تفاصيل وفاة الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري: قائد الحراك التهامي يترجل بعد مسيرة نضال طويلة
في مشهد وداعي حزين، رحل عن عالمنا المناضل اليمني المعروف الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري، أحد أبرز رموز الحراك التهامي وقائد المقاومة التهامية، الذي وافته المنية مساء الخميس في العاصمة المصرية القاهرة بعد معاناة مع المرض، ليغلق برحيله فصلًا من النضال السياسي والاجتماعي من أجل حقوق أبناء تهامة.
وبمجرد إعلان خبر وفاته، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل النعي والعزاء، فيما عبّر كثير من الناشطين التهاميين واليمنيين عن ألمهم العميق لفقدان هذه القامة الوطنية التي لم تتوانَ يومًا عن الدفاع عن أبناء منطقته وقضاياهم المحقة.
من هو الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري؟
الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري يُعد من أبرز الوجوه السياسية والنضالية في اليمن، وتحديدًا في منطقة تهامة، حيث قاد الحراك التهامي السلمي والمقاومة التهامية لعقود، وكان الصوت الذي عبّر عن هموم ومطالب أبناء تهامة في المحافل السياسية، والمنصات الوطنية، واللقاءات الدولية.
عرف عنه التزامه الشديد بالقضية التهامية، ودفاعه الصلب عن العدالة، والتمثيل المنصف لأبناء منطقته، في ظل تهميش طويل تعرّضت له تهامة تاريخيًا. وقد شكّل مع مجموعة من القيادات التهامية نواة لعمل سياسي منظم هدفه الاعتراف الكامل بالهوية والحقوق المشروعة للتهاميين في إطار الدولة اليمنية.
وفاته في القاهرة… وحزن في تهامة
بحسب ما أعلنه عدد من الناشطين اليمنيين، فقد توفي الشيخ عبد الرحمن حجري في أحد مستشفيات القاهرة، حيث كان يخضع للعلاج، وذلك بعد فترة مرض لم يُعلن عن تفاصيلها بدقة، ما جعل خبر وفاته صادمًا للعديد من المتابعين الذين لم يعرفوا عن مرضه شيئًا من قبل.
وقد تناقلت صفحات يمنية بارزة، منها صفحة الناشط “عبد المجيد زيح” على منصة إكس (تويتر سابقًا)، نبأ الوفاة، مؤكدين أن فقدان الشيخ حجري يُعد “خسارة فادحة للقضية التهامية، وللمناضلين الذين لطالما نادوا بحقوقهم المشروعة”.
ماذا قدّم للقضية التهامية؟
لا يمكن اختزال إنجازات الشيخ عبد الرحمن حجري في سطور، لكنه كان:
- قائدًا ميدانيًا وسياسيًا للحراك التهامي السلمي.
- شخصية محورية في المقاومة التهامية بجبهة الساحل.
- أحد الأصوات البارزة التي طالبت بإنصاف تهامة سياسيًا وتنمويًا.
- مشاركًا في عدد من اللقاءات مع مبعوثي الأمم المتحدة، وكان له لقاء مهم مع مارتن غريفيثس عام 2021 في القاهرة.
كما جمعته لقاءات بقيادات يمنية في مجلس القيادة الرئاسي، مثل اللواء عيدروس الزبيدي، ضمن جهود تعزيز التعاون بين تهامة والجنوب اليمني لمجابهة التحديات السياسية والإنسانية.
لماذا يُعد رحيله خسارة فادحة؟
لأن رحيل شخصية مثل الشيخ حجري يعني غياب أحد القيادات الميدانية القليلة التي تمكّنت من الجمع بين العمل السلمي والمقاومة الميدانية، وبين التواصل مع الجهات الدولية والمحلية.
لقد كان وجهاً جامعًا وملاذًا للتهاميين، يسعى للعدالة دون أن يدعو للعنف، ويدافع عن قضيته بحكمة وصلابة في آنٍ معًا، بعيدًا عن المزايدات والانقسامات.
ردود الفعل: الحزن يعمّ مواقع التواصل
ما إن أُعلن نبأ الوفاة حتى امتلأت الصفحات اليمنية بالتغريدات والمنشورات التي تنعي الفقيد وتعدد مناقبه. وكتب أحد الناشطين:
“رحم الله القائد الإنسان.. خسارة تهامية لا تُعوّض. رجل لا يعرف التعب، عاش من أجل أبناء منطقته ومات في الغربة”.
فيما نشر آخر:
“بموته تنطفئ شمعة كانت تضيء طريق المطالبين بالعدل، وتخسر تهامة واحدًا من أنبل رجالاتها”.
الموقف الرسمي من وفاته
حتى اللحظة، لم يصدر بيان رسمي من الحكومة اليمنية بشأن وفاة الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري، كما لم تُعلن تفاصيل الجنازة أو موعد نقل الجثمان إلى اليمن. إلا أن الكثيرين طالبوا بتشييع يليق بمكانته النضالية وتاريخه الحافل.
مسيرة سياسية واجتماعية لم تُكمل فصولها
منذ بداية مشواره، آمن حجري بأن التغيير يبدأ من الكلمة والموقف، وليس من السلاح. ولذلك، تبنّى مشروعًا سلميًا يدعو إلى إنصاف أبناء تهامة، وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في القرار السياسي والاقتصادي.
ومع تصاعد الأحداث في اليمن خلال العقد الأخير، اختار حجري طريق التفاوض والضغط السلمي، وتمكّن من إيصال صوت قضيته إلى طاولات التفاوض والمبعوثين الدوليين.
هل هناك بديل لقيادته؟
ربما من الصعب الحديث عن بديل مباشر له، خاصة وأن الرجل لم يكن فقط سياسيًا، بل رمزًا شعبيًا له كاريزما خاصة ومقبولية عالية بين أبناء تهامة. لكن إرثه سيبقى حيًا، ومشروعه سيكمله من ساروا على دربه من الشباب التهامي الواعي.
في وداع القائد.. كلمات في القلب
الذين عرفوا عبد الرحمن حجري عن قرب يجمعون على أنه كان إنسانًا بسيطًا في تعامله، قويًا في مواقفه، نزيهًا في مسيرته، شجاعًا في قول الحق. لم يكن يبحث عن منصب، بل عن عدالة. لم يكن يلهث خلف مكسب، بل خلف حلم قديم بأن تنال تهامة ما تستحقه من رعاية وإنصاف.
الختام: تهامة تفقد رمزها… لكن القضية مستمرة
برحيل الشيخ عبد الرحمن شوعي حجري، تُطوى صفحة مضيئة من النضال التهامي، لكنها تترك خلفها إرثًا وطنيًا سيُروى طويلًا. لم يكن مجرد رجل، بل فكرة، ورمزًا، وصوتًا صدح في زمن الصمت، وأراد لتهامة أن تكون حاضرة في الوجدان الوطني لا في هوامش النسيان.
رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.