سبب إيقاف الدكتور جودة عواد صاحب إعلان سم النحل.. إليك القصة الكاملة والتفاصيل الدقيقة
في زمنٍ باتت فيه مواقع التواصل منصة لتقديم الاستشارات والنصائح الطبية، ظهر عدد من الأطباء الذين تحوّلوا إلى مشاهير رقميين يتابعهم الملايين. ومن بينهم الدكتور جودة عواد، أو كما أصبح يُعرف لاحقًا بـ”طبيب سم النحل”، الذي انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة به بشكل واسع، خاصة مع تكراره لعبارات لافتة مثل:
“أي مرض لم يُعالج بأي دواء.. سم النحل هو الحل.”
لكن، ما بدأ كنصائح غذائية وأسلوب علاجي بديل، تحول لاحقًا إلى قضية تأديبية هزّت الوسط الطبي في مصر، حيث صدر قرار رسمي من نقابة الأطباء المصرية بإيقاف جودة عواد عن مزاولة المهنة لمدة عام.
فما هي تفاصيل القصة؟ ولماذا أوقِف؟ وما هو مصير مشواره الطبي بعد هذه القرارات الصادمة؟ في هذا التقرير المفصّل نروي لكم القصة من البداية حتى صدور الحكم، بالاستناد إلى الحقائق والوثائق المتاحة.
سبب إيقاف الدكتور جودة عواد صاحب إعلان سم النحل.. التفاصيل الكاملة
في 17 أبريل 2025، أعلنت هيئة التأديب في النقابة العامة للأطباء عن قرارها الرسمي بإيقاف الدكتور جودة عواد عن ممارسة مهنة الطب لمدة عام كامل، وذلك بعد سلسلة من المخالفات التي وُصفت بأنها “تمس جوهر أخلاقيات المهنة الطبية”.
وقد جاء القرار بعد جلسة تأديبية مطولة، وبناء على توصية من لجنة آداب المهنة، والتي رأت أن الطبيب خرج عن القواعد الطبية المتعارف عليها دوليًا ومحليًا، بل وأساء استخدام شهرته الواسعة للترويج لأساليب علاجية غير مرخصة وغير معتمدة من وزارة الصحة المصرية.
ما هو إعلان “سم النحل” الذي تسبب في إيقافه؟
بدأت شهرة الدكتور جودة عواد تتصاعد بعد ظهوره في برامج فضائية وعلى الإنترنت يتحدث فيها عن العلاج بسم النحل، مدّعيًا أنه قادر على شفاء أمراض مستعصية مثل:
- السكري
- السرطان
- أمراض الأعصاب
- الأمراض المناعية
- اضطرابات الغدد الصماء
ورغم أن هناك دراسات أولية حول تأثير سم النحل في بعض التجارب المعملية، إلا أن الدكتور عواد روّج له على أنه علاج نهائي ومضمون دون الاعتماد على أبحاث سريرية معتمدة، وهو ما أثار القلق في الأوساط الطبية.
اللافت أنه كان يُكرر في مقاطعه عبارة شهيرة:
“الدواء مش لازم يكون كيماوي.. ربنا خلق لنا الداء والدواء، وسم النحل هو السر.”
الانتهاكات التي أدت إلى إيقافه
وفقًا للبيانات الرسمية التي صدرت عن النقابة العامة للأطباء، فإن الانتهاكات المنسوبة للدكتور جودة عواد شملت ما يلي:
ممارسة تخصصات طبية لا تنتمي لمجاله
– حيث قدم استشارات في الأمراض العصبية، والأورام، والمناعة، رغم أن تخصصه لا يشمل هذه المجالات.
الترويج لعلاجات غير مرخصة أو مثبتة علميًا
– خاصة في حالة سم النحل الذي لا يُعد علاجًا معتمدًا من وزارة الصحة.
عدم وجود أبحاث أو توثيق طبي معتمد
– حيث لم يقدم الدكتور أي وثيقة بحثية تدعم مزاعمه العلاجية.
مخالفة المادة 238 من لائحة آداب المهنة لعام 2003م
– وهي المادة التي تنظم كيفية تقديم النصيحة الطبية واحترام معايير المهنة.
تشخيص حالات من خلال الإنترنت دون فحص سريري مباشر
– مما يعد مخالفة صريحة لقوانين ممارسة الطب.
ماذا قالت نقابة الأطباء؟
صرّح الدكتور خالد أمين زارع، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، وممثل الادعاء في القضية، بأن:
“ما قام به الدكتور جودة عواد خروج كامل عن الأصول الطبية المعروفة… هذه ممارسات تضر بصحة المواطن المصري، ولا يمكن التغاضي عنها تحت أي مسمى.”
وأضاف أن العقوبة قد تكون أكثر شدة في حال تكررت المخالفات، حيث يمكن للنقابة أن تُلغي ترخيص مزاولة المهنة تمامًا في حال استمرت هذه السلوكيات.
ماذا يعني إيقاف طبيب لمدة عام؟
إيقاف طبيب عن مزاولة المهنة لا يعني فقط منعه من العمل في المستشفيات أو فتح العيادات، بل يشمل:
- سحب ترخيصه المهني المؤقت
- منعه من الظهور الإعلامي تحت صفة “طبيب”
- منع التعامل معه كجهة طبية معتمدة
- ملاحقته في حال تكرار المخالفة قضائيًا
- ويُعد هذا الإجراء من أقسى العقوبات التأديبية في نقابة الأطباء، ولا يُطبق إلا بعد جلسات تحقيق موسعة.
السيرة الذاتية للدكتور جودة عواد
رغم الجدل، فإن السيرة العلمية للطبيب الراحل لم تكن عادية، بل حافلة بالشهادات العلمية:
- الاسم الكامل: جودة محمد عواد
- تاريخ الميلاد: 4 يناير/ كانون الثاني 1960
- العمر: 65 عامًا
- مكان الولادة: بنها – محافظة القليوبية
المؤهلات العلمية:
- بكالوريوس في الطب والجراحة – جامعة القاهرة
- دبلومة في الباثولوجيا الإكلينيكية
- دبلومات في التغذية العلاجية والمناعة
- مشارك في برامج تثقيفية عبر منصات التواصل
لكنه بحسب النقابة، لم يحصل على تصريح رسمي لتقديم العلاج بسم النحل، ولا يحمل شهادة تخصص في الأمراض التي تحدث عنها.
هل هناك شكاوى مباشرة من مرضى؟
الغريب أن قرار الإيقاف لم يستند إلى شكوى مباشرة من مريض قال إنه تضرر من علاج الدكتور جودة، بل كان قرارًا احترازيًا واستباقيًا، بناءً على:
- مقاطع الفيديو المنتشرة
- تقارير لجان طبية
- مراقبة النقابة لمحتوى القنوات الرقمية
- تحقيقات إعلامية حول آثار سم النحل الجانبية
هل العلاج بسم النحل خطير فعلاً؟
رغم أن بعض الدراسات تشير إلى فوائد محتملة لسم النحل في التخفيف من الالتهابات، إلا أن الاستخدام العشوائي له قد يسبب:
- ردود فعل تحسسية حادة
- صدمة أنفالاكتك
- مشاكل في الجهاز التنفسي
- آثار سامة للكلى والكبد في بعض الحالات
وبالتالي، فإن الترويج له على أنه علاج شامل لجميع الأمراض يُعد تضليلًا خطيرًا للجمهور.
هل كان من الممكن تدارك الوضع؟
يرى البعض أن الدكتور جودة عواد كان بإمكانه:
- الاستعانة بخبراء بحثيين لتوثيق ما يقوله
- العمل ضمن نطاق وزارة الصحة وموافقتها
- التوقف عن تقديم استشارات خارج تخصصه
- الامتناع عن الظهور الإعلامي بمحتوى علاجي مثير للجدل
لكن يبدو أن إصراره على تقديم نفسه كـ”صاحب الحل السحري” كان أقوى من محاولات الاحتواء.
فقرة ختامية: بين الحقيقة والضجيج
قرار إيقاف الدكتور جودة عواد يعكس واقعًا مريرًا يواجهه الوسط الطبي في العصر الرقمي:
كيف نُوازن بين حرية الطبيب في التثقيف، وبين واجبه في الالتزام بالأصول العلمية؟
بين دعاة “الطب البديل” و”الأعشاب” و”سم النحل” وغيرهم، يقف المريض تائهًا بين الأمل والخرافة، وهو ما يجعلنا نؤكد أن العلاج يجب أن يستند إلى العلم، لا إلى الشعبية.
وفي النهاية، القرار بيد الجهات المختصة، والمسؤولية تقع على الطبيب، وعلى الجمهور أن يُميز بين من يسعى لنشر الوعي، ومن يبحث عن الشهرة على حساب صحة الناس.