سبب القبض على أبو جنة ومينه مينه في الموصل: تفاصيل القصة الكاملة

في عصرٍ باتت فيه الكلمة مصيرًا، والصورة سلاحًا، لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد وسيلة ترفيه، بل ساحةً يتقاطع فيها الطموح الشخصي مع معايير المجتمع والقانون. وفي العراق، حيث تتزايد الأصوات المطالبة بحماية الذوق العام من الانحدار، أطلقت الجهات الأمنية حملة جديدة تستهدف ما يُعرف بـ”المحتوى الهابط”، كان من أبرز ضحاياها الثنائي المعروف على الإنترنت: “أبو جنة” و”مينه مينه”.

القبض عليهما في مدينة الموصل يوم الأحد 6 أبريل 2025، أعاد الجدل إلى السطح مجددًا حول ماهية “المحتوى المقبول”، وحدود حرية التعبير، وتدخل السلطات في الرقابة الرقمية. فهل كانت هذه الاعتقالات ضرورة لحماية القيم؟ أم أنها بداية لمرحلة جديدة من التقييد والمساءلة الإلكترونية؟

في هذا التقرير الموسع، نستعرض تفاصيل الاعتقال، الخلفيات القانونية، الأسماء الأخرى المتورطة، ردود الفعل المجتمعية، وتحليل الظاهرة الأوسع للمحتوى الهابط في العراق.

 من هم أبو جنة ومينه مينه؟ ولماذا اشتهروا على الإنترنت؟

يُعد أبو جنة ومينه مينه من أشهر صُنّاع المحتوى الشعبي في الموصل، خاصة في مجال الترفيه والتحديات بين المطاعم.

  • أبو جنة: معروف بمطعم الأسماك في منطقة السكر (الجانب الأيسر من الموصل)، اشتهر بفيديوهاته اليومية التي تجمع بين الفكاهة والتنافس على تقديم الأفضل للزبائن.
  • مينه مينه: صاحب مطعم في حي الزهور، عُرف بتقديم فيديوهات مشابهة وغالبًا ما كانت بينهما تحديات ساخرة ومشاهد درامية هزلية لجذب المتابعين.

لكن شهرة الثنائي لم تكن محل ترحيب دائم، فقد وُجهت إليهما انتقادات عديدة بسبب “تجاوزات لفظية”، “سلوكيات غير لائقة”، “مضامين مبتذلة”، و”استغلال النفوذ الرقمي في الإساءة للذوق العام”.

 تفاصيل الاعتقال: إجراء رسمي بتوجيه قضائي

بحسب ما نقلته المصادر الرسمية عن مصدر أمني، فإن:

“قوة من جهاز الأمن الوطني العراقي نفذت حملة اعتقالات في الموصل استهدفت عددًا من صُنّاع المحتوى وفق قانون المحتوى الهابط، من بينهم (أبو جنة، مينه مينه، علي الخالدي، حمزة حباتي) وآخرون، وذلك بتوجيه مباشر من رئاسة محاكم استئناف نينوى الاتحادية.”

🔹 الاعتقال تم يوم الأحد 6 أبريل/ نيسان 2025
🔹 في مناطق متعددة من الموصل
🔹 شمل أكثر من 5 صُنّاع محتوى
🔹 بتهمة: انتهاك القانون الجديد للمحتوى الهابط المعمول به منذ 2023

 ما هو قانون المحتوى الهابط في العراق؟

أُقر قانون مكافحة المحتوى الهابط من قبل مجلس القضاء الأعلى عام 2023، بهدف:

  • الحد من الابتذال والإسفاف في المحتوى المنشور على وسائل التواصل
  • حماية النشء والأسر من المضامين المؤذية للقيم
  • تنظيم صناعة المحتوى وفق معايير أخلاقية ومجتمعية

ينص القانون على إمكانية ملاحقة صُنّاع المحتوى الذين يروجون لمواد:

  • تسيء للآداب العامة
  • تتضمن إيحاءات غير لائقة
  • تحرّض على العنف أو الكراهية أو التحقير
  • تُظهر تجاوزًا صريحًا للأخلاق المجتمعية

 أسماء أخرى شملتها الحملة الأمنية

لم يقتصر الأمر على أبو جنة ومينه مينه، بل شملت الاعتقالات شخصيات أخرى منها:

  • علي الخالدي: صانع محتوى ساخر، عُرف ببرامج حوارية ساخرة ومقاطع مثيرة للجدل
  • حمزة حباتي: ناشط رقمي عراقي يُقدم محتوى ساخر حول الحياة اليومية والسياسة بأسلوب حاد

وما تزال التحقيقات جارية حتى الآن، مع إمكانية توسيع القائمة حسب النتائج الأولية.

 التفاعل الجماهيري.. بين التأييد والانتقاد

أثارت الحملة تفاعلًا ضخمًا على مواقع التواصل، وانقسم الجمهور بين:

مؤيدون:

  • رأوا أن “المحتوى الهابط أصبح يهدد الثقافة العامة”
  • طالبوا بـ “تنظيم المحتوى ومحاسبة من يسيء للمنصات”
  • دافعوا عن “حماية الأطفال والمراهقين من الانحدار السلوكي”

معارضون:

  • اعتبروا أن “الحملة قد تستخدم كغطاء لقمع حرية التعبير”
  • حذروا من “غياب المعايير الواضحة لتصنيف المحتوى”
  • وصفوا الإجراء بـ “غير الدستوري في بعض الحالات”

 تحليل اجتماعي: لماذا ينتشر المحتوى الهابط؟

يرى مختصون في علم الاجتماع والإعلام أن صعود المحتوى المثير للجدل ليس وليد الصدفة، بل يعود إلى عدة عوامل:

الفقر الاقتصادي والبُعد عن التعليم
جعل فئة من الشباب ترى في السوشيال ميديا فرصة سهلة للربح

قلة الرقابة الإعلامية الرسمية
سمحت بانتشار محتويات لا تخضع لمعايير مهنية

الجمهور نفسه
أظهر اهتمامًا أكبر بالمحتويات المثيرة، ما شجع صنّاعها على “التصعيد”

غياب البديل الجذاب
ساهم في جعل “السوق مفتوحًا” أمام كل من يملك هاتفًا وكاميرا

 هل تنجح هذه الحملة في وقف الظاهرة؟

رغم الدعم الرسمي، إلا أن العديد من المراقبين يرون أن المعركة ليست قانونية فقط، بل:

  • تحتاج لمنصات تعليمية وتوعوية موازية
  • تتطلب برامج دعم لصنّاع المحتوى الإيجابي
  • تحتاج إلى صوت إعلامي بديل يقدم محتوى هادفًا بمستوى جذاب

 الخاتمة: بين الحريات والقيود.. العراق يختبر حدود “الرقابة الرقمية”
ما جرى في الموصل من اعتقال “أبو جنة” و”مينه مينه” ليس مجرد حادثة عابرة، بل إشارة إلى مرحلة جديدة من التنظيم الرقمي في العراق. وهي مرحلة حساسة تحتاج إلى توازن بالغ بين:

  • صيانة القيم المجتمعية
  • وضمان الحريات الفردية
  • القانون يمكن أن يكون أداة بناء إذا طُبّق بشفافية، لكنه قد يُصبح أداة قمع إن فُسّر خارج إطار الحقوق.

وبينما تُفتح ملفات التحقيق مع الموقوفين، يفتح المجتمع العراقي أيضًا نقاشًا واسعًا حول شكل الإنترنت الذي يريد أن يراه أطفاله ومراهقوه في المستقبل.

أحمد شلبي

محرر مُحنك مع خبرة واسعة في تحرير ومراجعه المحتوى الإخباري بأنواعه المختلفة، يمتلك مهارات ممتازة في القواعد والنحو والهجاء والتدقيق اللغوي، يتمتع بقدرة عالية على التحقق من صحة المعلومات والبيانات، لديه إلمام واسع بالأحداث الجارية والقضايا الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !