كارثة سيول إقليم أزيلال أبريل 2025: انهيار البنية التحتية وصرخة السكان

تسببت التساقطات المطرية التي شهدها إقليم أزيلال خلال منتصف أبريل 2025 في كارثة بنيوية وإنسانية صامتة، حيث جرفت السيول الطرق والمسالك القروية، وقطعت التواصل بين دواوير بأكملها.

لكن ما فاقم الوضع ليس فقط الأمطار، بل الانكشاف الفاضح لهشاشة البنية التحتية، وفشل المشاريع المنجزة حديثًا في الصمود، وهو ما أثار موجة استنكار شعبية واسعة، مطالبين بمحاسبة الجهات المسؤولة عن هذه “الهشاشة الممنهجة”.

 ما الذي حدث في أزيلال؟

ابتداءً من مساء يوم السبت 13 أبريل وحتى فجر الاثنين، هطلت أمطار رعدية غزيرة على مناطق متفرقة من إقليم أزيلال في المغرب، ما أدى إلى فيضانات مفاجئة وسيول جرفت التربة والمنشآت.

خلال ساعات، وجدت ساكنة العديد من القرى نفسها معزولة تمامًا، بدون طرق، وبدون قدرة على الوصول للخدمات أو المدارس أو المراكز الصحية.

 مداشر تحت الحصار

أكثر المناطق تضررًا كانت جماعات:

  • بني عياط
  • زاوية أحنصال
  • آيت عباس
  • تيلوكيت
  • آيت عتاب
  • بني حسان
  • فم الجمعة

القناطر والطرق التي تربط هذه الجماعات والمداشر القروية تعرضت إما للانهيار الكلي أو للتصدع، وهو ما أدى إلى شلل تام في التنقل، خاصة بين المستشفيات والمراكز الحيوية.

 انهيارات تكشف هشاشة مشاريع كلفت الملايين

المفاجئ والمثير للغضب هو أن معظم الطرق والقناطر المتضررة تم إنجازها أو تجديدها خلال السنوات الثلاث الماضية في إطار مشاريع محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية، بميزانيات ضخمة.

أبرز المواقع المتضررة:

  • قنطرة گيمي – بني حسان: أنجزت مؤخرًا وتضررت بشكل كارثي.
  • قنطرة مسكاون – فم الجمعة: شريان أساسي انهار جزئيًا وعزل الجماعات المجاورة.
  • الطريق بين اسقنبر وبني حسان: اختفت أجزاء منها كليًا.
  • طريق مجوجگة – آيت عتاب: مهددة بالزوال التام.

وقد أظهرت مقاطع فيديو وصور تناقلها المواطنون على مواقع التواصل المشهد الصادم لقناطر حديثة البناء تنهار بسهولة، مما أثار تساؤلات حول مستوى الجودة والرقابة أثناء الإنجاز.

 فشل رقابي ومهندسي في وضح النهار

الواقعة كشفت أن مشاريع البنية التحتية التي يُفترض أنها أنجزت وفق معايير الجودة والمقاومة، لم تستطع مواجهة تساقطات مطرية عادية نسبيًا.

ووفق شهادات محلية، فقد تم في كثير من المشاريع “الاكتفاء بأدنى المواصفات الهندسية”، مع تجاوز شروط السلامة والتماسك الطوبوغرافي للمنطقة الجبلية.

 صرخات السكان: “أين ذهبت أموالنا؟”

ردًّا على الفاجعة، نظم العشرات من سكان الجماعات المتضررة وقفات احتجاجية في مداخل الدواوير ومقرات القيادات، رفعوا خلالها شعارات مثل:

  • “فلوس المشاريع فين مشات؟”
  • “قناطر ورق، وناس تحت الطين”
  • “نطالب بتحقيق ومحاسبة الفاسدين”

المحتجون طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق محايدة تشمل المجلس الأعلى للحسابات، لمراجعة كل ما تم إنجازه خلال العقد الأخير، ومقارنته بالكوارث المتكررة.

 هل التنمية مجرد أرقام على الورق؟

منذ سنوات، يشهد إقليم أزيلال برامج حكومية للتنمية القروية، تستهدف فك العزلة وتحسين البنيات التحتية، لكن الواقع يؤكد أن:

  • الميزانيات الضخمة لا تقابلها مشاريع مستدامة
  • الصفقات تُمنح لمقاولات غير مؤهلة أو بمواصفات أدنى
  • غياب الرقابة التقنية الدقيقة أثناء وبعد الإنجاز
  • وهذا ما جعل المناطق الجبلية عرضة لانهيارات متكررة مع كل تساقطات، وغياب أي حلول جذرية.

 البعد البيئي والمناخي.. لماذا أزيلال أكثر هشاشة؟

إقليم أزيلال يتميز بطبيعته الجبلية، وتضاريسه الصعبة، مما يجعله أكثر عرضة لتداعيات التغيرات المناخية، لكن المشكل الحقيقي هو أن:

  • المشاريع لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية المناخية
  • لا يتم اعتماد تصاميم مقاومة للسيول أو التصريف الطبيعي للمياه
  • لا توجد سياسة استباقية للحد من الكوارث الطبيعية

 الجهات المسؤولة تسابق الزمن.. هل تتدارك الوضع؟

في ظل الضغط الإعلامي والاحتجاجات الشعبية، سارعت السلطات المحلية لإرسال فرق تقنية لإصلاح الطرق المتضررة، وفك العزلة المؤقتة، لكن وفق مراقبين:

  • “الإصلاح الحالي مجرد ترقيع مؤقت لن يصمد أمام الأمطار المقبلة”.

والسؤال الأهم: هل هناك نية سياسية لإعادة النظر في مقاربة التنمية بالمنطقة؟ أم أننا سننتظر الفاجعة التالية؟

 توصيات لحل جذري:

إعادة تقييم شاملة لجميع مشاريع البنية التحتية المنجزة منذ 2015.

  • إلزام المقاولات بتنفيذ المعايير الدولية في البناء القروي.
  • ربط أي مشروع مستقبلي بدراسة تأثير المناخ والتربة.
  • فتح باب الشكايات الشعبية الرقمي لرصد جودة المشاريع.
  • استحداث وحدة تدخل دائم خاصة بالأقاليم الجبلية.
  • إطلاق منصة شفافية تتبع الأشغال العمومية لكل جماعة.

 خاتمة: ما بعد الكارثة.. هل يكون درسًا؟
سيول أزيلال كشفت أن الخلل أكبر من مجرد أمطار، بل هو أزمة حوكمة، وشفافية، ورقابة، وغياب البوصلة في مشاريع التنمية القروية.
وإذا لم تتحول هذه الكارثة إلى نقطة انطلاق لإصلاح حقيقي وشامل، فإن القادم سيكون أسوأ.

رحم الله من تضرر، وحفظ أهل الأطلس وسكان أزيلال، ونتمنى أن تتحول المأساة إلى نقطة وعي لا تُنسى.

منى الشريف

كاتبة متعددة المواهب، تمتلك قدرة استثنائية على الغوص في أعماق المعرفة واستكشاف مختلف جوانب الحياة. تتميز بأسلوبها السلس والمشوق، وقدرتها على تبسيط المفاهيم المعقدة وتقديمها للقارئ العربي بأسلوب سهل الفهم. تغطي منى طيفًا واسعًا من المواضيع، بدءًا من القضايا الاجتماعية والسياسية وصولًا إلى العلوم والتكنولوجيا والفنون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !