معلومات عن تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر ويكيبيديا؟ .. من التغريد إلى ساحة القضاء

في تاريخ الرابع عشر من شهر حزيران/ يونيو  عام 2025، نفذت المملكة العربية السعودية حكم الإعدام بحق المواطن والصحفي تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر. إعلان رسمي هزّ الرأي العام، أعاد إلى السطح قضايا الأمن الرقمي والتخابر واستخدام المنصات الاجتماعية كسلاح سياسي موجه ضد الدولة.

اسم تركي الجاسر لم يكن جديدًا على المتابعين، فقد ارتبط منذ سنوات بحساب مثير للجدل على تويتر يُعرف باسم “كشكول”. لكن ما بدأ كمنصة نقد اجتماعي – وفق البعض – تحول في نظر الأجهزة الأمنية إلى تهديد وجودي، وتحديدًا في ظل الاتهامات بالتخابر مع جهات خارجية، وتمرير معلومات سيادية، وبث أفكار عدائية داخلية.

ما وراء كشكول.. الصحفي الذي تجاوز الخطوط الحمراء

تركي الجاسر لم يكن صحفيًا تقليديًا. فقد وظّف أدوات النشر الرقمي ليصوغ رسائل رمزية وتلميحات تتجاوز السقف المعتاد، مستخدمًا حسابًا مستعارًا هو “كشكول”، شكل غطاءً لما تصفه الجهات المختصة بأنه عمل “عدائي ممنهج”.

الخطير – وفق التقارير الأمنية – أن الحساب لم يقتصر على الآراء، بل كان نافذة تواصل غير مباشر مع منصات إعلامية خارجية، وشبكات تمويل ودعم إعلامي تُدار من دول إقليمية تسعى لزعزعة استقرار المملكة.

لحظة السقوط.. اعتقال في منتصف مارس 2018

في 15 مارس 2018، داهمت قوة أمنية منزل الجاسر في العاصمة الرياض. صودرت أجهزة إلكترونية، وجرى توقيفه بهدوء، دون ضجة. ثم اختفى الرجل عن المشهد، وبدأت على الفور فصول من الغموض والتكهنات، أبرزها شائعة وفاته تحت التعذيب، التي انتشرت حينها على منصات خارجية، قبل أن تنفيها الدولة رسميًا.

السلطات التزمت الصمت طيلة أشهر التحقيق، بحجة أن الملف “ضمن قضايا أمن الدولة العليا”، إلى أن أُحيل لاحقًا إلى المحكمة الجزائية المختصة بقضايا الإرهاب.

التهم: تخابر، تمويل، تحريض رقمي

وفق بيان وزارة الداخلية، فقد ثبت على الجاسر ارتكاب عدد من الأفعال الجرمية، من أبرزها:

  • التواصل مع أطراف خارجية تسعى للإضرار بأمن المملكة.
  • تلقي دعم مالي لتحريك حملات تشويه داخلية ضد الدولة.
  • نشر معلومات حساسة تتعلق بالشأن العام من خلال حسابات إلكترونية مخفية.
  • التحريض على الفتنة، والإساءة لرموز الدولة ومؤسساتها.

وتم إدراج القضية ضمن ملفات “الخيانة العظمى” و”الجرائم الإرهابية”، ما منحها طابعًا قضائيًا خاصًا ومتابعة سيادية مباشرة.

مسار المحاكمة.. ثلاث محطات قضائية

القضية عُرضت أولًا أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي حكمت بالإعدام تعزيرًا بعد الاطلاع على أدلة رقمية وفنية دقيقة. ثم أيدت محكمة الاستئناف الحكم، وصادقت عليه المحكمة العليا. وبعد استكمال المسار القضائي، صدرت الموافقة الملكية على التنفيذ.

وفي صباح يوم الجمعة 14 يونيو 2025، تم تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بحق تركي الجاسر في الرياض.

ما حقيقة حساب كشكول تويتر؟

حساب “كشكول” على تويتر لم يكن مجرد منصة تغريد، بل أداة تكتيكية، وفق وصف الجهات الأمنية، نُشرت عبرها معلومات حساسة، وتم الترويج من خلالها لأفكار تسعى لتقويض الأمن الوطني.

واللافت أن الحساب لم يكن معروفًا باسمه الحقيقي، لكنه جذب آلاف المتابعين، وتمكن من بناء جمهور ينتظر “رسائله المشفّرة”. تحليل خوادم الجاسر كشف ارتباط الحساب ببروكسيات في دول معادية، وإرسال بيانات متكررة إلى جهات خارج المملكة.

هل مات تركي الجاسر في 2018؟

الإجابة القاطعة جاءت مع تنفيذ حكم الإعدام بعد محاكمة مكتملة الأركان. الرواية التي تكررت منذ عام 2018 عن وفاة الجاسر تحت التعذيب ثبت أنها غير صحيحة. الدولة السعودية أكدت أن المتهم ظل حيًا، وأن القضية سلكت مسارها القانوني بكل مراحله.

ما جرى كان – وفق مراقبين – نموذجًا لتسويق روايات كاذبة من قبل خصوم المملكة، ضمن حملة تستهدف المؤسسة القضائية والأمنية السعودية.

الفضاء الرقمي ليس حصنًا آمنًا

قضية الجاسر فتحت الباب مجددًا حول خطورة الحسابات المستعارة على مواقع التواصل. إذ يرى مختصون أن الأنشطة الرقمية التي تتجاوز حدود النقد البناء إلى المساس بأمن الدولة لا تقل خطورة عن الأعمال المسلحة، بل قد تكون بوابة لتأجيج الرأي العام وتغذية التطرف الفكري.

السعودية، من جانبها، رسّخت مبدأ أن الحماية لا تقتصر على الحدود البرية، بل تشمل المجال الرقمي، عبر تشريعات صارمة، وتحديث مستمر لقدراتها في الأمن السيبراني.

ردود الأفعال: الداخل يتفق، الخارج يختلف

في الداخل السعودي، غلبت نغمة التأييد لتنفيذ الحكم، باعتباره رسالة ردع لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بوحدة الدولة وأمنها. أما بعض المنصات الحقوقية الغربية، فقد اعتبرت أن الحكم “قاسٍ”، و”مرتبط بحرية التعبير”، وهو ما رفضته السلطات السعودية جملة وتفصيلًا.

الخلاف هنا ليس حول التفاصيل، بل حول تعريف “حرية التعبير” وحدودها، خاصة عندما تتحول إلى غطاء للتمويل الخارجي، وتجنيد الرأي العام لمصالح أجنبية.

خاتمة: كشكول.. حساب أغلقته العدالة

قضية تركي الجاسر تختصر مرحلة كاملة من التحديات الرقمية التي واجهتها السعودية، وتؤكد أن الدولة لم تعد تتسامح مع “المنصات المعادية”، سواء أدارها أشخاص أو مجموعات.

كشكول.. حساب بدأ كتغريد، وانتهى بإعدام. وبين البداية والنهاية، قصة طويلة من التخابر، المعلوماتية السوداء، والرد الصارم.

منى الشريف

كاتبة متعددة المواهب، تمتلك قدرة استثنائية على الغوص في أعماق المعرفة واستكشاف مختلف جوانب الحياة. تتميز بأسلوبها السلس والمشوق، وقدرتها على تبسيط المفاهيم المعقدة وتقديمها للقارئ العربي بأسلوب سهل الفهم. تغطي منى طيفًا واسعًا من المواضيع، بدءًا من القضايا الاجتماعية والسياسية وصولًا إلى العلوم والتكنولوجيا والفنون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !