مؤلفات يحيى السنوار: رحلة أدبية ونضالية
يحيى السنوار، قائد الفصائل الفلسطينية المعروف، لم يكن مجرد قائد عسكري أو سياسي، بل كان أيضًا أديبًا وكاتبًا له إسهامات أدبية متعددة. على الرغم من حياته النضالية الشاقة، إلا أن السنوار لم يهمل الجانب الأدبي في شخصيته. حصل على بكالوريوس في اللغة العربية، وهو ما مكنه من كتابة وترجمة العديد من الكتب التي قدمها للأجيال الفلسطينية القادمة، لتكون شاهدًا على فكر وتطلعات النضال الفلسطيني.
1. ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”
كانت بداية الرحلة الأدبية للسنوار من خلال ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”. الكتاب هو من تأليف الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، ويعتبر دراسة هامة عن دور هذا الجهاز الأمني في إسرائيل. تناول الكتاب تاريخ جهاز الشاباك منذ تأسيسه على يد ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، وتفاصيل دوره في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
اختيار السنوار لهذا الكتاب كان بهدف تعريف الفلسطينيين والعرب بأحد أهم أجهزة الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يلعب دورًا كبيرًا في زرع العملاء وجمع المعلومات. من خلال هذا العمل، ساهم السنوار في توسيع الوعي الفلسطيني بأهمية معرفة كيفية عمل العدو، مما ساعد في تطوير استراتيجيات المقاومة.
2. كتاب “الأحزاب الإسرائيلية”
بعد النجاح الذي حققه من خلال ترجمته الأولى، ألف السنوار كتابه الثاني بعنوان “الأحزاب الإسرائيلية”. الكتاب يقدم تحليلًا شاملاً للأحزاب السياسية في إسرائيل، ويُعرّف ببرامجها وتوجهاتها الأيديولوجية.
هدف السنوار من هذا الكتاب كان تعريف الفلسطينيين والعرب بالتركيبة السياسية المعقدة في إسرائيل، ودور الأحزاب السياسية في الصراع العربي الإسرائيلي. هذا النوع من الكتابات يُعتبر هامًا لفهم السياسات الداخلية الإسرائيلية وتأثيرها على العلاقات الإقليمية والقرارات المتعلقة بالصراع الفلسطيني.
3. رواية “الشوك والقرنفل”
“الشوك والقرنفل“ هي الرواية الوحيدة التي كتبها السنوار، وتُعتبر من أبرز أعماله الأدبية. الرواية تضم 30 فصلاً وتتناول سيرة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى. من خلال هذه الرواية، حاول السنوار تصوير الحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال، والتركيز على الألم والأمل اللذين يتعايشان في نفوسهم.
الرواية لا تحكي قصة شخصية بعينها، لكنها تركز على قصص النضال الجماعي للشعب الفلسطيني. من خلال الشوك الذي يمثل المعاناة، والقرنفل الذي يرمز للأمل والمقاومة، تعكس الرواية تجارب الفلسطينيين خلال فترات الاحتلال المتعاقبة.
4. كتاب “المجد”
أحد أهم الكتب التي ألفها السنوار هو كتاب “المجد”، والذي يتناول فيه عمل جهاز الشاباك الإسرائيلي في جمع المعلومات وزرع العملاء وطرق التحقيق. من خلال هذا الكتاب، أكد السنوار على ضرورة فهم كيفية عمل العدو لتطوير استراتيجيات مضادة فعالة.
الكتاب يعتبر مرجعًا هامًا لكل من يريد فهم كيفية عمل جهاز الشاباك ودوره في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. يهدف الكتاب إلى تسليط الضوء على أهمية الوعي الأمني في مقاومة الاحتلال، وكيفية التصدي لاستراتيجيات التجسس والمعلومات التي يعتمد عليها الاحتلال.
5. كتاب “حماس: التجربة والخطأ”
كان آخر كتاب للسنوار هو “حماس: التجربة والخطأ”، والذي يُعتبر تحليلًا نقديًا لتطور حركة حماس على مر الزمن. من خلال هذا الكتاب، حاول السنوار تحليل تطور الحركة ورصد الأخطاء التي وقعت فيها، بهدف تحسين مستقبل الحركة والاستفادة من التجارب السابقة.
الكتاب يعكس نظرة السنوار المستقبلية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويقدم استشرافًا لمستقبل حماس كأحد أكبر الفصائل المقاومة. كما أنه يتناول كيفية تعامل الحركة مع التحولات الإقليمية والدولية وتأثيرها على مسار الصراع.
استشهاد يحيى السنوار
لم يكن يحيى السنوار مجرد قائد عسكري أو سياسي، بل كان أيضًا أديبًا متميزًا، وقد استشهد يوم الخميس 17 أكتوبر 2024 على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح، قطاع غزة. جاء استشهاده تزامنًا مع ذكرى خروجه من الأسر في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، بعد أن أمضى أكثر من 20 عامًا في السجون الإسرائيلية.
خاتمة: ساهمت مؤلفات يحيى السنوار في إثراء الأدب الفلسطيني وتعزيز الوعي السياسي في صفوف المقاومة والشعب الفلسطيني. من خلال كتاباته، ترك السنوار إرثًا أدبيًا يُحتذى به للأجيال القادمة، ليظل صوته مسموعًا في ساحات الأدب كما كان في ميادين النضال.