تفاصيل قضية تزوير خطيرة تهز الكويت: سبب سحب جنسية 66 شخصاً من ملف واحد يكشف شبكة متجذرة منذ الستينات

في مشهد درامي أشبه بمسلسل تحقيقات، فجّرت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في الكويت مفاجأة مدوية نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن قررت سحب الجنسية من 66 شخصاً دفعة واحدة. والسبب؟ ملف واحد فقط تبيّن أنه يحتوي على عدد ضخم من الأسماء التي دخلت سجل الجنسية عن طريق التزوير الممنهج، منذ عقود.

هذه القضية ليست كغيرها. إنها تكشف شرايين ممتدة من الخداع، والتسلل إلى جسد الدولة، عبر ورقة صغيرة تحمل اسم “جنسية”. لكن خلف تلك الورقة، يقبع تاريخ طويل من التزييف، والعلاقات المتشابكة، وأسرار ربما لم تُكشف بعد.

البداية من الستينات.. سبب سحب جنسية 66 شخصاً في الكويت

تبدأ القصة بشخص متوفى، كان قد سُجّل كمواطن كويتي منذ الستينات بموجب المادة الأولى من قانون الجنسية. بدا حينها كأي مواطن كويتي آخر. عمل في القطاع النفطي، أنجب أبناء التحق بعضهم بوظائف مرموقة في الدولة، في وزارات الداخلية والتربية والكهرباء. لكن الحقيقة كانت تختبئ خلف تلك “الورقة الرسمية” لعشرات السنين.

ومع الوقت، ومع تطوير أدوات التحقيق، ومع إعادة فحص الملفات القديمة، بدأ خيط الشك يتسلل إلى هذا الملف تحديدًا. كيف حصل هذا الشخص على الجنسية؟ ما أصوله الحقيقية؟ لماذا لا تتطابق بعض الوثائق مع السجلات؟

هذه الأسئلة لم تعد تمر مرور الكرام، خصوصاً في ظل سياسة الحكومة الحالية لمكافحة التزوير، والتأكد من نزاهة كل ملف جنسية على حدة.

خيوط الشك تتقاطع.. والتحقيق يبدأ

بناءً على بلاغات وتقارير مشبوهة، تحرّك قطاع مباحث الجنسية للتحقيق في الموضوع. بدأ البحث في خلفيات الأبناء، في مصدر أوراقهم، في سجل العائلة. وشيئاً فشيئاً، ظهرت أول خيوط القضية.

اكتشفت السلطات أن أبناء هذا الشخص المزوِّر لديهم عم يعيش في الكويت، ويحمل الجنسية السورية، وينحدر من قرية في منطقة البوكمال السورية. هذا الاكتشاف كان كفيلاً بإعادة فتح الملف بالكامل، خصوصًا وأن الشخص المزوّر كان يُفترض به أن يكون كويتي الأصل، بحسب بياناته الرسمية.

ولم يتوقف الأمر هنا.

الحمض النووي يفجر المفاجأة

تم استدعاء العم السوري للتحقيق، وخضع لفحص الحمض النووي (DNA)، ليتبين بما لا يدع مجالاً للشك، أنه الشقيق البيولوجي للشخص المتوفى.

وهذا وحده، أسقط الستار عن حقيقة القضية: جنسية مزورة دخلت النظام منذ أكثر من 60 عامًا، واستفاد منها عشرات الأشخاص دون وجه حق.

أبناء وأحفاد وموظفون.. الدولة كانت تخدمهم باسم جنسية مزيفة

ما يجعل القضية أكثر تعقيدًا، هو أن أبناء الشخص المزوّر لم يكونوا مواطنين على الورق فقط، بل كانوا موظفين رسميين في مؤسسات الدولة.

بعضهم في الداخلية، وآخرون في التربية، بل حتى قطاع الكهرباء لم يسلم من هذه الشبكة.

هذه الأسماء لم تكن مجهولة، بل كانت فاعلة. تتقاضى رواتب، تشارك في برامج الدولة، وربما تحمل مناصب قيادية. وهنا تظهر الخطورة الحقيقية: كيف استطاع هذا الملف أن يمر دون كشف طوال هذه السنوات؟

زوجة العم.. قصة أخرى من التزوير!

وفي أحد فصول هذا الملف المثير، اتضح أن زوجة العم السوري كانت هي الأخرى قد حصلت على الجنسية الكويتية بالتزوير. وتم سحبها منها عام 2024.

القصة لا تقف عند هذا الحد، فهذه السيدة هي ابنة لرجل سُحبت جنسيته هو الآخر عام 2001، أي أن جذور التزوير ممتدة على الأقل لثلاثة أجيال.

وقد استعادت المرأة الجنسية لاحقًا عام 2012 عبر مسار “الأعمال الجليلة”، ولكنها لم تلبث أن فُقدت مجددًا في 2024، بعد إعادة التحقيق في ملف العائلة.

ما كشفه التحقيق: ملفات قابلة للانفجار

بحسب مصادر مطلعة، فإن الملف الذي يعود إليه هؤلاء الأشخاص ظل قيد التحقيق المستمر منذ سنوات، خاصة بعد سحب جنسية أحد المنتسبين إليه في نوفمبر الماضي.

هذا يسلط الضوء على آلية اللجنة العليا لتحقيق الجنسية التي لا تكتفي بسحب الجنسية من اسم معين، بل تقوم بتوسيع التحقيق إلى باقي الأفراد في نفس الملف.

إنه أشبه بـ”تحقيق في شبكة عائلية”، يتم من خلاله تقصي الحقائق، ومعرفة من سُجل بناءً على علاقة دم حقيقية، ومن دخل النظام عبر التزوير.

من هو الشخص الذي بدأ كل شيء؟

رغم أن الهوية الحقيقية للشخص المزوِّر لم تُعلن رسميًا، إلا أن بعض التسريبات تشير إلى أنه قدم نفسه كمواطن كويتي في الستينات خلال موجة التجنيس الأولى، واعتمد على أوراق مزورة ربما كانت كافية في ذلك الوقت، قبل وجود قواعد البيانات المتطورة أو فحوصات الحمض النووي.

ما يجعل قضيته خطيرة، هو أنه استطاع أن يؤسس وجودًا عائليًا كاملاً مبنيًا على وثائق مزيفة، وهو ما جعل أبناؤه يُعاملون كمواطنين أصليين دون أن يعرف أحد بالحقيقة.

كيف يمكن للجنسية أن تصبح أداة للفساد؟

في بيئة تشهد تنافسًا على الفرص، قد تكون الجنسية وسيلة للوصول إلى:

  • وظائف حكومية لا تُتاح لغير المواطنين.
  • امتيازات سكنية وصحية وتعليمية.
  • تسهيلات تجارية ورخص أعمال.

كل ذلك يجعل بعض الأفراد والجماعات يسعون للحصول على الجنسية بأي طريقة ممكنة، ولو عبر التزوير، خصوصًا في دول الخليج حيث تُمثل الجنسية “بابًا للفرص”.

اللجنة العليا.. سيف العدالة على ملفات التزوير

تواصل اللجنة العليا عملها بدقة، ويُعتقد أن سحب الجنسية من 66 شخصاً ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة تدقيق موسع قد يطال المزيد من الملفات.

وتشمل مراجعات اللجنة الملفات التي تتعلق بـ:

  • التزوير المباشر في المستندات.
  • التجنيس عبر الوساطة أو الاحتيال.
  • الازدواجية في الجنسية (عدم الإفصاح عن جنسيات أخرى).
  • استغلال مسارات “الأعمال الجليلة” بدون وجه حق.

هل ستكون هناك ملاحقات قانونية؟

من غير الواضح بعد إن كانت الدولة ستُلاحق الأشخاص المعنيين قضائيًا لاسترداد ما تلقوه من مزايا أو رواتب على مدار السنوات.

لكن المؤكد أن سحب الجنسية يُسقط عنهم كل الامتيازات السابقة، وقد يؤدي إلى:

  • فصلهم من وظائفهم الحكومية.
  • فقدان حقوقهم السكنية أو العلاجية.
  • ترحيلهم في حال لم يكن لديهم إقامة قانونية بديلة.

الرأي العام.. مؤيد أم معترض؟

  • الشارع الكويتي تفاعل مع القرار بين مرحّب ومتحفظ.
  • البعض يرى أن “العدالة تأخرت لكنها جاءت”، ويُطالب بتوسيع التحقيق ليشمل ملفات أخرى مشكوك فيها.
  • في المقابل، هناك من يطرح تساؤلات حول مصير أبناء هؤلاء المزوِّرين، الذين وُلدوا في الكويت، ونشأوا كمواطنين دون علمهم بالتزوير.

النهاية ليست هنا.. القضية مستمرة

هذه القضية هي مجرد فصل واحد من فصول عديدة بدأت تتفكك أمام مجهر الدولة. ومع كل تحقيق، يظهر المزيد من الأسماء، والعلاقات، والأوراق.

قد لا تكون هذه آخر مرة نسمع فيها عن سحب جماعي للجنسية، فالدولة عازمة على تنظيف سجلها المدني من أي شوائب، وإعادة تعريف مفهوم “المواطنة” بمعناه الحقيقي.

“من الستينات حتى 2025.. كيف تم كشف ملف جنسية مزور هز الكويت؟”

“قضية هزت الرأي العام: 66 جنسية سُحبت من ملف واحد!”

“شبكة تزوير تتوارث الجنسية منذ عقود.. التحقيقات تكشف المستور”

“الحمض النووي يكشف الحقيقة: هوية مزيفة تفتح ملف سحب 66 جنسية”

“كيف تحوّل ملف واحد إلى قضية رأي عام؟ سحب الجنسية في الكويت”

“من قطاع النفط إلى الداخلية.. جنسيات مزورة اخترقت مؤسسات الدولة”

ريم عبد العزيز

كاتبة متألقة تتمتع بروح حرة وشغف لا ينضب بالاستكشاف. تجذب قراءها بأسلوبها العفوي والصادق، وقدرتها على نسج القصص التي تلامس القلوب وتثير التفكير. تتناول سلمى في كتاباتها مواضيع متنوعة، من قضايا الهوية والانتماء إلى قضايا البيئة وحماية الحيوان، وتسعى دائماً إلى تسليط الضوء على الجوانب الإنسانية في كل قصة ترويها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !