مأساة تهز العراق: وفاة عائلة كاملة في حريق مروع بمدينة البصرة 2025

في مشهد مؤلم هزّ الشارع العراقي، لقيت عائلة عراقية مكونة من خمسة أفراد مصرعها، بعد اندلاع حريق هائل في منزلهم الكائن بمنطقة الجنينة في محافظة البصرة، جنوبي البلاد. الحادثة وقعت في وضح النهار، يوم الأربعاء 16 أبريل 2025، وأسفرت عن وفاة الأم وأطفالها الثلاثة داخل المنزل، في حين نُقل الأب إلى المستشفى ليفارق الحياة لاحقًا متأثرًا بالاختناق.

ما إن انتشر الخبر حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور العائلة ورسائل النعي، وسط حالة من الصدمة الجماعية والحزن العميق، لتتحول الحادثة إلى قضية رأي عام تتصدر عناوين الأخبار المحلية.

التفاصيل الكاملة للحادث: الدخان خنق الحياة قبل أن تلتهمها النيران

وفقًا لمصادر محلية وشهود عيان، فإن الحريق اندلع بعد الظهر بينما كانت الأسرة داخل المنزل تستريح. وتُشير الروايات الأولية إلى أن الأم، وهي أستاذة جامعية محترمة في كلية البصرة، كانت نائمة مع أطفالها الثلاثة داخل غرفة مغلقة، عندما تسللت ألسنة اللهب إلى أنحاء المنزل، مُحدثة سحبًا كثيفة من الدخان السام الذي أدى إلى اختناقهم على الفور.

أما الزوج، وهو مهندس يعمل في شركة مقاولات محلية، فقد حاول بشجاعة إخراج أفراد أسرته، لكنه أصيب باختناق حاد نُقل على إثره إلى المستشفى، حيث أعلن الأطباء وفاته بعد وقت قصير.

فيديو يوثق لحظات الرعب.. والجيران يحاولون المستحيل

مقطع فيديو صوّره أحد الجيران وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر لحظات مرعبة لتصاعد الدخان من نوافذ المنزل بينما كان السكان يحاولون بكل طاقتهم إطفاء الحريق، بما في ذلك سحب سيارة العائلة من باحة المنزل بعد أن امتدت إليها ألسنة اللهب.

المشهد الذي وثّقه الفيديو يُجسّد المأساة بكل تفاصيلها الإنسانية، ويُسلّط الضوء على بطء استجابة فرق الدفاع المدني مقارنة بحجم الحريق، وهو ما فتح باب الانتقادات مجددًا على البنية التحتية الضعيفة في بعض أحياء البصرة.

ما سبب الحريق؟ السلطات تفتح تحقيقًا عاجلًا

أعلنت الشرطة المحلية في محافظة البصرة عن فتح تحقيق موسع لتحديد الأسباب الحقيقية وراء الحريق المميت. ورجّحت مصادر أن يكون السبب تماسًا كهربائيًا ناتجًا عن خلل في أحد الأجهزة المنزلية، خاصة أن الحريق اندلع دون صوت انفجار، ودون سابق إنذار.

من جانبها، أمرت الجهات القضائية بإحالة جثامين الضحايا إلى الطب العدلي لإجراء تشريح كامل، وذلك للتأكد من سبب الوفاة وتوقيته، وهل كان هناك أي شبهة جنائية أم أن الحادث عرضي بالكامل.

موجة من الحزن في البصرة.. وناشطون يطلقون حملات تضامن

المجتمع البصري لم يقف صامتًا أمام هذه المأساة، فقد انتشرت صور العائلة، التي وُصفت بـ”النموذجية”، على نطاق واسع عبر فيسبوك وتويتر وإنستغرام. وشهدت المنصات حملة تضامن واسعة تحت عناوين مثل “ارحموا أطفالنا من الإهمال”، و”ضحايا البصرة.. جريمة الإهمال والصمت”.

وشارك الآلاف من المواطنين في مراسم تشييع الضحايا، التي تحوّلت إلى وقفة احتجاجية صامتة، طالب فيها المواطنون بتحسين خدمات الإطفاء، ووضع أنظمة إنذار حرائق في المناطق السكنية، وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء القديمة التي غالبًا ما تتسبب بكوارث مشابهة.

شهادات مؤثرة من الجيران والأصدقاء

قال أحد جيران العائلة:

“الأب كان مثالًا للتفاني في عمله، والأم كانت من أطيب القلوب. لا أحد يصدق أن ثلاثة أطفال بريئين قضوا وهم نيام.. إنها مأساة لا تُوصف.”

وأضافت قريبة للعائلة في تصريح صحفي:

“ابنهم الأكبر كان يتهيأ للانتقال إلى المدرسة الثانوية.. كانوا يعيشون حياة هادئة وبسيطة. ما حدث كسر قلوبنا جميعًا.”

ضعف البنية التحتية.. هل آن الأوان لإصلاح جذري؟

المأساة سلطت الضوء مجددًا على ضعف أنظمة الأمان في المنازل العراقية، خاصة في المناطق ذات البنى التحتية المهترئة. منازل غير طابقية، تمديدات كهربائية بدائية، غياب تام لأنظمة كشف الحرائق، نوافذ محكمة الغلق، وقلة في عدد مراكز الإطفاء القريبة.. كلها عوامل ساهمت بشكل أو بآخر في تفاقم الكارثة.

ودعا ناشطون إلى إدراج أنظمة الأمان من الحرائق ضمن شروط البناء الإلزامي، وتوفير أجهزة إنذار ودورات توعية مجانية في المدارس والمجتمعات السكنية.

ملف الحوادث المنزلية في العراق.. ناقوس خطر

وفق إحصائيات الدفاع المدني العراقي، فإن الحرائق المنزلية تُعد من أكثر الحوادث شيوعًا في العراق، حيث تم تسجيل أكثر من 12 ألف حادث حريق خلال عام 2024 فقط، منها أكثر من 60% وقعت داخل المنازل بسبب تماس كهربائي أو إهمال.

وتُطالب منظمات المجتمع المدني بإطلاق برنامج وطني لإدارة مخاطر الكوارث المنزلية، خاصة في ظل تصاعد الحوادث من دون وجود خطة واضحة للوقاية أو التدخل السريع.

الختام: رحيلٌ موجع يُجدد الدعوة لإصلاح الواقع

في النهاية، تبقى فاجعة البصرة شاهدًا مؤلمًا على واقع يُصرّ على تجاهل الأمان مقابل البناء. فقدنا عائلة كاملة في دقائق، لأن حريقًا بسيطًا وجد طريقه وسط غفلة وإهمال. هؤلاء لم يكونوا مجرد أرقام في سجلّ الدفاع المدني، بل كانوا أحلامًا صغيرة وآمالًا لم تكتمل.

رحم الله الضحايا وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وأعاد إلى ضمائر المسؤولين وعيًا بأن الأرواح لا تُعوّض.. وأن الوقاية خير من النحيب بعد الفقد.

محمد علي

صحفي تحقيقي بارع، يتميز بشغفه بكشف الحقائق وإيصالها للجمهور. يمتلك مهارات بحث وتقصي عالية، ويتبع المنهج العلمي في تحليله للأحداث. يتميز بأسلوبه الجريء والمؤثر الذي يدفع القارئ إلى التفكير والتأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !