قصة وموعد عرض فيلم الذراري الحمر Les Enfants Rouges: حين تتحول المأساة إلى عمل سينمائي يزلزل الوجدان

قد تكون الكاميرا وسيلة للتسلية أو للتوثيق… ولكنها أحيانًا تصبح مرآة موجعة لحقيقة لا يمكن نسيانها.

هكذا جاء فيلم “الذراري الحمر” أو Les enfants rouges، عملٌ درامي لا يكتفي بسرد القصة، بل يُجبرك على الشعور بها. عملٌ خرج من أعماق الجرح التونسي، حيث تحوّلت واقعة إرهابية مروعة إلى فيلمٍ إنساني يهزّ الضمائر ويوقظ الإحساس.

“الذراري الحمر” ليس مجرد فيلم، بل هو صرخة، احتجاج، تحية لبراءة مسروقة… ولطفلٍ اسمه “مبروك السلطاني”، ذُبح في الجبال، فصار رمزًا في السينما.

متى موعد عرض فيلم الذراري الحمر؟

سيُعرض الفيلم لأول مرة في مدينة القصرين، في العرض ما قبل الأول يوم:

  • الجمعة 18 أفريل 2025
  • الساعة 15:30
  • بالمركز الثقافي في القصرين
  • بحضور المخرج وفريق العمل، متبوعًا بنقاش مع الجمهور.
  • ثم يبدأ العرض الرسمي التجاري للفيلم في قاعات السينما التونسية والخارجية يوم:
  • الثلاثاء 23 أفريل 2025

قصة فيلم الذراري الحمر: مأساة طفل… تصرخ على الشاشة

يستند “الذراري الحمر” إلى واحدة من أكثر الحوادث الإرهابية إيلامًا في تاريخ تونس المعاصر، وهي واقعة ذبح الراعي الطفل مبروك السلطاني في جبل المغيلة عام 2015.

كان مبروك، الذي لم يتجاوز 17 عامًا، يعمل كراعٍ بسيط في منطقة جبلية مهمشة بالقصرين، حين اختطفته مجموعة إرهابية، وقامت بذبحه أمام ابن عمه، الذي أُجبر بعدها على حمل رأسه إلى أهله.

القصة ليست فقط مأساوية، بل تُجسّد البشاعة بأبشع صورها، وتحمل في طياتها أسئلة عن معنى الإنسانية، ومصير أطفال الفقر والإقصاء.

 سرد بصري يجمع الرمز بالواقعية

يمتد الفيلم على 100 دقيقة، ويقدم سردًا متوازنًا بين:

  • الدراما الواقعية الموجعة،
  • والرمزية السينمائية التي تحمل أبعادًا فكرية.

يركز الفيلم على الطفولة في مناطق الظل، حيث يكون الفقر والتهميش والإرهاب أطيافًا يومية. لا يظهر العنف فقط كحدث، بل كمنظومة تجتاح البيوت والأرواح.

وما بين التلال والوديان، نرى الأطفال الحمر، ليس بلون الدم فقط، بل بلون البراءة المذبوحة.

 طاقم العمل والبطولة

يضم الفيلم نخبة من المواهب التونسية الصاعدة والمخضرمة:

  • علي الهلالي
  • ياسين سمعوني

تألّق الثنائي في تجسيد الشخصيتين المركزيتين: الضحية والشاهد، ونجحا في نقل الألم والدهشة والانكسار بصمت، دون مبالغة.

وقد أشاد نقاد السينما بالأداء “الصادم والمقنع” للممثلين، خصوصًا في المشاهد التي تطلبت حضورًا نفسيًا عميقًا.

 إخراج يحمل الوجع بصدق

أخرج الفيلم مخرج تونسي شاب أثبت مرة أخرى أن السينما ليست حكرًا على الخيال، بل هي قادرة على أن تكون أداة مقاومة، ومنبرًا إنسانيًا.

ويُحسب له اختياره الموازنة بين:

  • تسليط الضوء على الحدث الواقعي
  • وإضفاء لمسة شاعرية في التصوير والإضاءة والانتقال الزمني
  • فجاء العمل أشبه بـ “قصيدة سينمائية حزينة” تنزف حروفها على الشاشة.

 الجوائز: تكريم دولي لقصة محلية

رغم أنه مستوحى من واقع تونسي بامتياز، إلا أن فيلم “الذراري الحمر” وجد صدى دوليًا واسعًا، وفاز بعدة جوائز مرموقة:

  • اليسر الذهبي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي بالسعودية
  • أفضل فيلم في مهرجان نامور البلجيكي
  • التانيت الذهبي في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية

هذه الجوائز ليست مجرد تقدير فني، بل هي اعتراف عالمي بأهمية الرسالة التي يحملها الفيلم، وجرأته في مواجهة العنف بالكاميرا، والحزن بالإبداع.

 الرسائل والرمزية في الفيلم

الفيلم لا يتحدث فقط عن “مبروك السلطاني”، بل يتحدث عن:

  • كل طفل يعيش في الخوف
  • كل منطقة تعاني التهميش
  • كل أم تنتظر ابنها ولا يعود
  • كل مجتمع يتغاضى عن الظلم في الجبال والقرى

يحمل الفيلم دعوة صريحة للمصالحة مع الحقيقة، وللضغط من أجل حماية الأطفال في الهامش، ومنع تجنيدهم عاطفيًا أو فكريًا أو دينيًا.

 الجمهور ينتظر… والرسالة وصلت

منذ إعلان العرض الأول للفيلم، ضجت منصات التواصل الاجتماعي بمشاركات، وأبدى آلاف التونسيين رغبتهم في حضور العرض، معتبرين الفيلم:

“أقوى مما تتوقعه السياسة، وأصدق مما تقوله الأخبار”

وقد صرّح بعض النشطاء أن الفيلم يُعد “توثيقًا بديلًا” للحادثة، خاصة أن الإعلام في وقتها لم ينقل بشاعتها بالقدر الكافي.

 رأي النقاد: فيلم استثنائي في الوجع والجرأة

وصف الناقد البلجيكي “بيتر غولان” الفيلم بـ:

  • “عمل لا يُنسى، يُجبرك على التوقف والتنفس ببطء… كأنك تحمل رأس الحقيقة بين يديك.”

بينما قالت الناقدة التونسية نبيهة بن عيسى:

  • “الذراري الحمر ليس فيلمًا… بل جنازة فنية لطفولة انتهكتها الوحشية.”

 القصرين… ذاكرة الألم ومهد العرض

  • اختيار القصرين لاحتضان العرض الأول للفيلم لم يكن عبثيًا.

فهذه المدينة لم تكن فقط مسرح الجريمة، بل هي:

  • منطقة تعاني من أعلى نسب الفقر
  • عاشت لعقود تهميشًا من الدولة
  • وفقدت عشرات الشباب في مواجهات مع الإرهاب

وقد جاء الفيلم ليُعيد الاعتبار للضحايا، ويمنحهم صوتًا على الشاشة، بدلًا من أرشيف النسيان.

 ما بعد الفيلم… هل سيتحرك الضمير السياسي؟

هذا الفيلم لا يكفي أن يُعرض، بل يجب أن يكون بداية حراك ثقافي واجتماعي:

  • لتنمية مناطق الظل
  • لحماية الأطفال من الاستقطاب المتطرف
  • لتفعيل العدالة الاجتماعية

ولا بد أن يُعرض في المدارس، في السجون، في البرلمان… لا فقط في قاعات السينما.

 ملخص معلومات الفيلم

  • الاسم الذراري الحمر (Les enfants rouges)
  • المدة 100 دقيقة
  • النوع دراما واقعية إنسانية
  • القصة مستوحاة من واقعة ذبح الطفل مبروك السلطاني
  • الإنتاج تونسي – فرنسي – بلجيكي مشترك
  • العرض الأول 18 أبريل 2025 – القصرين
  • العرض التجاري 23 أبريل 2025 – القاعات التونسية
  • الجوائز اليسر الذهبي، التانيت الذهبي، أفضل فيلم في نامور

 خاتمة: السينما تُحيي من غابت أسماؤهم

قد لا يعيد الفيلم مبروك السلطاني إلى الحياة، لكنّه أحيا اسمه، وأحيا معنا ضميرًا غفل طويلاً.

“الذراري الحمر” ليس مجرد شريط سينمائي… بل ندبة في ذاكرة الوطن، تعلن أن الطفولة في خطر، وأن الفن يمكنه أن يُصبح درعًا للإنسانية حين تُفشلها السياسة.

علي شاهين

كاتب مثقف ومتعدد المواهب، يمتلك شغفًا بالمعرفة والاكتشاف. يكتب عن مجموعة واسعة من الموضوعات، من الثقافة والفنون إلى السياسة والاقتصاد. يتميز بأسلوبه الرصين والتحليلي الذي يضيف قيمة معرفية للقارئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !