من هو الحلاق رأس عصابة التيك توكرز؟ قصة جورج مبيض من شهرة التيك توك إلى جريمة هزّت لبنان
في مشهد أثار موجة غضب واستغراب عبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت مؤخرًا صورة للمدعو جورج مبيض، المعروف بلقب “الحلاق التيكتوكر”، داخل سجن رومية اللبناني، وهو يقوم بحلاقة شعر أحد السجناء، وكأن شيئًا لم يكن. الصورة لم تكن عادية، بل كانت تذكيرًا بصمت العدالة على قضية هزّت الرأي العام اللبناني والعربي، بعدما وُجهت إلى مبيض اتهامات صادمة باغتصاب قاصرين ضمن ما بات يُعرف باسم “عصابة التيك توكرز”.
فمن هو جورج مبيض؟ كيف تحول من حلاق نال شهرة واسعة على “تيك توك” إلى متهم بجرائم جنسية واعتداءات مروعة على قاصرين؟ وما حقيقة الشبكة التي كانت ترافقه في هذه القضية المعروفة إعلاميًا؟ ولماذا لا تزال العدالة تتأخر في إصدار حكم حاسم؟ دعونا نخوض في تفاصيل هذه القصة المثيرة للجدل.
من حلاق عادي إلى نجم تيك توك
قبل أن يتحوّل اسمه إلى عنوان رئيسي في وسائل الإعلام، كان جورج مبيض حلاقًا عاديًا يعمل في أحد أحياء بيروت. اشتهر بين الشباب بسبب طريقته الخاصة في تصفيف الشعر وتعامله الحيوي مع الزبائن، حيث بدأ بتصوير مقاطع فيديو قصيرة يوثق فيها عمله مع زبائنه على منصة “تيك توك”.
وسرعان ما بدأ نجمه يصعد:
- مئات الآلاف من المشاهدات.
- تفاعل واسع على مقاطع “قبل وبعد”.
- مشاركات من مشاهير لبنانيين وعرب.
- ولكن ما لم يكن يعرفه المتابعون، هو أن هذه الشهرة كانت تخفي وراءها وجهًا آخر، أكثر ظلمةً مما يمكن تخيله.
عصابة التيك توكرز: الشهرة غطاء للجريمة
في بدايات عام 2024، بدأت بلاغات تصل إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية عن وجود مجموعة من الشباب المشهورين عبر التيك توك، يقومون باستدراج قاصرين، وابتزازهم، وارتكاب اعتداءات جنسية بحقهم.
ومن خلال سلسلة من التحقيقات المعقدة، تم الكشف عن وجود شبكة متكاملة يقودها أو يشارك فيها جورج مبيض، تضم عددًا من:
- “التيكتوكرز” ذوي المتابعين الكُثر.
- أشخاص يعملون في مجالات التجميل والتصوير.
- وسطاء كانوا يسهلون عمليات التواصل مع الضحايا.
وهكذا تحوّلت “التيك توك” من منصة ترفيهية إلى أداة للصيد والاصطياد، خاصة للفئات الهشة اجتماعيًا، من القاصرين الذين يسهل التأثير عليهم تحت غطاء الشهرة والنجومية.
التهم الموجهة إلى جورج مبيض
وفقًا لما صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان، فإن التهم الموجهة إلى المتهم تشمل:
- الاعتداء الجنسي على قاصرين.
- استغلال النفوذ الإعلامي والشهرة.
- الابتزاز والتصوير غير المشروع.
- التواصل غير الأخلاقي عبر وسائل رقمية.
وتُعد هذه التهم من الجرائم الجسيمة في القانون اللبناني، خاصة إذا ثبت عنصر التخطيط المسبق، أو إذا تعددت الضحايا، أو ترافق الاعتداء مع تصوير وابتزاز لاحق.
صورة من سجن رومية: رسالة استفزاز أم توثيق واقعي؟
الصورة التي انتشرت مؤخراً لجورج مبيض وهو يقوم بحلاقة شعر أحد المساجين في سجن رومية أثارت ردود فعل متباينة، منها:
من عبّر عن الغضب، متسائلًا:
“كيف يُسمح لمتهم في قضية كهذه بممارسة مهنته داخل السجن وكأن شيئًا لم يكن؟”
ومن رأى في الصورة توثيقًا لحالة نادرة:
“ربما هي محاولة للتأقلم داخل السجن وممارسة عمله المعتاد.”
لكن اللافت أن الصورة ظهرت دون سياق رسمي، أي أنها لم تُنشر من قبل الجهات القضائية أو الأمنية، مما زاد من الغموض والشكوك حول التلاعب بسمعة القضية أو التراخي في التعامل مع ملفها القضائي.
ماذا يقول القانون اللبناني في مثل هذه القضايا؟
بحسب قانون العقوبات اللبناني، فإن:
- اغتصاب قاصر يُصنف كـ”جناية مشددة”.
ويُعاقب عليها بالسجن من سبع سنوات إلى خمس عشرة سنة، وقد تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة في حال وجود ظروف مشددة.
وفي حال ثبوت الاستغلال الجنسي المقترن بتسجيل أو تصوير، تُضاعف العقوبة.
لكن ما يُثير القلق في الأوساط الحقوقية هو بطء الإجراءات القضائية في مثل هذه القضايا، إضافة إلى تأثير العلاقات والنفوذ في تعطيل مجرى العدالة.
صمت التيكتوكرز المشاركين… والتواطؤ الصامت
ما يزيد من حساسية القضية هو أن عددًا من مشاهير التيك توك الذين ظهروا سابقًا مع جورج مبيض، لزموا الصمت الكامل بعد توقيفه.
ورغم وجود أدلة تشير إلى تورّط أكثر من شخص في هذه الشبكة، فإن الأجهزة الأمنية لم تصدر بعد أي لائحة اتهام رسمية ضد شركائه المحتملين، ما يثير تساؤلات حول:
- الحجم الحقيقي للشبكة.
- وهل هناك حماية ما تُمارَس على بعض أطرافها؟
- أم أن الأدلة لم تكتمل بعد؟
الضحايا في الظل… أين العدالة النفسية؟
ورغم التركيز الكبير على المتهم، لا تزال الضحية الحقيقية في الظل: القاصرين الذين تعرضوا لهذه الجرائم. فهل تلقوا الدعم النفسي الكافي؟ هل تم حمايتهم قانونيًا؟ وهل تمت محاسبة من سهّل وصولهم إلى هذه الشبكة؟
تشير تقارير جمعيات المجتمع المدني إلى أن:
- بعض الضحايا لا يزالون يخشون الإدلاء بشهاداتهم.
- آخرون تعرضوا لتهديدات رقمية واجتماعية.
- وهناك صمت مجتمعي مخيف يجعلهم يشعرون بالذنب بدلًا من التعاطف.
وسائل التواصل… منبر فضح أم ساحة فوضى؟
لعبت منصات مثل تويتر وإنستغرام وفيسبوك دورًا مهمًا في تسليط الضوء على القضية، خصوصًا من خلال:
- تسريبات من محامين ونشطاء.
- شهادات ضحايا أو مقربين.
- تداول الصور داخل السجن.
لكن هذا لم يمنع من وجود حملات تشويه وتضليل، حاولت تصوير جورج مبيض كـ”ضحية شهرة”، أو التشكيك في صدقية البلاغات، وهو أمر يشير إلى خطورة التلاعب بالسردية في قضايا العنف الجنسي عبر الإنترنت.
هل سيُحاكم جورج مبيض قريبًا؟ سيناريوهات محتملة
وفق متابعين للملف القضائي، هناك 3 سيناريوهات محتملة:
- محاكمة علنية يُدان فيها المتهم، ويُصدر القضاء حكمًا قاسيًا يكون بمثابة ردع عام.
- تسوية أو صفقة قضائية، يُخفف فيها الحكم مقابل الاعتراف أو تعاون.
- تأجيل مستمر ومحاولات تمييع القضية حتى تفقد زخمها الإعلامي.
- وفي كل الحالات، تبقى أعين المجتمع المدني والإعلام المستقل مفتوحة للمراقبة، والضغط.
دروس مستفادة: كيف نحمي أبناءنا من نجوم المنصات؟
ما حدث في قضية جورج مبيض يؤكد ضرورة:
- تربية رقمية للأبناء حول خطورة الشهرة الزائفة.
- متابعة ما يشاهدونه على “تيك توك” وغيره.
- فضح أي ممارسات مريبة دون خوف أو خجل.
- إنشاء آليات قانونية لرقابة المحتوى وحماية القاصرين.
خاتمة: من الحلاقة إلى الحبس.. سيرة سقوط أخلاقي
قصة جورج مبيض، المعروف سابقًا بـ”الحلاق التيكتوكر”، ليست فقط قضية جنائية، بل مرآة لواقعنا الرقمي المنفلت، حيث يمكن لأي شخص أن يتحول من نجم محبوب إلى متهم خطير خلال لحظات.
قد تكون العدالة تأخرت… لكن ضمير الناس لن ينسى. والذاكرة الرقمية تحفظ، حتى بعد سنوات، كل من سقط في فخ الشهرة على حساب البراءة.