هل بدائل السكر تُعطل خسارة الوزن؟ دراسة حديثة تكشف مفاجآت عن السكرالوز والجوع

في زمن السعي المحموم وراء الرشاقة، والانبهار العالمي بكل ما يُسهم في فقدان الوزن بسرعة وفعالية، ظهرت بدائل السكر كحل سحري يتغنى به الجميع. كوب قهوة صباحي محلى بـ”سكر دايت”، زجاجة مشروب غازي خالية من السعرات، وحلويات “بدون سكر” تبدو مثالية… لكن ماذا لو كانت هذه البدائل تخدعنا جميعًا؟

في دراسة جديدة صادمة نُشرت في مجلة “Nature Metabolism”، ألقى العلماء الضوء على تأثير غير متوقع لأحد أشهر بدائل السكر، وهو السكرالوز، حيث اكتشفوا أنه لا يسهم فقط في إيقاف فقدان الوزن، بل إنه قد يُعزز الجوع!

ما يثير القلق هو أن هذه المحليات، التي تعتمد عليها الملايين من البشر كوسيلة لتقليل السعرات الحرارية، قد تكون سببًا خفيًا في زيادة الشهية والإفراط في الأكل، وهو ما قد يُفسّر فشل الكثيرين في الوصول إلى وزنهم المثالي رغم التزامهم بنظام غذائي خالٍ من السكر التقليدي.

ورغم أن هذه البدائل صُنفت لسنوات على أنها آمنة وخالية من السعرات، إلا أن العلم الحديث بدأ في تفكيك هذه الأسطورة، ليعيد فتح ملف “المحليات الصناعية” بشكل أكثر واقعية وتجردًا.

في هذا المقال، نُسلّط الضوء على ما توصلت إليه الدراسة، كيف يؤثر السكرالوز على الدماغ، ولماذا قد يكون تناول بدائل السكر أحد الأسباب الخفية لفشل الحميات الغذائية، ونقدم لك معلومات لا غنى عنها لأي شخص يطمح لخسارة وزن صحي وطويل الأمد.

ما هو السكرالوز؟ ولماذا يُستخدم؟

السكرالوز هو محلي صناعي خالٍ من السعرات الحرارية، يُستخدم على نطاق واسع كمكون بديل للسكر في المنتجات الموجهة لمتبعي الحميات، مثل المشروبات الغازية الدايت، والعلكة، والحلويات “الصحية”، وحتى في وصفات الطعام المنزلية.

تمت الموافقة على استخدامه من قبل جهات رقابية كبرى مثل FDA، واعتُبر بديلاً آمنًا لسكر المائدة. لكن السؤال الذي بدأ يتكرر هو: هل الآمان الكيميائي يعني الفعالية في خسارة الوزن؟

تفاصيل الدراسة التي قلبت الموازين

نُشرت الدراسة في مجلة Nature Metabolism، وهي من أبرز المجلات العلمية المتخصصة في مجال التمثيل الغذائي. وقد شارك في إعدادها علماء من المركز الألماني لأبحاث السكري وجامعة كاليفورنيا الجنوبية.

الدراسة أجريت على 75 شخصًا، تم إخضاعهم لاختبارات لقياس تفاعل الدماغ مع استهلاك السكرالوز، وذلك باستخدام تقنيات تصوير عصبي متقدمة مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).

النتائج الرئيسية:

  • السكرالوز يحفّز النشاط في منطقة “تحت المهاد” في الدماغ، وهي المسؤولة عن تنظيم الشهية.
  • ظهرت زيادة في الروابط العصبية بين هذه المنطقة ومراكز أخرى مسؤولة عن التحفيز والسلوك الغذائي.
  • لم يُسجّل تغيّر في الهرمونات المرتبطة بالشبع بعد استهلاك السكرالوز، بعكس ما يحدث مع تناول السكر الطبيعي.

الدماغ في حالة ارتباك: كيف يحدث ذلك؟

تشرح الدكتورة كاثلين آلانا بيج، الباحثة في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، أن السكرالوز يمنح الدماغ شعورًا زائفًا بتناول شيء حلو، دون أن يقابله السعرات الحرارية المتوقعة.

وهنا يبدأ الارتباك:

الدماغ، الذي ينتظر سعرات للطاقة بعد تلقيه “المذاق الحلو”، لا يجد شيئًا. فيُعيد إرسال إشارات جديدة بحثًا عن هذه الطاقة، ما يُفسر الشعور بالجوع المتزايد بعد فترة قصيرة من استهلاك بدائل السكر.

لماذا هذا الاكتشاف مهم؟

العديد من الأشخاص يعتمدون على بدائل السكر كجزء من خطط التنحيف أو السيطرة على السكري أو تحسين نمط الحياة. إذا كانت هذه البدائل تُحفز الجوع بدلاً من كبحه، فإن هذا قد يُفسد نتائج أشهر من الانضباط الغذائي، بل ويُعرضهم لتناول كميات أكبر من الطعام لاحقًا دون وعي.

هل جميع بدائل السكر ضارة؟

رغم أن الدراسة ركزت على السكرالوز تحديدًا، إلا أن علماء آخرين طالبوا بتوسيع نطاق الأبحاث ليشمل بدائل أخرى مثل:

  • الأسبرتام
  • ستيفيا
  • إريثريتول
  • ساكرين

كل منها يختلف في التركيب والتأثير العصبي، لذلك من المبكر تعميم النتائج. ومع ذلك، فإن التوصية الأساسية للمختصين هي الاعتدال والحذر، حتى في استخدام ما يُسمى “محليات صحية”.

البدائل الطبيعية: هل هي الحل؟

يرى بعض خبراء التغذية أن العودة إلى مصادر التحلية الطبيعية مثل العسل أو التمر أو حتى كميات ضئيلة من السكر البني قد تكون خيارًا أفضل لمن يسعى لضبط وزنه دون الدخول في متاهة المحليات الكيميائية.

إذ يُمكن التحكم في السعرات عبر الكمية، مع ضمان استجابة طبيعية من الجسم لا تسبب خللاً في إشارات الجوع والشبع.

ما الذي يجب أن يفعله الراغبون في إنقاص الوزن؟

إذا كنت تحاول خسارة الوزن، فإليك بعض النصائح بناءً على الدراسة:

  • تجنّب الإفراط في استخدام بدائل السكر، خصوصًا السكرالوز.
  • راقب إشارات الجوع لديك بعد تناول أي منتج “دايت”.
  • ركّز على تناول الأطعمة الكاملة غير المعالجة.
  • استشر مختص تغذية عند اختيار محليات.

تذكّر: ليس كل ما هو “خالٍ من السكر” آمن تلقائيًا لخسارة الوزن.

ردود الفعل في المجتمع العلمي

لاقت الدراسة تفاعلًا واسعًا في الأوساط الطبية والغذائية، حيث أعاد كثير من الخبراء النظر في نصائحهم السابقة التي كانت تُروّج لبدائل السكر كأداة فعالة لفقدان الوزن.

وبينما طالبت بعض الجهات بمزيد من الأبحاث، بدأ آخرون في مراجعة إرشاداتهم العامة لمراقبة استهلاك هذه المواد بين مرضى السكري، والأشخاص المصابين بالسمنة.

الختام: بين الحذر والعلم

في النهاية، يجب أن نعلم أن الطريق إلى خسارة الوزن ليس طريقًا مختصرًا يُمكن عبوره عبر محليات صناعية خالية من السعرات فقط.

بل هو رحلة تعتمد على فهم الجسم، والاستماع إلى إشاراته الطبيعية، والاعتماد على خيارات غذائية متوازنة.

الدراسة التي قدمها علماء ألمانيا وأمريكا حول السكرالوز ما هي إلا جرس إنذار، يدعونا لإعادة التفكير فيما نستهلكه يوميًا باسم “الصحة”، وربما تكون دعوة صريحة للتوازن… لأن الطبيعة دائمًا تعرف الطريق الأفضل.

رقية أحمد

كاتبة شابة واعدة، تتميز بنظرتها الثاقبة وحسها الفني المرهف. تمتلك قدرة فائقة على صياغة الكلمات وتحويلها إلى لوحات فنية تعكس الواقع وتلامس وجدان القارئ. تتناول رقية في كتاباتها قضايا متنوعة، من الحياة اليومية والتجارب الشخصية إلى القضايا الاجتماعية والثقافية الملحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !