تفاصيل وفاة الابنة الكبرى للقارئ محمد صديق المنشاوي.. تفاصيل حزينة ومؤثرة
في حياة العظماء، لا تنتهي الحكاية بوفاتهم، بل تستمر من خلال سيرتهم، وأبنائهم، وأعمالهم التي تركوها في الناس. وهذا هو حال عائلة القارئ محمد صديق المنشاوي، الذي لطالما أضاءت صوته القلوب قبل المسامع، وخلّف إرثًا قرآنيًا تتوارثه الأجيال.
وفي السادس من مايو 2025، أعلن عن وفاة الابنة الكبرى للشيخ محمد صديق المنشاوي، الحاجة فتحية محمد صديق المنشاوي، عن عمر ناهز التسعين عامًا. ورغم أنها لم تكن شخصية إعلامية أو عامة، فإن النبأ ترك أثرًا عميقًا في نفوس محبي العائلة المنشاوية، نظرًا لمكانة والدها العظيمة، ولحياتها الخيرة الهادئة التي عُرفت بها في أوساطها.
من هي الابنة الكبرى للقارئ محمد المنشاوي؟
الحاجة فتحية محمد صديق المنشاوي، هي كبرى بنات الشيخ محمد صديق المنشاوي، أحد أعلام تلاوة القرآن الكريم في العالم الإسلامي. ترعرعت فتحية في بيت علم وقرآن، وتشبعت من روح والدها الذي عُرف بورعه، وزهده، وحبه لكتاب الله.
عُرفت فتحية منذ شبابها بأنها امرأة وقورة، محبة للخير، وحريصة على دعم من حولها سواءً معنويًا أو ماديًا، خاصة من المحتاجين أو طلاب العلم.
ورغم تحفظها الإعلامي وابتعادها عن الظهور، فإن الكثير من أهالي الحي الذين عايشوها أكدوا أنها كانت على خطى والدها، في الإيمان العميق، والكرم، وحب القرآن الكريم.
مسيرتها في الظل.. ولكنها مضيئة
لم تسعَ فتحية محمد صديق المنشاوي يومًا للظهور أو الشهرة، لكنها كانت جزءًا من منظومة أخلاقية حملت بصمة والدها. نشأت وهي تحفظ القرآن الكريم، وكانت تتلوه بتدبر، وتنصح الفتيات الصغيرات من حولها بالتمسك به.
ولسنوات، كانت الحاجة فتحية تقدم الدعم لجمعيات قرآنية في منطقتها، وتتبرع لتجهيز دور تحفيظ، وتقوم بمبادرات لتوزيع المصاحف على المساجد والمراكز. كما كانت حاضرة دائمًا في مجالس العزاء لتقرأ ما تيسر من القرآن الكريم، وتخفف عن أهل الفقيد.
تفاصيل الوفاة وموعد العزاء
في يوم الإثنين الموافق 6 مايو / أيار 2025، أعلن الشيخ صلاح محمد المنشاوي، شقيقها، عبر بيان قصير، عن وفاة شقيقته الحاجة فتحية عن عمر يناهز 90 عامًا.
وقد أشار إلى أن الوفاة كانت طبيعية، ولم تكن ناتجة عن أي مرض مفاجئ أو حادث. وأفادت مصادر عائلية أنها كانت تعاني من بعض أعراض الشيخوخة المرتبطة بتقدم السن، وأنها توفيت بهدوء في منزلها، محاطة بأفراد العائلة.
تمت إقامة صلاة الجنازة على روحها الطاهرة في مسجد الصباح، وجرى تلقي العزاء في مسجد السلام بمنطقة الهرم، بالقرب من مؤسسة بهية، حيث توافد عدد كبير من المعزين من محبي العائلة المنشاوية، وتلاميذ والدها، وشخصيات دينية معروفة.
محمد صديق المنشاوي.. الأب والمربي
للتعرف أكثر على أثر هذه الوفاة، لا بد من العودة إلى السيرة الزكية للشيخ محمد صديق المنشاوي، والد الحاجة فتحية، الذي وُلد في محافظة سوهاج عام 1920، وتوفي سنة 1969 عن عمر ناهز 49 عامًا.
حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وكان من أبرز قراء مصر، عُرف بصوته الخاشع المؤثر، وكان من أوائل من سجلوا المصحف المرتل بصوتهم، وله تسجيلات خالدة في إذاعة القرآن الكريم، والمساجد الكبرى كالمسجد الأقصى والكويت وليبيا.
وقد خلف محمد المنشاوي أبناءً وبناتٍ، كان منهم الحاجة فتحية، التي حفظت اسمه بصمتها الطيبة في حياتها.
إرث الأسرة المنشاوية: مدرسة قرآنية متكاملة
عائلة المنشاوي لم تكن مجرد بيت قراء، بل مدرسة قرآنية متكاملة امتدت لأجيال. بدءًا من الشيخ صديق المنشاوي، والد محمد، وصولًا إلى الأبناء والأحفاد الذين تميزوا بإتقان التلاوة، والالتزام بالخلق الكريم، والنهج المحافظ.
وعُرفت العائلة بكونها لا تتاجر بالقرآن، وكان الشيخ محمد المنشاوي يرفض تقاضي أجر على تعليمه للقرآن، مؤكدًا أن العلم الديني لا يُباع ولا يُشترى. وقد غرس هذه المبادئ في أولاده، فحملتها فتحية في سلوكها وتعاملها مع الناس.
كيف استقبل الناس نبأ الوفاة؟
عقب الإعلان عن وفاة الحاجة فتحية، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات مليئة بالدعاء والترحم والثناء على سيرة الراحلة. وقد غرّد عدد من الدعاة والمقرئين قائلين:
- “رحلت من كانت تضيء بيت المنشاوي بالسكينة والقرآن”
- “اللهم اجزها خير الجزاء على ما قدمته من دعم للمساجد وأهل القرآن”
- “ما أطيب أن يرحل الإنسان وذكره معطر، كأثر قارئ القرآن”
العلاقة بين القارئ محمد المنشاوي وأولاده
رغم انشغال الشيخ محمد المنشاوي في التنقل بين الدول لتلاوة القرآن، فإنه كان أبًا حنونًا، يهتم بتربية أولاده على التقوى، ويحفظهم من الغرور والشهرة. وكان دائم الترديد:
- “القرآن لا يليق به التكبر، من قرأه عليه أن يكون خاشعًا متواضعًا”.
هذا ما ترك أثرًا في أبنائه، حيث حملوا اسمه بهدوء ووقار، ومنهم الحاجة فتحية، التي كانت صورة من صور والده، ولكن في الظل.
من هم أبناء الشيخ محمد صديق المنشاوي؟
لا تتوفر معلومات دقيقة وعلنية عن جميع أسماء أبناء الشيخ محمد صديق المنشاوي، لكن المؤكد أن عدد أولاده وصل إلى 15 ابنًا وابنة، بعضهم سلك طريق والدهم في القرآن، والبعض الآخر اختار مسارات مختلفة، ولكن جميعهم ظلوا متمسكين بالاحترام الكبير لاسم العائلة.
وكان من المعروف أن بعض أحفاده أصبحوا قراء أيضًا، وشاركوا في مسابقات قرآنية داخل مصر وخارجها.
ماذا تبقى من العائلة المنشاوية اليوم؟
تبقى العائلة المنشاوية اليوم رمزًا حيًا للتاريخ القرآني في مصر، ويُنظر إليها باعتزاز من جمهور الإذاعة الدينية ومحبي التلاوة الكلاسيكية.
وتحظى بعض التسجيلات النادرة للشيخ محمد المنشاوي بملايين المشاهدات عبر الإنترنت، كما أن اسمه لا يزال يُذكر في دروس كبار الشيوخ، بصفته قارئًا فريدًا بصوتٍ لا يُنسى.
فقرة ختامية: حين ترحل الكبار بصمت.. وتبقى أعمالهم
رحلت الحاجة فتحية محمد المنشاوي دون ضجة إعلامية، كما عاشت دائمًا، ولكنها تركت في القلوب بصمة من نور. ومَن نشأت في بيت تلا القرآن آناء الليل وأطراف النهار، لا يمكن أن تُنسى.
هي لم تكن مجرد ابنة قارئ عظيم، بل كانت امرأة فاضلة، عاشت حياةً طيبة، وماتت موتةً كريمة.
فطوبى لها، ولروحها، ولبيتٍ أنجب الكرام وعاشوا بهدوء وصمت، وتركوا للعالم صوتًا خالدًا اسمه: المنشاوي.