أسباب وفاة الشاعر اليمني عبدالرقيب الوجيه.. تفاصيل الرحيل وصدى القصيدة
في الرابع من أبريل لعام 2025، توقف قلب شاعرٍ حمل على عاتقه هموم وطنه، وصدح صوته بالحقيقة في زمن عزّ فيه الصدق. إنه الشاعر اليمني المعروف عبدالرقيب الوجيه، الذي غادر الحياة بعد رحلة حافلة بالعطاء الأدبي، إثر جلطة دماغية مفاجئة، لتخسر اليمن صوتًا شعريًا لطالما عبّر عن الكرامة، المقاومة، والهوية الوطنية.
لم يكن عبدالرقيب الوجيه شاعرًا عابرًا في ساحة الأدب، بل كان أيقونةً ثقافيةً يتردد صدى كلماته بين الأحياء والجبال. قصائده لم تكن مجرد أبيات مرصوفة، بل كانت نداءً حيًّا للفخر والانتماء، وعنوانًا لنضال شعبه في وجه التحديات.
رحيله أثار موجة من الحزن العميق بين محبّيه، الذين عرفوه من خلال كلماته، ومن خلال مواقفه التي لم تتزحزح عن الحق. وقد نعاه اتحاد الشعراء والمنشدين، وانتشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي، مع وسم #عبدالرقيب_الوجيه، الذي تصدّر الترند اليمني والخليجي.
وفي هذا المقال، نستعرض معًا تفاصيل وفاة عبدالرقيب الوجيه، سيرته الذاتية، أبرز قصائده، إرثه الفني، والأثر الذي تركه في المشهد الثقافي اليمني والعربي. رحلة تأخذنا إلى حياة رجل عاش بشعره، ومات كما يليق بالشعراء الكبار: بصمتٍ، لكن بصدى لا ينطفئ.
سبب وفاة عبدالرقيب الوجيه الشاعر اليمني
في صباح الجمعة، السادس من شوال 1446 هـ، الموافق الرابع من أبريل/ نيسان 2025، أعلن اتحاد الشعراء والمنشدين اليمنيين عن خبر وفاة الشاعر عبدالرقيب علي عبدربه الوجيه، الشهير بلقب “أبو جمال الوجيه”، وذلك إثر إصابته بجلطة دماغية مفاجئة أدت إلى وفاته على الفور.
وبحسب المنشورات المتداولة على منصة X (تويتر سابقًا)، فإن الشاعر كان قد عانى من أعراض صحية متقطعة خلال الأسابيع الأخيرة، لكنه واصل نشاطه الإبداعي حتى الأيام الأخيرة من حياته، مما جعل خبر وفاته صادمًا لمتابعيه ومحبيه في أنحاء اليمن وخارجها.
وقد نعاه الآلاف من اليمنيين، مؤكدين أن رحيله لا يُعد خسارة فردية، بل فاجعة ثقافية حقيقية، لما كان يمثله من رمزية وطنية وصوت أدبي حر.
من هو عبدالرقيب الوجيه؟ السيرة الذاتية لشاعر المقاومة
الاسم الكامل:
عبدالرقيب علي عبدربه الوجيه
اللقب الأدبي:
أبو جمال الوجيه
الجنسية:
يمني
المهنة:
شاعر وأديب متخصص في الزوامل الوطنية والقصائد الثورية
التخصص الأدبي:
الشعر الشعبي، الزوامل، القصائد الوطنية
اللغة والأسلوب:
استخدم اللغة العامية اليمنية الممزوجة بالفصاحة، وارتكز أسلوبه على التكثيف البلاغي والرمزية القبلية، مع التوظيف الدقيق للمفردات التراثية.
القضايا التي تناولها:
- الهوية اليمنية
- النضال الوطني
- الكرامة القبلية
- المقاومة في وجه العدوان
- الفخر بالشعب والتراث
أبرز أعمال عبدالرقيب الوجيه
رغم قلة التوثيق الرسمي لأعماله الشعرية في دواوين مطبوعة، فإن قصائده نُشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام والمهرجانات الشعبية، ومن أبرزها:
1. “قبايل البيضا”
قصيدة شهيرة تعكس وحدة القبائل اليمنية وشجاعتها في الدفاع عن الأرض والعرض، وقد أصبحت أيقونة في الأعراس والمناسبات الوطنية.
2. “عاصف الحق”
قصيدة ملحمية تتناول معاني الثورة والحق في وجه الظلم، استخدم فيها الشاعر لغة ملتهبة ووزنًا إيقاعيًا سريعًا، ما جعلها تُغنّى في مهرجانات المقاومة.
3. “خُطى الجدود”
عمل شعري طويل تناول فيه الشاعر التاريخ اليمني ومآثر الأجداد، مُقارنًا بين الحاضر والماضي، ومحفزًا الشباب على استعادة القيم.
4. زوامل المناسبات القبلية
شارك الشاعر في العديد من التجمعات القبلية والمناسبات السياسية عبر الزوامل، وهو شكل شعري يمني خاص يُعبّر فيه الشاعر عن مواقف قومه بصوت شعبي جماهيري.
بصمة شعرية لا تُنسى: ماذا قدّم عبدالرقيب الوجيه للمجتمع؟
لم يكن عبدالرقيب الوجيه مجرد شاعر يُلقي قصائد على منصات المناسبات، بل كان صوتًا ناطقًا باسم الشعب، ومدافعًا شرسًا عن الكرامة اليمنية في مواجهة الحروب والمحن.
أبرز ما قدّمه:
- تعزيز الهوية اليمنية من خلال الشعر.
- بثّ روح النخوة والتكافل في المجتمعات القبلية.
- تقديم صورة إيجابية عن الشعر المقاوم بعيدًا عن التبعية.
- الدفاع عن القيم الثقافية اليمنية في مواجهة العولمة والانحدار.
- ترك إرثًا من الزوامل التي تُستخدم حتى اليوم في الفعاليات الشعبية.
ماذا قال عنه محبوه بعد وفاته؟
“بفقده، خسرنا الشاعر الذي كان إذا صمت السياسيون، نطق هو بما نخشاه.”
— أحد المنشدين اليمنيين
“كان لسانًا ناطقًا باسم المظلومين، ومجددًا حقيقيًا في الزامل الشعبي.”
— باحث في التراث اليمني
“وفاته فجّرت فينا حنينًا إلى زمن كانت فيه الكلمة تُرعب الطغيان.”
— ناشط يمني على منصة X
تفاعل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي
تصدر هاشتاق #عبدالرقيب_الوجيه الترند على منصة X، حيث شارك الآلاف من محبيه مقاطع من قصائده، صورًا له في المهرجانات، ومقتطفات من الزوامل التي كتبها. وكان لافتًا أن كثيرًا من الشباب الذين لم يعاصروه شخصيًا، أعادوا اكتشافه بعد وفاته، ما يعكس امتداد تأثيره إلى أجيال جديدة.
تكريم رمزي: هل يُوثّق إرثه؟
تتجه بعض المبادرات الثقافية حاليًا إلى جمع أعمال الشاعر في ديوان شعري يُوثّق سيرته وأعماله، كما دعا مثقفون يمنيون إلى:
- إطلاق اسمه على أحد المراكز الثقافية أو المدارس.
- تخصيص مسابقة شعرية باسمه لتخليد ذكراه.
- إنتاج فيلم وثائقي عن حياته وأعماله.
لماذا يهمنا عبدالرقيب الوجيه اليوم؟
في زمن يشهد الكثير من الشعراء تحولًا نحو الترفيه أو الابتعاد عن القضايا الكبرى، تبرز تجربة عبدالرقيب الوجيه كمدرسة للشعر المقاوم الملتزم، الذي لا ينفصل عن حياة الناس، بل يعيش بينهم، ويتكلم بلغتهم، ويعبّر عن وجدانهم.
هو مثال حي على أن الشاعر الحقيقي هو من يحيا لأجل قضيته، ويكتب بضمير حي، لا بحثًا عن مجد شخصي، بل عن أثر خالد في الذاكرة الجمعية.
الختام: مات الشاعر، وعاشت كلماته
عبدالرقيب الوجيه، الذي توفي في 4 أبريل 2025 إثر جلطة دماغية، رحل بجسده، لكنه ترك وراءه مكتبة حيّة من القصائد والزوامل التي تخلّد فكره وروحه. لقد أثبت أن الشعر اليمني لا يموت، بل يتحوّل إلى تراث يُنقل بين الأجيال، ويُستدعى في اللحظات المفصلية من حياة الأوطان.
وإذا كان الشعراء لا يُقاسون بعدد القصائد، بل بقوة وقع كلماتهم في الضمير الجمعي، فإن عبدالرقيب الوجيه سيبقى حيًا في الذاكرة اليمنية، لأن كلماته لم تكن حبرًا، بل كانت دمًا ينزف فخرًا ووطنية.