وداعًا رزيقة طارش: سيدة الإعلام الإماراتي إلى مثواها الأخير

خيم الحزن العميق صباح الجمعة 4 يوليو / تموز 2025 على المجتمع الإماراتي والخليجي بوفاة قامة فنية وإعلامية كبيرة. إذ توفيت الفنانة الإماراتية القديرة رزيقة طارش عن عمر ناهز 71 عامًا، تاركة وراءها سيرة مهنية ناصعة، ومسيرة حافلة بالعطاء والنجاحات والإنجازات التي لم تقتصر على الفن فقط بل امتدت لتشمل الإعلام والثقافة.

جاء خبر وفاة رزيقة طارش صادمًا للكثيرين، ممن عرفوها صوتًا مؤثرًا في الإذاعة وشخصية محببة على الشاشة وأيقونة نسوية ألهمت أجيالًا من الفتيات الإماراتيات، حيث ارتبط اسمها بتاريخ تأسيس الإعلام المحلي ومسرح الإمارات ودراماه الأولى.

في الأيام الأخيرة من حياتها، دخلت الفنانة المخضرمة المستشفى إثر وعكة صحية ألمّت بها فجأة، وبعد أيام من الرعاية المكثفة فارقت الحياة بهدوء وسكينة، تاركة جمهورها ومتابعيها في حالة حزن عميق.

وفيما يلي، يقدّم لكم موقع عرب ميرور تقريرًا موسعًا وحصريًا عن سبب وفاة الفنانة رزيقة طارش مع استعراض مفصل لمسيرتها التي لا تتكرر، وأهم أعمالها ومحطاتها الإنسانية والمهنية.

كما نكشف لكم قصصًا من كواليس حياتها لم تُروَ كثيرًا، وكيف أسست لمرحلة جديدة للإعلام والتمثيل النسائي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

سبب وفاة الفنانة رزيقة طارش الحقيقي

بحسب مصادر مقربة من العائلة الفنية الواسعة للفنانة الراحلة، فإن سبب وفاة الفنانة رزيقة طارش يعود إلى تدهور مفاجئ في حالتها الصحية نتيجة مضاعفات مرض مزمن كانت تعانيه منذ سنوات، لكنه لم يكن ظاهرًا لجمهورها ومحبيها، إذ حرصت دائمًا على الظهور قوية ومفعمة بالطاقة.

وأفاد مصدر عائلي أنها تعرضت قبل أيام من وفاتها لأزمة حادة نقلت إثرها إلى المستشفى، حيث حاول الأطباء إنقاذ حياتها، لكن حالتها الصحية تدهورت بسرعة رغم تلقيها أفضل سبل الرعاية الطبية حتى فارقت الحياة صباح الجمعة.

وقد اكتفت العائلة بالتصريح بأن مرضها كان متعلقًا بمضاعفات في الجهاز التنفسي وتقدم العمر، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية، احترامًا لخصوصيتها وتاريخها الطويل في العطاء.

من هي رزيقة طارش: سيرة ومسيرة

رزيقة طارش هي واحدة من أبرز الرموز النسائية في الفن والإعلام الإماراتي. ولدت عام 1954 في إمارة أبوظبي، وبدأت خطواتها الأولى في سن مبكرة عندما شاركت عام 1964 بأداء قصص قصيرة ضمن برنامج إذاعي اجتماعي، لتلفت الأنظار سريعًا بموهبتها الكبيرة وحضورها الآسر خلف الميكروفون.

انضمت رسميًا إلى إذاعة أبوظبي عام 1969 لتكون ضمن النواة المؤسسة للإعلام الإماراتي الحديث، وقدمت برامج اجتماعية وثقافية حازت متابعة واسعة، من بينها برنامج “المرأة” الذي ناقش قضايا الأسرة والمرأة الإماراتية بطريقة توعوية رائدة في تلك الحقبة.

ثم انتقلت في سبعينيات القرن الماضي إلى شاشة التلفزيون، حيث قدمت عددًا من البرامج الحوارية والثقافية والاجتماعية الناجحة، قبل أن تخوض غمار التمثيل وتثبت موهبتها الدرامية الاستثنائية التي جعلتها ضيفة دائمة على بيوت المشاهدين.

أبرز محطاتها الفنية: أعمال خالدة صنعت اسمها

على مدار مسيرتها التي امتدت لأكثر من 50 عامًا، قدمت رزيقة طارش أعمالًا مسرحية ودرامية وتلفزيونية عديدة تركت بصمة لا تمحى من ذاكرة المشاهد الإماراتي والخليجي، أبرزها:

  • مسلسل أشحفان: الذي رسخ مكانتها كوجه درامي محبوب في الإمارات.
  • حاير طاير: من أنجح الأعمال الكوميدية الاجتماعية التي ناقشت قضايا المجتمع بأسلوب بسيط وعميق.
  • طماشة: سلسلة شهيرة قدمت خلالها أداءً مميزًا أثبت قدرتها على الكوميديا الراقية.
  • سعيد الحظ، حظ يا نصيب، القياضة: أعمال درامية ناقشت قصصًا إنسانية واجتماعية أثرت في جمهورها.
  • عجيب غريب، سوالف، حبة رمل: أعمال متنوعة بين الدراما والكوميديا عززت مكانتها الفنية.
  • أفلام سينمائية: شاركت في أفلام مثل “عقاب”، “الخطبة”، و”ظل” لتثبت حضورها في السينما الإماراتية الناشئة.

مسيرتها على خشبة المسرح

كانت رزيقة طارش من الفنانات القلائل اللواتي جمعن بين الدراما والإذاعة والمسرح بنجاح مبهر. فقد شاركت بين عامي 1969 و1979 في خمس مسرحيات شهيرة، أبرزها: “الله يا الدنيا”، “الصبر زين”، و”تب الأول تحول”، وقدمت أدوارًا متنوعة بين الكوميديا والتراجيديا عكست موهبتها المتفردة.

رزيقة طارش والكتابة الدرامية

لم يقتصر إبداع رزيقة طارش على التمثيل والإعلام فقط، بل دخلت أيضًا مجال الكتابة الدرامية من أوسع أبوابه، حيث ألفت نصوصًا لمسلسلات عديدة، من أشهرها مسلسل “ناعمة ونعيمة” الذي شاركت فيه الفنانة سميرة أحمد والفنان أحمد الأنصاري. كما كتبت نصوصًا لمسلسلات اجتماعية هادفة مثل “عذاب الضمير” و”عتيجة وعتيج”، لتكون بذلك من القلائل الذين جمعوا بين التمثيل والتأليف في تاريخ الدراما الإماراتية.

آخر ظهور فني قبل وفاتها

رغم تقدمها في العمر ومعاناتها الصحية، ظلت الفنانة الراحلة وفيّةً للفن الذي عشقته حتى آخر يوم في حياتها، إذ ظهرت في رمضان 2020 في ثلاثة أعمال هي: “مفتاح القفل”، “بنت صوغان”، و”كنا أمس”، ما يعكس مهنيتها العالية وروحها التي لم تخضع لسنين المرض.

ردود الأفعال على وفاة رزيقة طارش

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات ومنشورات الرثاء فور إعلان وفاة الفنانة رزيقة طارش. نعاها فنانون كبار وإعلاميون ومثقفون، مؤكدين أن الساحة الفنية فقدت قامة كبيرة لا تتكرر، وأن رحيلها يمثل نهاية حقبة ذهبية في الإعلام والدراما الإماراتية.

وكتب الفنان الإماراتي أحمد الجسمي: “رحلت أختنا وأستاذتنا رزيقة طارش.. تركتِ لنا إرثًا لن ينسى”. أما الإعلامية صفية الشحي فقالت: “رزيقة طارش لم تكن مجرد فنانة، بل كانت أمًا لكل من عمل معها. رحمها الله وألهم أهلها الصبر”.

الفقرة الختامية: سيدة الشاشة وصوت الإذاعة الذي لا يموت

برحيل الفنانة رزيقة طارش، فقدت الإمارات أيقونة نسائية سطرت اسمها في تاريخ الإعلام والفن، وكسرت القيود الاجتماعية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتثبت أن المرأة الإماراتية قادرة على الإبداع والعطاء في أصعب الظروف.

ستبقى سيرتها مصدر إلهام لكل إعلامية وفنانة شابة تحلم بالنجاح، وسيظل صوتها يرن في أذن كل من عاصر برامجها الإذاعية، وصورتها باقية على شاشات الذاكرة العربية كإحدى الشخصيات المؤسسة للمشهد الثقافي الحديث في دولة الإمارات العربية المتحدة.

فيروز أحمد

كاتبة متميزة تمتلك حساً إبداعياً فريداً وقدرة على صياغة الأفكار بأسلوب شيق ومبتكر. تتقن فيروز فن السرد القصصي، وتتميز بقدرتها على نقل القارئ إلى عوالم مختلفة من خلال شخصياتها الواقعية وأحداثها المشوقة. تهتم فيروز بتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية الهامة، وتسعى دائماً إلى إثارة النقاش والتأمل من خلال كتاباتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !