سبب وفاة علي الغدامسي رجل الأعمال التونسي الحقيقي.. من هو ويكيبيديا؟ سيرة ومسار وانهيار
في صباح هادئ من يوم الأحد، اهتزت الساحة الاقتصادية والسياسية في تونس بخبر وفاة رجل الأعمال البارز علي الغدامسي، عن عمر ناهز 65 عامًا، داخل المستشفى الجامعي فرحات حشاد، بعد أيام من تدهور حالته الصحية داخل السجن المدني بالمسعدين.
ورغم أن الوفاة بدت للوهلة الأولى طبيعية، إلا أن خلفياتها الغامضة وسياقها القضائي المثير فجّرت موجة تساؤلات تجاوزت مجرد خبر الوفاة، لتفتح بابًا واسعًا على قصة رجل صعد بسرعة، وسقط وسط دوامات المال والسلطة.
في هذا المقال، نقدم لك تحقيقًا صحفيًا موسعًا حول علي الغدامسي: من هو؟ كيف كانت مسيرته؟ ما أسباب توقيفه؟ ولماذا تحيط الشكوك بوفاته؟ تابع لتكتشف أكثر من مجرد عنوان عابر.
من هو علي الغدامسي؟ رجل أعمال أم شخصية محورية في شبكة غامضة؟
ولد علي الغدامسي في تونس منتصف ستينيات القرن الماضي، وتدرج في عالم الأعمال حتى أصبح واحدًا من أبرز رجال الأعمال المعروفين في المشهد الاقتصادي المحلي، واشتهر بإدارته مجموعة Ghedamsi Group، التي تنشط في قطاعات متعددة من بينها:
- صناعة الملابس الجاهزة
- الإكسسوارات
- تجارة التجزئة
- نشاطات تجارية حرة في الأسواق الحرة (Duty Free)
ورغم أن الغدامسي لم يكن نجمًا إعلاميًا، إلا أن حضوره الاقتصادي ونفوذه المالي كانا واضحين، خصوصًا في الساحل التونسي ومنطقة سوسة.
علي الغدامسي بين الثروة والملاحقة القضائية
رغم الصورة البراقة التي رسمها الغدامسي لنفسه كرجل أعمال ناجح، إلا أن السنوات الأخيرة من مسيرته كانت محمّلة بالمتاعب القانونية والتحقيقات الأمنية.
في 18 نوفمبر 2024، تم توقيفه رسميًا، وأودع في سجن برج العامري قبل أن يُنقل لاحقًا إلى السجن المدني بالمسعدين، بعد أن صدرت بطاقات إيداع بالسجن بحقه وبحق عدد من المسؤولين السابقين.
من أبرز التهم التي واجهها:
- غسيل أموال
- التحيّل (الاحتيال)
- تكوين وفاق إجرامي
- التورط في شبكة “أنستالينغو” المعروفة التي طالت عدة شخصيات نافذة
وكان من بين الموقوفين معه الأزهر اللونقو، المدير العام السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية، ما أعطى للملف أبعادًا أمنية وسياسية حساسة.
قرارات منع السفر والحجز على الممتلكات
لم تتوقف الإجراءات عند الاعتقال، بل أصدر قاضي التحقيق بالمكتب الخامس بمحكمة سوسة 1:
- 6 قرارات منع من السفر بحق الغدامسي
- أحكام قضائية بالحجز على ممتلكاته
- تنفيذ عقل تنفيذية على حساباته البنكية وشركاته الخاصة
شملت الحجز:
- Ste Panneaux du Maghreb
- Ste Creomoda
- Ghedamsi Duty Free
ما كشف عن حجم الضغوط المالية والقضائية التي كانت تحيط بالغدامسي من كل جانب، وسط اتهامات بمحاولة إخفاء أموال أو تهريبها.
ما سبب وفاة علي الغدامسي الحقيقي؟
أُعلنت وفاة علي الغدامسي يوم الأحد 31 مارس/ آذار 2025، في قسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد، حيث كان يخضع للعلاج منذ أكثر من أسبوع، بعد تدهور صحته داخل السجن.
لكن هنا تبدأ علامات الاستفهام:
- لم تُصدر الإدارة العامة للسجون والإصلاح أي بيان يوضح ظروف الوفاة أو التقرير الطبي الشرعي.
- لم يُكشف ما إذا كان الغدامسي يعاني من مرض مزمن قبل دخوله السجن.
- سبق أن رفضت محكمة الاستئناف الإفراج الصحي عنه قبل أيام فقط من وفاته.
كل هذه المعطيات جعلت العديد من المتابعين يُشككون في الرواية الرسمية، ويطرحون سيناريوهات متضاربة:
- هل كانت الوفاة طبيعية؟
- هل أُهمِل علاجه داخل السجن؟
- هل تعرض لضغوط أو معاملة غير إنسانية؟
- حتى الآن، لا إجابة مؤكدة.
مريم الغدامسي تعلن الخبر… وسط صمت الدولة
كانت ابنته مريم الغدامسي هي أول من أعلن عن وفاة والدها، عبر تدوينة قصيرة عبّرت فيها عن حزنها، دون الإشارة إلى ملابسات الوفاة.
لكن اللافت هو غياب التصريحات الرسمية من:
- وزارة العدل
- وزارة الداخلية
- إدارة السجون
- الدفاع القانوني لعائلة الغدامسي
ما زاد من الشكوك، وعزز الإشاعات حول ظروف الوفاة.
علي الغدامسي وقضية “أنستالينغو”: فصل من رواية سياسية؟
من بين أكثر القضايا التي ارتبط بها اسم الغدامسي كانت قضية “أنستالينغو”، التي تُعد واحدة من أعقد الملفات التي عرفها القضاء التونسي في السنوات الأخيرة، وامتدت خيوطها لتشمل:
- رجال أعمال
- إعلاميين
- أمنيين سابقين
- مسؤولين سياسيين
وكان يُعتقد أن الغدامسي لعب دورًا محوريًا في دعم أو تمويل بعض أنشطة هذه الشبكة، التي وُصفت بأنها كانت تسعى للتأثير على الرأي العام بطرق غير قانونية، بما في ذلك “الابتزاز الرقمي”.
بين الرواية الرسمية ونظريات المؤامرة
مع وفاته المفاجئة، عادت على السطح عشرات النظريات، منها من يطرح:
- أن الرجل كان يحمل أسرارًا سياسية حساسة
- أنه كان بصدد الكشف عن تورط جهات نافذة
- أن وفاته جاءت في وقت “حرج” قضائيًا، قبل جلسات محاكمة حاسمة
- لكنها تبقى تكهنات بلا دليل، ما لم تُصدر السلطات تقريرًا طبيًا وبيانًا شفافًا.
كيف سيتذكره التونسيون؟
رغم الانقسام حوله، يبقى علي الغدامسي شخصية ذات وزن وتأثير في الحياة الاقتصادية التونسية:
- أسس إمبراطورية أعمال
- دخل مجال التأثير السياسي بطريقة غير مباشرة
- سقط في شبكة معقدة من القضايا القانونية
- قد يراه البعض رجل أعمال متورط، بينما يراه آخرون ضحية لتشابك المصالح وتصفية الحسابات.
فقرة ختامية: نهاية غامضة لرجل متعدد الوجوه
رحيل علي الغدامسي لم يكن مجرد خبر وفاة، بل صفحة جديدة من النقاشات حول العدالة، الشفافية، حدود السلطة، وحقيقة النفوذ.
من رجل صعد في عالم المال، إلى سجين مثقل بالاتهامات، وانتهاء بوفاة غامضة… كلها عناصر تُركّب مشهدًا دراميًا حقيقيًا يكشف الكثير عن وجه تونس الآخر: حيث تلتقي المصالح، وتتصادم القصص.
وفي ظل غياب الرواية الرسمية، تبقى النهاية مفتوحة، والأسئلة أكثر من الأجوبة.