سبب القبض على صيدلي المنوفية: حبس 15 يومًا بتهمة تصوير السيدات داخل الصيدلية
في واقعة صدمت الشارع المصري وهزّت الثقة في بيئة يُفترض أن تكون آمنة، أصدرت محكمة منوف بمحافظة المنوفية قرارًا بحبس صيدلي 15 يومًا على ذمة التحقيقات، بعد توجيه تهم خطيرة إليه تتعلق بتصوير سيدات وفتيات داخل غرفة الحقن بصيدلية تابعة له.
الواقعة لم تمر مرور الكرام، إذ أثارت موجة من الاستياء الشعبي والغضب العام، خصوصًا أن الجريمة وقعت في مكان يتعامل فيه الناس بثقة مطلقة، دون أدنى شك في حدوث ما يُخالف الأعراف أو الأخلاق أو حتى القوانين.
وتأتي تفاصيل هذه القضية لتكشف النقاب عن كيفية انكشاف الجريمة، وتسلسل الأحداث من أول بلاغ قدمه الأهالي وحتى لحظة صدور قرار الحبس، مع تحليل شامل للبعد الاجتماعي، القانوني، وردود الأفعال الرسمية وغير الرسمية.
بداية قصة الصيدلي المتهم بتصوير السيدات داخل صيدلية بالمنوفية : شك يفتح أبواب التحقيق
القصة بدأت حين لاحظت فتاتان من مدينة منوف أمرًا غريبًا داخل غرفة الحقن في إحدى الصيدليات بشارع النهدين، حيث لفت نظرهما وجود هاتف محمول مخبأ بطريقة غير طبيعية، ما أثار في نفسيهما الشك حول احتمالية استخدامه في تصوير المترددات على الغرفة أثناء تلقي العلاج أو الحقن.
وبحسٍ عالٍ بالمسؤولية، بادرت الفتاتان إلى إبلاغ قسم شرطة منوف، حيث تم استقبال البلاغ من قبل مأمور القسم المقدم علاء عزب، والذي أحاله بدوره إلى الرائد كريم الضبع، رئيس مباحث القسم، للبدء في التحريات الفورية.
القبض على صيدلي المنوفية: تحرك أمني سريع
لم تمضِ ساعات على تقديم البلاغ، حتى قامت قوة من قسم شرطة منوف بمداهمة الصيدلية المذكورة، وتم ضبط الصيدلي المتهم ويدعى “خ. ش”، وتم التحفظ على الهاتف المحمول الذي أثار الشكوك.
وبحسب مصادر أمنية، فإن فحص الهاتف المبدئي كشف عن وجود عدد من مقاطع الفيديو التي توثق بالفعل تصويرًا خلسة لسيدات وفتيات داخل غرفة الحقن، في أوضاع اعتبرتها النيابة مسيئة وتمس الحياء العام وخصوصية المترددات على الصيدلية.
النيابة تتدخل: التحقيقات تتسارع
فور القبض على الصيدلي، تم تحرير محضر رسمي بالواقعة وإخطار النيابة العامة لتولي التحقيق، حيث باشرت النيابة استجواب المتهم بحضور محاميه.
المتهم أنكر في البداية ارتكاب الجريمة، مدعيًا أن الهاتف كان يستخدم لأغراض شخصية، لكن الفحص الفني للهاتف نسف دفاعه، بعدما أثبت وجود تسجيلات لم يتم إعلام الضحايا بها، إضافة إلى كون الهاتف موجهًا نحو أماكن الجلوس والحقن بطريقة غير مبررة.
أمام هذه الأدلة، قررت النيابة حبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات، قبل أن يُعرض على قاضي المعارضات الذي قرر بدوره تجديد حبسه 15 يومًا لاستكمال التحريات.
بيان إدارة سلسلة الصيدليات: نبرأ أنفسنا
إدارة سلسلة الصيدليات التي كان الصيدلي المتهم يدير فرعًا تابعًا لها سارعت إلى إصدار بيان رسمي أعلنت فيه عدم مسؤوليتها عن سلوك المتهم، وأوضحت أنه كان مستأجرًا للفرع بشكل مستقل ولا يمثل إدارة السلسلة بأي شكل قانوني.
وجاء في البيان:
“الصيدلي المذكور قام بتأجير الفرع الكائن بشارع النهدين في منوف منذ أشهر، ولا يربطنا به سوى عقد الإيجار التجاري. وإزاء ما نُسب إليه من تصرفات مشينة، بدأنا فورًا اتخاذ الإجراءات القانونية لفسخ التعاقد، مع الاحتفاظ بحقنا الكامل في اتخاذ كافة الخطوات القانونية للحفاظ على سمعة علامتنا التجارية.”
ردود أفعال المجتمع: غضب واسع وتضامن مع الضحايا
أثارت الواقعة جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المواطنين عن استيائهم من الواقعة، مطالبين بإنزال أقصى العقوبات على الجاني إن ثبتت إدانته.
وانتشرت دعوات لمراقبة الصيدليات والمراكز الطبية بشكل أكبر، مع التأكيد على ضرورة وجود كاميرات مراقبة رسمية وواضحة يتم الإعلان عنها بشكل قانوني وليس استخدامها للإساءة أو التجسس.
في الوقت ذاته، أطلقت منظمات مجتمع مدني حملات توعية لضرورة الانتباه داخل المراكز الطبية، وعدم السكوت عن أي تجاوزات تمس الكرامة والخصوصية.
خلفية قانونية: ما العقوبة المنتظرة؟
وفقًا للقانون المصري، فإن تهمة تصوير المواطنين دون علمهم تُعد انتهاكًا صريحًا للخصوصية، وتندرج تحت مواد قانون العقوبات المصري.
وإذا ما ثبت أن التسجيل تم في أوضاع تمس الشرف، فإن العقوبة قد تصل إلى السجن المشدد لمدة تتراوح من 3 إلى 7 سنوات، مع الغرامات المالية، فضلًا عن إمكانية إسقاط ترخيص مزاولة المهنة في حال ثبت استغلال العمل المهني في ارتكاب الجريمة.
وتعمل النيابة حاليًا على فحص كافة محتويات الهاتف، والتأكد من عدد الضحايا، واحتمالية مشاركة هذه المقاطع بأي وسيلة كانت، الأمر الذي قد يوسع إطار الاتهام ليشمل تهمًا أخرى مثل “نشر مواد مخلة دون رضا الضحايا”.
أسئلة تهم القارئ:
هل تم إثبات الجريمة بشكل نهائي؟
حتى اللحظة، لا يزال الصيدلي رهن الحبس الاحتياطي، والتحقيقات مستمرة، خصوصًا بعد فحص الأدلة الرقمية.
هل يمكن سحب ترخيصه كصيدلي؟
نعم، في حال إدانته، يحق للنقابة شطبه من سجلاتها، كما يمكن للنيابة تقديم توصية بذلك استنادًا للمخالفات المهنية.
ما دور الأجهزة الرقابية في مثل هذه الحالات؟
يتوجب على أجهزة وزارة الصحة، وإدارات التفتيش الصيدلي، مراقبة الأداء المهني في المؤسسات الصحية الخاصة، والتأكد من التزامها بالمعايير القانونية.
خاتمة: الحذر واجب والثقة لا تعني الغفلة
حادثة صيدلية منوف تطرح سؤالًا كبيرًا: إلى أي مدى أصبحت الخصوصية مهددة حتى في الأماكن التي يُفترض أنها آمنة؟
إن الثقة لا تُمنح بلا ضوابط، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمؤسسات خدمية حساسة كالصيدليات والمراكز الطبية.
وما هذه الواقعة سوى جرس إنذار للجميع، من مواطنين، إلى مسؤولين، إلى جهات رقابية، للقيام بمسؤولياتهم كاملة تجاه حماية المجتمع من مثل هذه الجرائم المستترة.