ما أسباب نزع الجنسية عن عبدالوهاب غلوم؟ التفاصيل كاملة
في قرار أثار موجة من النقاش والجدل على المستويين الشعبي والإعلامي، أقرت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في الكويت نزع الجنسية الكويتية عن الشاعر عبدالوهاب أحمد غلوم بو أحمد، استنادًا إلى المادة 21 مكرر (أ) من قانون الجنسية الكويتي لعام 1959.
القرار لم يأتِ من فراغ، بل يعود إلى واقعة قديمة تتعلق بوالده في ستينيات القرن الماضي، وهو ما فتح الباب مجددًا أمام تساؤلات كثيرة حول العدالة، التبعية، ومسؤولية الأبناء عن أخطاء الآباء.
من هو عبدالوهاب غلوم ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
عبدالوهاب غلوم هو شاعر كويتي معروف في الساحة الأدبية الخليجية. وُلد في ستينيات القرن الماضي ونشأ في الكويت، حيث تلقى تعليمه وشارك في المشهد الثقافي والأدبي من خلال الأمسيات، الصحف، والبرامج الثقافية.
اشتهر بقصائده ذات الطابع الوطني والاجتماعي، وله جمهور واسع في الأوساط الأدبية الخليجية.
لكنه بات اليوم محور قضية قانونية حساسة، بعدما تم نزع جنسيته الكويتية التي حصل عليها سابقًا بموجب “قرار تبعية” يعود إلى والده.
ما سبب سحب الجنسية الكويتية من عبدالوهاب غلوم؟
السبب الأساسي يعود إلى اكتشاف مباحث الجنسية الكويتية أن والد عبدالوهاب، وهو أحمد غلوم حاجي حسن – المتوفى – قام في ستينيات القرن الماضي بتسجيل بيانات مزورة للحصول على الجنسية الكويتية.
ووفقًا للتحقيقات، فقد تبين أن الوالد كان يحمل الجنسية الإيرانية، لكنه سجّل نفسه داخل قواعد البيانات الكويتية تحت أربعة أسماء مختلفة، بأربع هويات رسمية، وكلها ببصمة واحدة، ما يدل على التزوير.
وكان قد تم ترحيله في وقت سابق بعد محاكمته، إلا أنه عاد إلى البلاد بطريقة غير قانونية عام 1973، ومنح لاحقًا شهادة جنسية عبر نائب بمجلس الأمة دون صدور قرار رسمي من مجلس الوزراء.
تفاصيل قرار اللجنة العليا
نص قرار اللجنة على نزع الجنسية عن عبدالوهاب وأفراد من أسرته، استنادًا إلى المادة 21 مكرر (أ) من قانون الجنسية الكويتي، والتي تخوّل الحكومة سحب الجنسية عن كل من اكتسبها بالاحتيال أو بناء على بيانات غير صحيحة أو وثائق مزورة.
وبما أن عبدالوهاب حصل على الجنسية “بالتبعية” لوالده، فإن سقوط الجنسية عن الأب يعني تلقائيًا سحبها من الأبناء، حسب ما ورد في القرار.
تعليق عبدالوهاب غلوم على القرار
في أول تصريح له بعد إعلان القرار، قال عبدالوهاب:
“لا ذنب لي ولإخوتي فيما جرى، ولا يجب أن نتحمل مسؤولية في الأمر؛ لأنه حدث في الستينيات، أي قبل مولدنا.”
تصريحه أثار تعاطفًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثيرون أن القرار قد يكون قاسيًا في تحميل أجيال لاحقة خطأ ارتكبه الأب، خاصة بعد مرور أكثر من 60 عامًا عليه.
هل هناك إمكانية للطعن أو التظلم؟
بحسب القوانين الكويتية، يحق للمواطن الذي نُزعت جنسيته تقديم تظلم إلى “لجنة التظلمات” التابعة لمجلس الوزراء، وهي الجهة المخولة بإعادة النظر في قرارات نزع الجنسية.
وقد أكدت مصادر مطلعة أن عبدالوهاب تقدم بالفعل بتظلم رسمي، مشيرًا إلى أنه عاش طوال حياته كمواطن كويتي ملتزم بالقانون، دون أن يرتكب أي مخالفة.
ماذا تقول التحقيقات؟
تفاصيل التحقيقات تشير إلى أن والد عبدالوهاب كان قد اعترف في وقت سابق أمام النيابة العامة بتزوير أوراق الهوية، واستخدام أسماء مختلفة داخل البلاد، ما مكّنه من التسلل مجددًا إلى الكويت بعد الترحيل.
اللافت أن الجهات الأمنية اعتمدت في التحقق من الواقعة على بصمات إلكترونية محفوظة منذ أكثر من خمسين عامًا، ما يثير الدهشة حول مدى دقة قواعد البيانات التي تستخدمها مباحث الجنسية.
ردود فعل الرأي العام
انتشرت القضية كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء:
- فئة ترى أن “تطبيق القانون واجب، مهما طال الزمن”، وترى أن الجنسية حق سيادي للدولة.
- وفئة أخرى ترى أن “العدل لا يعني العقوبة الجماعية”، وتدعو لإعادة النظر في سحب الجنسية من أبناء لم يشاركوا في الخطأ.
- واشتعلت وسوم مثل #عبدالوهاب_غلوم و#سحب_الجنسية على تويتر، وشارك بها صحفيون، مثقفون، وناشطون حقوقيون.
الأبعاد القانونية والإنسانية
القضية سلطت الضوء على ثغرات قانونية يجب إعادة النظر فيها، فبينما يحمي القانون سيادة الدولة، إلا أن بعض مواده قد تؤدي إلى تجريد الأبناء من حقوق اكتسبوها فعليًا دون أن تكون لهم يد في التجاوزات الأصلية.
يرى قانونيون أن المادة 21 مكرر (أ) يجب أن تُعدل لتتضمن نصًا يراعي التفرقة بين “من شارك في التزوير” و”من وُلد على أساسه”، كما دعا بعضهم إلى إنشاء لجان استشارية للنظر في الحالات الفردية استنادًا للظروف.
كيف تؤثر هذه القرارات على المجتمع؟
لا شك أن مثل هذه القرارات تحمل تداعيات اجتماعية ونفسية كبيرة، حيث تؤثر على استقرار الأسرة، وتعليم الأبناء، وفرص العمل، والرعاية الصحية، والتأمينات.
وقد عبّر كثيرون عن قلقهم من تحول هذا النوع من القضايا إلى حالة تتكرر مع حالات أخرى تمس أفرادًا لم يرتكبوا جرمًا، لكنهم وقعوا في دائرة القرار الإداري.
ماذا بعد؟
الكرة الآن في ملعب لجنة التظلمات، وهي الجهة الوحيدة المخولة بإعادة الجنسية من عدمها.
وينتظر عبدالوهاب وعائلته نتيجة التظلم، وسط حالة من الترقب، في وقت تتصاعد فيه الدعوات للإنصاف والتعقل، وربما إعادة صياغة مواد قانون الجنسية بما يتماشى مع المبادئ الدستورية والعدالة الإنسانية.