أعمال الجاهلية التي استنكرها الإسلام: أبرز دروس مستفادة من سورة الإسراء
كان العرب في الجاهلية يمارسون العديد من العادات والتقاليد التي تتنافى مع القيم الأخلاقية والإنسانية. وعندما جاء الإسلام، عمل على تصحيح هذه المفاهيم، وحرم العديد من الممارسات التي كانت شائعة في المجتمع الجاهلي.
وقد ورد في القرآن الكريم، خاصة في سورة الإسراء، تحذير من بعض هذه الأعمال التي اعتبرها الإسلام من كبائر الذنوب.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز تلك العادات الجاهلية التي استنكرها الإسلام، ونبين الحكمة من تحريمها.
1. قتل الأبناء خوفًا من الفقر أو العار
كان وأد البنات من أكثر العادات الجاهلية قسوة، حيث كان بعض العرب يقتلون بناتهم خوفًا من الفقر أو العار. وقد جاء الإسلام ليحرم هذه العادة الوحشية ويؤكد على قدسية الحياة الإنسانية.
قال تعالى في سورة الإسراء:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 31]كما قال سبحانه في سورة التكوير:
﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: 8-9]
لقد أكرم الإسلام المرأة، ورفع شأنها، وجعل تربية البنات سببًا لدخول الجنة، فقال النبي ﷺ: “من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابًا من النار يوم القيامة” (رواه أحمد).
2. عبادة الأصنام والأوثان
كان العرب في الجاهلية يعبدون الأصنام معتقدين أنها تقربهم إلى الله، فجاء الإسلام ليؤكد أن العبادة لا تكون إلا لله وحده. قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]
وأكد القرآن مرارًا أن الشرك ظلم عظيم، فقال سبحانه:
﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]
وقد دعا النبي ﷺ قومه إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، وتحمل في سبيل ذلك الكثير من الأذى حتى انتشر التوحيد في الجزيرة العربية.
3. شرب الخمر والميسر (القمار)
كان شرب الخمر ولعب القمار من العادات المنتشرة بين العرب في الجاهلية، وقد جاء الإسلام ليحرمها لما لها من أضرار اجتماعية واقتصادية وصحية.
قال تعالى في سورة الإسراء:
﴿وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الإسراء: 32]كما قال في سورة المائدة:
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90]
وقد أثبتت الدراسات الحديثة الأضرار الكبيرة للخمر على الصحة العقلية والجسدية، كما أن القمار يؤدي إلى الفقر والمشاكل الاجتماعية.
4. الربا وأكل أموال الناس بالباطل
كان الربا من أكثر الأنشطة الاقتصادية انتشارًا في الجاهلية، حيث كان الأغنياء يستغلون حاجة الفقراء ويضاعفون عليهم الديون. وقد جاء الإسلام ليحرم الربا ويؤكد على أهمية التكافل الاجتماعي.
قال تعالى في سورة البقرة:
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: 275]
وأكد النبي ﷺ على خطورة الربا، فقال: “لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء” (رواه مسلم).
5. الزنا والفواحش
انتشر الزنا في الجاهلية وكان يُنظر إليه على أنه شيء عادي، فجاء الإسلام ليحرم هذه الفاحشة، ويضع العقوبات الصارمة لمن يرتكبها، حفاظًا على المجتمع وأخلاقه.
قال الله تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]
كما أمر الإسلام بالحفاظ على العفة والزواج الشرعي كبديل يحفظ كرامة الإنسان.
6. قتل النفس بغير حق
كان القتل من الجرائم الشائعة في الجاهلية، حيث كان القوي يقتل الضعيف بلا مبرر. وقد جاء الإسلام ليؤكد على قدسية الحياة البشرية.
قال تعالى:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33]
وقال النبي ﷺ: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق” (رواه ابن ماجه).
7. أكل مال اليتيم ظلمًا
كان اليتيم في الجاهلية يُستغل وتؤكل أمواله بغير حق، فجاء الإسلام ليحذر من ذلك ويؤكد على ضرورة الحفاظ على حقوق الأيتام.
قال تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ﴾ [الإسراء: 34]
وأكد النبي ﷺ على عقوبة من يأكل مال اليتيم ظلمًا، فقال: “اجتنبوا السبع الموبقات”، وذكر منها: “أكل مال اليتيم” (رواه البخاري).
خاتمة
لقد جاء الإسلام ليصلح أحوال البشر، وينقذهم من الظلم والطغيان. وقد استنكر العديد من العادات الجاهلية التي كانت تضر المجتمع، ووضع بدائل عادلة تقوم على العدل والمساواة والرحمة. فما أروع تعاليم الإسلام التي جاءت لتنير درب البشرية وتهديها إلى الطريق المستقيم!