليوم العالمي للإبداع والابتكار؟
الاحتفال لا يتطلب ميزانيات ضخمة، بل يتطلب بيئة تحفّز على التعبير، ومن طرق المشاركة:
- إقامة يوم مفتوح في المدارس أو الجامعات لعرض المشاريع.
- تنظيم مسابقات في الكتابة، التصميم، أو التطبيقات.
- تكريم مبتكرين محليين.
- مشاركة قصص ملهمة على وسائل التواصل.
- إنشاء “فضاء أفكار” في بيئة العمل لتبادل الحلول الجديدة.
المستقبل: نحو تمكين الابتكار بوصفه ثقافة مجتمعية
لضمان استدامة الابتكار، يجب أن يتحول من كونه حدثًا سنويًا إلى ثقافة يومية تشمل:
- المدارس: عبر مناهج تعليمية تركز على التفكير النقدي.
- الشركات: من خلال مكافأة الموظفين المبدعين.
- المجتمع المدني: عبر دعم المبادرات التطوعية والريادية.
خاتمة: لنجعل الإبداع والابتكار أسلوب حياة
إن اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2025 ليس مجرد مناسبة، بل هو دعوة مفتوحة لكل فرد ليُفكر، يُجرّب، ويُبدع.
إنه تذكير بأن الأفكار البسيطة قد تُغير مصير أمم، وأن كل طفل، كل شاب، كل امرأة قد تحمل بداخلها بذرة فكرة ستقودنا إلى عالم أكثر عدلاً وازدهارًا.
فلنحتفل بهذا اليوم، ليس فقط عبر الكلمات، بل من خلال الفعل والإيمان بأن الابتكار هو الحل.