تفاصيل قرار السلطات الإماراتية ضد السودانيين على أراضيها: الإمارات توقف Change Visa للسودانيين

في خطوة فاجأت الآلاف من المقيمين السودانيين في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصدرت السلطات الإماراتية قرارًا عاجلًا بوقف إصدار تأشيرات التغيير “Change Visa” للمواطنين السودانيين، بالإضافة إلى إلغاء كافة الحجوزات الجوية المرتبطة بهذا النظام، ابتداءً من تاريخ الإعلان وحتى إشعار آخر.

يأتي هذا القرار في لحظة حرجة سياسيًا وإنسانيًا، حيث يربطه كثيرون بتداعيات القطيعة الدبلوماسية الأخيرة بين السودان والإمارات، والتي أعلنتها الخرطوم بشكل رسمي، متهمة أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، في الوقت الذي تؤكد فيه أبوظبي أن القرار السوداني لن يؤثر على أوضاع السودانيين المقيمين داخل الدولة.

فما هي حقيقة هذا القرار؟ وما الذي يعنيه على أرض الواقع؟ وكيف تأثرت الجالية السودانية بهذا التغيير المفاجئ؟ وما السيناريوهات المتوقعة في حال استمر تطبيق القرار؟ هذا ما نكشفه في السطور التالية.

تفاصيل القرار الإماراتي ضد السودانيين.. وقف تذاكر A2A

بحسب تعميم رسمي صدر عن شركة الطيران في الإمارات وجرى توجيهه إلى وكلاء السفر ومكاتب الحجز، جاء ما يلي:

“يرجى العلم أنه بناءً على تعميم شركة الطيران الصادر اعتبارًا من اليوم، يُرجى منكم التوقف عن إصدار تذاكر A2A للمواطنين السودانيين حتى إشعار آخر”.

لا يشمل القرار السودانيين القادمين بغرض السياحة أو العمل عبر قنوات رسمية أخرى، بل يركز بشكل خاص على نظام “A2A” أو “Airport to Airport”، والذي كان بمثابة الملاذ الوحيد أمام الآلاف لتجديد إقاماتهم دون الدخول في إجراءات معقدة.

وتضمن التعميم أيضًا تعليمات بإلغاء جميع الحجوزات السابقة المخصصة لهذا الغرض، مع التأكيد على إعادة المبالغ المدفوعة للمسافرين.

ما هي تأشيرة Change Visa؟ ولماذا يعتمد عليها السودانيون؟

تعتمد فئة كبيرة من المقيمين السودانيين في الإمارات على نظام يُعرف باسم “Change Visa”، أو ما يُترجم إلى تأشيرة التغيير، وهي صيغة قانونية تسمح للمقيم الذي انتهت إقامته أو تأشيرته بالسفر إلى دولة قريبة (مثل سلطنة عمان أو الكويت) عبر حجز رحلة قصيرة، ثم العودة مجددًا بعد إصدار تأشيرة جديدة.

هذه الطريقة وفّرت على السودانيين:

  • عناء السفر إلى السودان في ظل الحرب المستمرة.
  • تكاليف الطيران المرتفعة إلى دول بعيدة.
  • عقبات إعادة الدخول من بلد متأزم أمنيًا مثل الخرطوم.

وقد أصبح هذا النظام هو الوسيلة الأكثر استخدامًا لتعديل أوضاع الإقامة، خاصة بعد الأزمة الإنسانية التي تمر بها السودان، ما يجعل العودة مؤقتًا إلى الوطن شبه مستحيلة.

إلغاء الحجوزات واسترداد الأموال.. صدمة للمسافرين

منذ ساعات قليلة من إعلان القرار، بدأت شركات الطيران بإلغاء التذاكر التي تم إصدارها للسودانيين ضمن هذا النظام. وأفاد مسافرون سودانيون أنهم تلقوا رسائل قصيرة من مكاتب الحجز تفيد بإلغاء تذاكرهم واسترداد الأموال دون إبداء أسباب.

عدد كبير من السودانيين أعربوا عن ذهولهم من التوقيت المفاجئ للقرار، حيث تزامن مع موعد مغادرة العديد منهم لتجديد إقاماتهم. بل إن بعضهم كان على وشك التوجه إلى المطار حين فوجئ بأن التذكرة قد أُلغيت تلقائيًا!

خلفية القرار.. قطع العلاقات الدبلوماسية بين السودان والإمارات

تأتي هذه التطورات بعد أيام من قرار الحكومة السودانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات، وسحب بعثتها الدبلوماسية من أبوظبي. وبررت الخرطوم هذه الخطوة بـ”تورط أبوظبي في دعم وتسليح قوات الدعم السريع”، وفقًا لتصريحات رسمية سودانية.

القرار السياسي كان تصعيدًا مفاجئًا، بعد شهور من التوترات الصامتة بين الطرفين. وقد حملت بعض التحليلات الإعلامية هذا القرار الإماراتي على أنه أول رد فعل عملي على خطوة الخرطوم، رغم نفي الإمارات لذلك.

موقف الإمارات الرسمي: القرار لا يؤثر على المقيمين

من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانًا مقتضبًا عقب قرار السودان بقطع العلاقات، أكدت فيه أن هذا القرار لن يؤثر على أوضاع السودانيين الموجودين داخل الإمارات، مشيرة إلى أن حقوقهم محفوظة، وأنهم سيظلون يحظون بالتقدير والاحترام.

غير أن وقف إصدار “Change Visa” أثار تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت الإجراءات الأخيرة تمثل بداية لتغيير في السياسة تجاه الجالية السودانية، أم أنها إجراءات تنظيمية مؤقتة.

الارتباك في صفوف الجالية السودانية.. شهادات من الواقع

ردود الفعل داخل الجالية السودانية اتسمت بالغضب والارتباك. بعضهم رأى أن هذا القرار يضع عشرات الآلاف في مواجهة مباشرة مع الإقامة غير القانونية، خاصة في ظل غياب أي بديل فوري.

وقال أحد المقيمين في أبوظبي:

“كنت على وشك المغادرة إلى مسقط لتجديد التأشيرة، دفعت الحجز قبل يومين، ثم أخبرني المكتب أنه تم إلغاء الرحلة، ولا يوجد أي خيار آخر. هذا القرار قد يجعلني مخالفًا رغمًا عني”.

وتحدث آخر من دبي:

“أنا مع زوجتي وأطفالي، وإقاماتنا انتهت الأسبوع الماضي، واعتمدنا على نظام التغيير دائمًا، والآن لا أعلم ماذا أفعل. هل نطرد؟ هل نُرحل؟”

هل القرار مقدمة لتضييق أكبر؟

يرى مراقبون أن وقف تأشيرات A2A ربما يكون تمهيدًا لسلسلة قرارات إضافية، لا سيما في ظل تصاعد الأزمة السياسية بين البلدين. وقد تخشى السلطات الإماراتية من استغلال بعض الأفراد لحالة الفوضى في السودان للدخول بطرق غير نظامية أو استغلال التأشيرات.

ومن جهة أخرى، هناك مخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة عدد السودانيين الذين يدخلون في وضع غير قانوني رغمًا عنهم، بسبب غياب حلول بديلة.

مخاطر قانونية على السودانيين.. تحولهم إلى مخالفين دون قصد

مع نهاية صلاحية الإقامة، يصبح المقيم “مخالفًا” لقوانين الإقامة، ما يعرضه لعقوبات قد تشمل:

  • الغرامات اليومية (50 درهم عن كل يوم).
  • الحرمان من الحصول على إقامة مستقبلية.
  • الترحيل الإداري والمنع من دخول الدولة.

والمؤسف أن المئات من السودانيين باتوا في هذا الوضع دون رغبة أو خطأ منهم، بل لأن الأداة القانونية الوحيدة التي كانت متاحة لهم تم إيقافها فجأة.

موقف المنظمات الحقوقية.. أين الصوت الإنساني؟

حتى الآن، لم يصدر أي بيان رسمي عن منظمات حقوق الإنسان، سواء العربية أو الدولية، حول القرار الأخير. غير أن ناشطين سودانيين بدأوا حملة مناشدات إلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي، طالبوا فيها:

  • بتدخل الهلال الأحمر والصليب الأحمر لإيجاد حلول إنسانية.
  • مخاطبة منظمة العمل الدولية لضمان عدم فصل السودانيين من وظائفهم.
  • مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل لوقف أي إجراءات تؤثر على حياة السودانيين في الإمارات.

الخيارات القانونية أمام السودانيين في الإمارات

في ظل غياب السفارة السودانية، يجد كثير من السودانيين أنفسهم دون غطاء دبلوماسي، ما يزيد الوضع تعقيدًا. ولكن ما زالت هناك خيارات يمكن للسودانيين محاولة استكشافها، مثل:

  • مراجعة محامي إقامة معتمد لتقديم طلب إقامة إنسانية.
  • التواصل مع الجهات الخيرية التي قد تقدم دعمًا قانونيًا مؤقتًا.
  • البحث عن شركات كفيلة لتجديد الإقامة ضمن عقود عمل.

هل تتدخل وساطات دبلوماسية بديلة؟

يشير بعض المراقبين إلى إمكانية تحرك وساطات من دول عربية صديقة للطرفين مثل مصر، قطر أو سلطنة عمان، للتخفيف من حدة التوتر بين الخرطوم وأبوظبي، ومنع تأثيره على الجاليات المدنية.

ويرى آخرون أن التواصل غير المباشر بين المجتمعين الدبلوماسيين لا يزال ممكنًا، عبر منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي.

الدروس المستخلصة للجاليات العربية في الخليج

ما حدث للسودانيين في الإمارات يمثل تحذيرًا صريحًا للجاليات العربية الأخرى في دول الخليج. فالاعتماد الكامل على حلول بديلة مثل تأشيرات التغيير قد يكون مريحًا مؤقتًا، لكنه هش في مواجهة تقلبات السياسة.

ويجب على المقيمين العرب أن يعملوا على:

  • تسوية أوضاعهم القانونية مبكرًا.
  • التوجه للحصول على إقامات عمل رسمية.
  • الاحتفاظ بخطط بديلة في حال تغيرت القوانين فجأة.

خاتمة تحليلية: السودانيون في قلب أزمة قانونية وإنسانية
في النهاية، فإن القرار الإماراتي بوقف نظام “Change Visa” يعيد السودانيين المقيمين إلى نقطة الصفر. وبقدر ما قد يُفهم القرار في سياقه السيادي والأمني، إلا أنه تسبب في أزمة قانونية واجتماعية شديدة التعقيد.

فجالية ضخمة تعتمد كليًا على نظام معين، وجدت نفسها محرومة منه دون سابق إنذار، في ظل حرب أهلية في وطنهم الأم، وغياب تمثيل دبلوماسي قادر على حماية حقوقهم.

لذلك، فإن الحل لن يكون قانونيًا فقط، بل يجب أن يكون أخلاقيًا وإنسانيًا، يُراعي أوضاع من تمزقت بهم الجغرافيا، قبل أن تُطاردهم السياسة.

رقية أحمد

كاتبة شابة واعدة، تتميز بنظرتها الثاقبة وحسها الفني المرهف. تمتلك قدرة فائقة على صياغة الكلمات وتحويلها إلى لوحات فنية تعكس الواقع وتلامس وجدان القارئ. تتناول رقية في كتاباتها قضايا متنوعة، من الحياة اليومية والتجارب الشخصية إلى القضايا الاجتماعية والثقافية الملحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !