صور هبة عز الدين تثير الجدل في إدلب.. حقيقة الأزمة من البداية إلى النهاية

ليست المرة الأولى التي تثير فيها شخصية نسوية في العالم العربي موجة من الجدل، ولكن ما حصل مع الناشطة السورية هبة عز الدين تجاوز إطار النقاش العادي ليبلغ مستوى قضية رأي عام في محافظة إدلب السورية، بعدما تم تداول تسجيل صوتي مثير للجدل نُسب إليها، وظهر فيه ما اعتُبر هجومًا مباشرًا على الخمار والحجاب، وسط انقسام شعبي حاد ومواقف رسمية متباينة.

بالتزامن مع هذا الجدل، بدأت صور هبة عز الدين قبل وبعد الحجاب بالانتشار بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أضاف بُعدًا شخصيًا وحساسًا للنقاش العام، وأثار أسئلة عميقة حول الحريات الفردية، حدود النقد، وثنائية الشكل والموقف.

في هذا المقال نستعرض القصة الكاملة: من هي هبة عز الدين؟ ما تفاصيل التسجيل؟ ما الذي قالته فعلًا؟ وكيف تحولت صورها القديمة إلى مادة لنقاش عام واسع تجاوز حدود المجتمع السوري؟

من هي هبة عز الدين ويكيبيديا السيرة الذاتية؟

هبة عز الدين، المعروفة أيضًا باسم هبة الحجي، هي ناشطة سورية في مجال حقوق المرأة، تنحدر من شمال سوريا، وتحمل ماجستير في الأدب الإنجليزي وآخر في إدارة الأعمال.

اشتهرت في السنوات الأخيرة بمواقفها الجريئة ورفضها للتقاليد الاجتماعية الصارمة، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وقد عُرفت بأنها من أبرز المدافعات عن قضايا النساء في إدلب ومحيطها.

أبرز المحطات في سيرتها:

  • مديرة مركز “عدل وتمكين”، الذي يُعنى بتمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا
  • قامت بتنظيم دورات في الدفاع عن النفس للنساء في مناطق شمال غرب سوريا
  • واجهت حملات تشويه وتهديدات عدة بسبب نشاطها الحقوقي
  • ترفض الخطابات الدينية المتشددة، وتدعو إلى تحرير النساء من القيود الاجتماعية المفروضة باسم الدين

تسجيل صوتي “منسوب” لهبة عز الدين يفجر عاصفة

في أبريل/ نيسان 2025، بدأ انتشار تسجيل صوتي قصير منسوب لهبة عز الدين، يُقال إنها تتحدث فيه عن رفضها دخول النساء اللواتي يرتدين الخمار إلى مراكزها التدريبية، قائلة:

“أشمئز من الخمار، ولن أقبل بوجود أي امرأة تضعه داخل القاعات التدريبية. سأغلق المركز إذا اضطررت لذلك.”

الكلمات – المنسوبة إليها – سرعان ما أثارت غضبًا واسعًا في إدلب، حيث يُنظر إلى الخمار والحجاب كرمزين دينيين لا تقبل الإساءة إليهما، خاصة في مجتمع محافظ يرى في هذه التصريحات تعديًا على القيم الدينية.

تحرك رسمي سريع.. والادعاء العام يفتح تحقيقًا

رد الفعل لم يقتصر على الرأي العام، فقد أصدر محافظ إدلب محمد عبد الرحمن توجيهًا مباشرًا إلى المدعي العام بفتح تحقيق فوري مع هبة عز الدين، وتحريك دعوى الحق العام ضدها بتهمة التحريض، بناءً على محتوى التسجيل.

وبرر المسؤولون هذه الخطوة بكون ما ورد في التسجيل “يمس شعور المواطنين وحقهم الدستوري في ممارسة حرياتهم الدينية دون انتقاص أو سخرية”.

النفي الرسمي من هبة عز الدين

في أول رد على الحملة، نشرت هبة عز الدين بيانًا على صفحتها في فيسبوك نفت فيه بشكل قاطع صحة التسجيل، ووصفت المقطع بأنه “مفبرك ومجتزأ” بهدف استهدافها شخصيًا.

وقالت في بيانها:

“من يعرفني يعرف أن مراكزي تستقبل جميع النساء، محجبات وغير محجبات، والقرار بارتداء الحجاب أو عدمه حق شخصي نحترمه.”

كما أشارت إلى أن لديها موظفات ومدربات يرتدين الخمار داخل المركز، ورفضت بشدة تحويل النقاش إلى منصة لتصفية حسابات سياسية أو دينية.

تصريحات لاحقة تزيد النار اشتعالًا

لكن الأزمة لم تهدأ، بل تصاعدت أكثر بعد تصريحات لاحقة لعز الدين ذكرت فيها أنها التقت فتاة ترتدي الحجاب لأول مرة في إدلب، وكانت برفقة رجل معروف بتعدد زيجاته، ما دفعها للتشكيك في كون الفتاة قد تكون ضحية استغلال أو إحدى الناجيات من مجازر الساحل.

التعليق هذا أثار غضبًا واسعًا بين سكان إدلب، واعتبره البعض تشهيرًا غير مبرر بالمجتمع، وربطًا تعسفيًا بين الحجاب والاستغلال، مما دفعها إلى نشر توضيح جديد أكدت فيه أن الرجل المعني ليس من أبناء إدلب، وأنها تحترم أهل المدينة ولا تقبل الإساءة لهم.

حملة صور “قبل وبعد الحجاب”.. معركة الشكل والنية

بموازاة هذا التصعيد، بدأ رواد مواقع التواصل تداول صور قديمة لهبة عز الدين وهي ترتدي الحجاب، وصور حديثة تظهر فيها بشعر مكشوف وبأسلوب لباس عصري.

هذا التباين تحول إلى مادة للنقاش بين من قال إن “تحولها الشخصي يتناقض مع مواقفها الحالية”، وبين من دافع عن “حق الإنسان في التغيير دون أن يُحاكم بأرشيف صوره”.

بعض المنشورات علقت:

  • “من كانت محجبة ثم خلعت الحجاب، هل تملك الحق في الإساءة إليه؟”
  • “الصور لا تهم، المهم السلوك والفكر واحترام الآخر.”

مواقف داعمة… وأخرى تطالب بالمحاسبة

في خضم الجدل، انقسم الرأي العام بشكل حاد:

المؤيدون لعز الدين:

  • قالوا إن الحملة ضدها تعكس اضطهادًا للنساء الجريئات
  • اعتبروا أن القضية الحقيقية هي اختطاف الفتاة التي تحدثت عنها، لا تصريحاتها عن اللباس
  • طالبوا بـ”عدم شيطنة كل من يختلف فكريًا مع الأغلبية”

المعارضون لها:

  • اتهموها بـ”التحريض على الكراهية ضد النساء المتدينات”
  • اعتبروا أن حديثها عن الخمار يحمل احتقارًا مبطنًا للهوية الدينية للمجتمع
  • طالبوا بإغلاق مراكزها ومحاكمتها بموجب القانون

مركز “عدل وتمكين” في قلب العاصفة

المركز الذي تديره عز الدين لم يسلم بدوره من الانتقادات، إذ طالبت بعض الأصوات بإغلاقه فورًا، معتبرين أنه ينشر أفكارًا دخيلة على المجتمع السوري المحافظ، فيما رأى آخرون أن المركز يقوم بدور حيوي في تمكين النساء اقتصاديًا، وخاصة الأرامل والمطلقات وذوات الظروف الصعبة.

وقد أكد فريق المركز في بيان رسمي أن:

“المركز لا يميز بين المنتقبة أو السافرة، ويخضع لإشراف قانوني كامل.”

هل القضية حرية تعبير أم ازدراء ديني؟

السؤال الجوهري الذي يطرحه المراقبون هو: هل ما جرى يمثل تعديًا على الدين؟ أم أنه مجرد نقاش في حدود حرية الرأي؟

الجدل بات مفتوحًا على مصراعيه، والآراء انقسمت بين:

  • من يرى أن الإساءة للحجاب مسٌّ بهوية دينية محمية قانونًا وأخلاقيًا
  • ومن يرى أن النقاش حول الحجاب مشروع، ويجب ألا يُواجه بالتجريم أو المحاسبة الجنائية

فقرة ختامية: عندما تصبح الصورة عنوانًا للانقسام
قصة هبة عز الدين ليست مجرد جدل عابر، بل مرآة تعكس احتدام النقاشات داخل المجتمع السوري بين الحداثة والتقليد، بين الانفتاح والمحافظة، بين الصوت النسوي الحر وبين الخطوط الحمراء التي لا تزال حاضرة بقوة.

سواءً صدقت التسجيلات أو لم تصدق، فإن الضجيج حول صورها، وكلماتها، ومواقفها، كشف هشاشة التوازن بين الحقوق الفردية والخصوصية الجماعية.

وفي النهاية، تظل الحرية مسؤولية، ويظل التعبير اختبارًا للوعي، ولا يكفي أن نختلف، بل ينبغي أن نتعلم كيف نختلف.

أحمد شلبي

محرر مُحنك مع خبرة واسعة في تحرير ومراجعه المحتوى الإخباري بأنواعه المختلفة، يمتلك مهارات ممتازة في القواعد والنحو والهجاء والتدقيق اللغوي، يتمتع بقدرة عالية على التحقق من صحة المعلومات والبيانات، لديه إلمام واسع بالأحداث الجارية والقضايا الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !